رنا حايكيطلّ الموظف برأسه من وراء الحاسوب، تتسلّل يده بين تلال الأوراق المكدسة أمامه ليطلب الرقم. «قدّيش بدّو الطّلب ليوصل؟». في الغالب تكون المدة 20 دقيقة، يتناول بعدها الموظف غذاءه المشبّع بالدهون وعيونه مسمرة إلى الشاشة أمامه. إنه اقتصاد الوقت. لا يقع اللوم على الشركات المصنعة للغذاء فقط، فهي تستجيب لسوق تتحكم به قيم اقتصادية واجتماعية عمادها السرعة. يتواطأ المستهلك أحياناً مع هذه المنظومة، فرغم إدراكه أن ما يدفعه ثمناً للوجبة السريعة قد يكفي لصنع طبخة صحية في منزله تكفيه يومين أو أكثر، يفضل تناول الوجبة السريعة، المتخمة بالدهون المشبعة رغم وعيه ارتفاع ثمنها وكثرة مخاطرها. فالعديد من المطاعم تستخدم زيت النخيل لإعداد هذه الوجبات، وهو أحد الأنواع القليلة من الزيوت النباتية التي تحوي معدلات عالية من الدهون المشبعة. ومن المعروف أن اللحوم لا تمثّل سوى 40% من الهامبورغر، ملك الوجبات السريعة، بينما تمثّل الباقي «فضلات» من أطعمة أخرى. أما المونوصوديوم غلوتاميت، الذي يستخدم في معظم الوجبات السريعة، فهو نوع من معززات الطعم، لم يثبت علمياً ضرره لكن يشتبه في تسببه ببعض العوارض كالصداع وتسارع ضربات القلب وضيق التّنفس والغثيان. تقدّر الدراسات العالمية أن ثلث حالات السرطان وأمراض القلب وحوالى 80% من حالات السكري ممكن الوقاية منها إذا تخلى الناس عن تناول الوجبات السريعة، وهو أمر بدأت تتداركه الولايات المتحدة، التي صدّرت هذا النمط الغذائي إلى البلدان النامية، تحت ضغوط جمعيات حماية المستهلك.
قد يبدو من الصعب على الموظف الذي تدفعه الضغوطات المادية والاجتماعية إلى الالتزام بساعات عمل كثيرة أو بأكثر من وظيفة واحدة، الالتزام باتباع نظام غذائي صحي، وأسلوب حياة صحي يتخلّله القيام ببعض التمارين الرياضية، إلا أن باستطاعته، على الأقل، أن يخفف من أضرار هذه الوجبات، عبر اختيار السّلطات والطّعام المشوي بدل المقلي،.