strong>حزب اللّه يهاجم ولش ولارسن ويطالب بتغيير الثاني: وجهان لعملة واحدة
انتهى يوم العناق في ساحة النجمة، وبدأ «الخناق» حول «إعلان النيّات»، وسط تفاوت كبير في تقويم ما جرى في المجلس بين من يصفه «عراضة» للمعارضة، ومن يرى فيه مفصلاً يؤرّخ لما قبل 22 نيسان وما بعده... في انتظار ما بعده
إذا كان رئيس مجلس النواب نبيه بري قد نجح في «لاجلسة» الثلاثاء في تسجيل أهداف عدة في مرمى الموالاة، أبرزها كشف لامسؤوليته الحصرية عن التأجيلات السابقة، وتوفير حضور أكثري لنواب المعارضة على نواب الأكثرية، وفرض ربط ولو مؤقتاً بين تحديد موعد لجلسة جديدة للانتخاب والاتفاق على الحوار، وقبل كل ذلك تأكيد عدم إقفاله المجلس الذي استتبع، أمس، بترؤس الأمين العام للمجلس عدنان ضاهر اجتماعاً لأمناء سر اللجان النيابية لتنشيط أعمال اللجان... فإن حارس مرمى الحكومة وصلاحيات رئيس الجمهورية، الرئيس فؤاد السنيورة، حاول الحصول على «بنالتي» من خلال الاجتماع بشأن لبنان في الكويت، عبر مهاتفته وزراء خارجية السعودية سعود الفيصل، والإمارات عبد الله بن زايد، وإيطاليا ماسيمو داليما، لشكرهم على موقفهم الداعم للبنان، بحسب مكتبه الإعلامي.
وفي الرياض، وفي مؤتمر صحافي مع نظيره البريطاني ديفيد مليباند، دعا الفيصل للنظر إلى اجتماع الكويت «نظرة إيجابية»، رافضاً قول وزير خارجية سوريا وليد المعلّم، إنه «تدويل» لأزمة لبنان وقد «يعطّل الحل». وقال: «لا أدري كيف يمكن أن يكون اجتماع بشأن لبنان تدويلاً للقضية... والقضية مطروحة في الأمم المتحدة»، مضيفاً «أن جميع من حضروا، دون استثناء، أيّدوا المبادرة العربية، ويعرفون أنها قضية عربية».
من جهته، شدد المعلّم ونظيره الإيراني منوشهر متكي، إثر لقائهما في طهران، أمس، على أن حلّ أزمة لبنان «يجب أن يكون داخلياً وشاملاً وبعيداً عن أي وصاية خارجية، وباتفاق جميع الأطراف السياسية للخروج من الوضع الحالي». وقال متكي إن التدخلات الخارجية كانت من العوامل التي حالت دون حل الأزمة الرئاسية في لبنان.

«فصل من مسرحيّة تراجيديّة سيّئة الإخراج»

وفي لبنان، تواصلت ردود الفعل على ما جرى في مجلس النواب. فأعلن الوزير مروان حمادة، أن الموالاة ستجتمع وتعطي جواباً على مبادرة بري، «وقد يكون إيجابياً»، مردفاً أنها «ستأخذ في الاعتبار مواقف الحكومة والدول العربية والأوروبية الصديقة». وكرر النائب بطرس حرب، من السرايا، رفضه «الشروط التعجيزية»، قائلاً إن «ما يسميه (بري) إعلان نيّات، يتضمن حواراً بشأن شروط يجب أن تتوافر ليجتمع المجلس». ووصف حضور نواب المعارضة إلى المجلس بأنه «عراضة».
ووصف النائب عمار حوري ما جرى في البرلمان بأنه فصل «من مسرحية تراجيدية سيّئة الإخراج»، وقال إن طرح بري «ما زال ينطلق من فكرة المقايضة ما بين انتخابات رئاسة الجمهورية واحتلال وسط بيروت وإغلاق المجلس النيابي، مقابل شروط متغيّرة متبدّلة في سلة مثقوبة، كلما سقط منها شرط وضعوا فيها شروطاً جديدة». وقال النائب سمير الجسر، إن بري «لم يأت بأي جديد في كلامه»، وإن «حسن النيّات موجود لدى الجميع، ولا يستلزم إعلان النيّات ليتم بعد ذلك انتخاب الرئيس». ولوّح بأن خيار النصف زائداً واحداً «لم يسقط».
وتميّز النائب روبير غانم، بالتأكيد من بكركي، أن بري «هو الذي يدعو إلى الجلسات، وله الحق في التأجيل بالاتفاق مع رؤساء الكتل عادة»، رافضاً القول إنه وضع شروطاً لتحديد جلسة جديدة «لأنه قال إنه بعد يومين أو ثلاثة سوف يعيّن جلسة جديدة، وكلامه جاء لحثّ الذين لم يجاوبوه بشأن موضوع المشاركة في الحوار».
ورأت الجماعة الإسلامية أن التأجيل المتواصل للجلسات «أصاب اللبنانيين بالخيبة، لدرجة باتوا معها مقتنعين بأن النواب المقاطعين لهذه الجلسات غير جديرين وغير مؤتمنين على مصالح الوطن». وقالت: «إن تعميم التحركات التي انطلقت في عدد من المناطق المسيحية، قد يكون له نتائجه العملية، بحيث يستجيب النواب لضغوط قواعدهم الشعبية، ويقومون بواجبهم في انتخاب الرئيس التوافقي دون مماطلة أو تسويف».

«على الموالاة تلقّف بادرة حسن النيّة»وفي لقاء سياسي في صور، رأى النائب علي حسن خليل أن ما جرى في مجلس النواب «يختصر الواقع السياسي في البلد»، مردفاً أن بري «يحاول اختصار هذا الواقع بمشهد موحّد، وهو تلاقي الأفرقاء المختلفين على طاولة حوار حقيقية توفّر مخرجاً للأزمة الحالية، ولا يكون هذا الحوار بديلاً من الحوار الأوسع الذي يتناول القضايا الخلافية الكبرى، التي يجب أن تكون برعاية رئيس الجمهورية». وأكد أن المعارضة «ستبقى في موقع المحاور الصلب القادر على إقناع الطرف الآخر والمنفتح عليهوإذ دعا النائب ميشال موسى اللبنانيين إلى أداء دور أساسي في الحل، «وألا ينتظروا حلولاً قد لا تأتي، أو تسهيلاً قد لا يأتي بالمبادرات العربية وغير العربية»، شدد على أهمية الحوار لـ«فك المشاكل الموجودة وحلحلتها». وحض النائب نبيل نقولا الموالاة على «تلقّف بادرة حسن النية التي أبدتها قوى المعارضة» في المجلس، مشيراً إلى أن نواب تكتل التغيير والإصلاح أحجموا عن الدخول إلى القاعة العامة «لأننا نؤمن بأن انتخاب الرئيس يجب أن تتشارك فيه كل الأطراف». وقال النائب عباس هاشم إن طاولة الحوار «ستقوم حتماً عند أي متغيّر إقليمي يسمح بإعادة الرشد إلى هذه الفئة الضالة»، مضيفاً: «ما يرفضونه اليوم سيرجونه في الغد».
وكرر رئيس الحزب القومي علي قانصو، بعد زيارته على رأس وفد من الحزب للرئيس عمر كرامي، تأييد مبادرة بري، منبهاً إلى أن «البديل من الحوار هو استمرار الأزمة والتشنّج والاحتقان». واتهم معظم أقطاب الموالاة بأنهم «لا يريدون الحوار ولا الحلول، لأنهم لا يستطيعون الخروج عن قرار بعض الحكومات العربية التي لا تريد حلاً للبنان إلا بشروطها»، مبدياً عتباً على تحميل الحكومة السعودية المعارضة «مسؤولية استمرار الأزمة، خلافاً لحقيقة الأمور، وهذا ما يشير إلى أن المملكة أخذت تتحول طرفاً إلى جانب فريق 14 شباط».
كذلك استقبل كرامي رئيس الحزب الديموقراطي طلال أرسلان والوزير السابق ألبير منصور، ووفداً من اتحاد بيروت الكرامة برئاسة الشيخ خالد عثمان، الذي انتقد أيضاً رفض «بعض الأنظمة العربية المؤثّرة في السياسة اللبنانية» لـ«مبدأ الحوار بين اللبنانيين». وأعلن رئيس المركز الوطني للعمل الاجتماعي، كمال الخير، في بيان، وجود «معطيات عن مدى التدخل السعودي في شؤوننا الداخلية، وعن حجم الأموال التي تصرف من خزائن السعودية في الشمال وغيره، في محاولة للهيمنة على استقلال لبنان وقراره الحر».

«تقارير لارسن مصدرها إسرائيل وكتبة التقارير»

على صعيد آخر، أصدر حزب الله بياناً وصف فيه مساعد وزيرة الخارجية الأميركية ديفيد ولش وناظر القرار 1559 تيري رود لارسن، بأنهما «وجهان لعملة سياسية واحدة»، مشيراً إلى أن الأول «نصّب نفسه ناطقاً باسم اللبنانيين»، واتهمه بالتحريض على «ممثّلي غالبية الشعب اللبناني» و«تصنيفهم وفقاً لقربهم أو بعدهم عن سياسات إدارته»، إضافة إلى التحريض على نسف المبادرة العربية ومبادرة بري. وقال إن الثاني نصّب نفسه «وصيّاً على السياسة والاقتصاد والتحركات الشعبية وجلسات البرلمان والوضع الحكومي والبرامج التلفزيونية والعلاقات اللبنانية ــــ الفلسطينية واللبنانية ــــ السورية»، وإن تقاريره مشبوهة مصدرها «أسياده الإسرائيليون» و«كتبة التقارير الممتازون في قمة السلطة غير الشرعية في لبنان»، مضيفاً أن تقريره الحالي اقتصر «على معلومات من جهات هي طرف وخصم، وهذا ما يوضح كم هو مسيّس ومنحاز ومفتقر إلى الصدقية والدقة، ويسيء أول ما يسيء إلى صدقية الأمم المتحدة قبل غيرها». ولفت إلى أن تقليله من شأن الخروق الإسرائيلية «يظهر حجم تواطئه مع أولياء نعمته القدامى والمحدثين، مما يجعله موظفاً مشبوهاً ومتورّطاً في نظر اللبنانيين»، داعياً الأمم المتحدة إلى «أن تعتمد مبعوثين يتمتعون بالكفاءة والموضوعية والحيادية، إذا ما أرادت القيام بدور منصف وعادل في القضايا التي تتابعها».
كذلك هاجم رئيس تيار التوحيد، وئام وهاب، لارسن، وقال إن «لبنان منذ دخل هذا الرجل إلى ملفاته لم ير يوماً أبيض»، داعياً إلى رفض استقباله في لبنان لأنه «أصبح مصدر فتنة بين اللبنانيين، ويمثّل خطراً على السلم الأهلي»، كما دعا الأمين العام للأمم المتحدة «إلى اتخاذ خطوة جريئة بإعفاء هذا الموظف المحتال من مهامه لأنه تلقّى الكثير من الرشى في لبنان لتضليل الأمم المتحدة وضرب صدقيتها».
وفي مؤتمر صحافي في الشويفات، قال رئيس الحزب الديموقراطي طلال أرسلان، إن بيان قيادة الجيش بشأن مواقفه «يتضمن الكثير من التحامل علينا»، موضحاً أن انتقاده لبعض الضباط «ليس تحاملاً على المؤسسة العسكرية». وكرر شكواه من وجود «انحياز ضدنا وضد مناصرينا بشكل بات لافتاً للانتباه». كما كرر إعلان حيازته «أشياء خطيرة عمن يدور في فلك مدير المخابرات». وقال: «يبدو أن طموحات الرئاسة تضعف الذاكرة بقدر ما تضيّع البوصلة». وبرر اعتباره «أن صفة المرشح الوفاقي لم تعد متوافرة في قائد الجيش»، بتبنّي ترشيح الأخير «وبقوة ملحّة من الدول نفسها التي تتمسك بالسنيورة»، داعياً إياه إلى «أن يعود إلى موقع الوسط بين كل الأفرقاء اللبنانيين، لأن الفواتير التي توزّع يمنة ويسرة لن توصل إلى الرئاسة، ولن تخدم مصلحة لبنان». وجدد دعمه لوصول النائب ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية «أولاً وثانياً وعاشراً وحتى المئة، وبعدها يجري البحث في مرشحين جدد»، وقال: «العماد سليمان لم يتسع صدره لبعض الانتقادات، فكيف إذا جاء رئيساً للجمهورية، هذا إذا جاء؟». وشكك في مواقف جنبلاط الأخيرة الداعية إلى الحوار، قائلاً: «هذا الشخص له 600 إلى 1000 فصل في السنة، حتى تغيّرات الطقس لا تستطيع أن تضبط مواقفه».
وأمس، أصدرت مديرية التوجيه في قيادة الجيش بياناً ردّت فيه على من يتحدثون عن وجود علاقة للجيش بالتجاذبات السياسية القائمة في البلاد، وخصوصاً التحركات الشعبية المتصلة بالاستحقاق الرئاسي، أو لجهة التشكيك في الولاءات المذهبية للضباط، والانضباط والمسلكية العامة داخل المؤسسة العسكرية»، مؤكدة عدم وجود هذه العلاقة، «وأن ولاء العسكريين في كل الأحوال والظروف هو لمؤسستهم دون غيرها»، وأن القيادة «تستند في كل أدائها إلى نصوص الأنظمة والقوانين ومعايير الأهلية والكفاية والشفافية»، مهيبة «بالجميع، التحلّي بالمسؤولية الوطنية في تناول الأمور المتعلّقة بالمؤسسة العسكرية، وعدم زجّها في التجاذبات السياسية، حرصاً على كرامة عسكرييها وعلى دورها الوطني الضامن لوحدة الوطن وأمنه واستقراره».

«قرأ ما كُتب له دون أن يفهمه»

على صعيد حادثة زحلة، برز أمس اتهام ميشال معوّض، بعد زيارته البطريرك الماروني نصر الله صفير، المعارضة والنائب إلياس سكاف «وحزب الله تحديداً» بأنهم «شركاء في تغطية المجرم»، وقال إن مطلق النار جوزف الزوقي «موجود في الجنوب ويغطّيه حزب الله». وقد رفض مصدر مسؤول في الحزب، رداً على سؤال لإذاعة صوت الشعب، إعطاء أهمية لهذه التصريحات، واصفاً إياها بالخفيفة والسطحية، وبأنها غير صحيحة جملة وتفصيلاً، ولا تستحق الرد، مشيراً إلى أن معوض «قرأ ما كُتب له دون أن يفهمه».
وفيما أعلن سكاف أنه سيرد اليوم في مؤتمر صحافي يعقده في مقر الكتلة الشعبية، بزحلة، على كل الاتهامات والتساؤلات بشأن الحادثة، واصل حزب الكتائب اتهامه له بـ«القفز فوق الوقائع والحقائق المعروفة»، وقال إن ذلك «يرفع من نسبة الشكوك في أنه كان على الأقل على علم بالتخطيط لها (الحادثة) وبما حصل»، معلناً أنه «لن يقبل بأقل من تسليم الجناة»، وملوّحاً بأن «التمادي في تظهير الحقائق على غير ما هي عليه، كلّها أمور قد تؤدي إلى نفاد صبر الصابرين». كذلك كرر رئيس إقليم زحلة الكتائبي، إيلي ماروني، مطالبته بـ«تعليق المشانق للمجرمين»، داعياً إلى «رفع الغطاء عن الجناة، لأن الوقت بدأ يستنفد الأعصاب».