برج قلاويه ــ داني الأمينمصدر في مجلس بلدية برج قلاويه يقول: «لا أحد من الجنود يشتري من محالنا التجارية رغم كثرة عديدهم، فالجنود من الكتيبة الغانية، التي كانت تقيم في الموقع نفسه قبل حرب تموز، كانوا يتسوقوّن من هنا ويأخذون الهدايا لأقربائهم ويتواصلون مباشرة مع الأهالي، لكن الفرنسيين اليوم لا يراعون مصالح الأهالي، حتى أثناء عبورهم بدبابتهم الثقيلة والمزعجة التي قضت على جزء من الطرق المعبدة، خاصة على الطريق المؤدية إلى وادي الحجير، إضافة إلى شكاوى الأهالي المقيمين قرب المعسكر، وحوادث السير (حادثان كبيران في شهر واحد أديا إلى جرح ثلاثة مواطنين)، وإقفال الطريق الرئيسي للبلدة الذي يوصل قرى وبلدات عدة في ما بينها أحياناً كثيرة، بسبب عبور الآليات من موقع إلى آخر ملاصق يفصل بينهما الطريق الرئيسي».
على الطريق الرئيسي المذكور، فتحت محال تجارية كثيرة، أغلبها قديمة وقريبة من المركز العسكري ، لكنها «ما زالت صغيرة وبضائعها محدودة بسبب قلة المبيع». صاحب صالون للحلاقة يقول «لا يأتي الجنود الفرنسيون للحلاقة هنا، ولا لشراء حاجياتهم، فمركزهم مجهز بكل شيء، حتى العمال اللبنانيون الذين يريدونهم، يعملون داخل المركز».
وبمحاذاة الموقع «حارة» من ثمانية منازل، يبدو أن قاطنيها هم أكثر المتضررين من وجود القوات الفرنسية بالقرب منهم، فالمياه الآسنة الفائضة من الجور الصحية للموقع الفرنسي تملأ شارع الحارة الرئيسي، إضافة إلى أصوات الدبابات المزعجة والطائرات المروحية لأكثر من مرة في اليوم.
ريان عليق هي طفلة في الثانية من عمرها، ترتعب كثيراً عند هبوط الطائرة المروحية، وتقول أمها إنها تختبئ وترتجف عند سماعها صوت الطائرة التي تهبط على بعد أمتار من منزلنا. أما والدها أبو فادي فيقول: «أكثر ما يزعجنا هو أصوات الدبابات المجنزرة التي تهز المكان، وتعبر بأعدادها الكبيرة ليلاً نهاراً بالقرب من البيوت، رغم وجود طرقات أخرى بعيدة يمكن استخدامها للعبور. أما المجارير فلا حاجة للحديث عنها، لأنها تملأ الطريق وتفوح رائحتها يميناً وشمالاً، ناهيك عن غبار الدبابات والمروحيات، وكان بعض الجنود الذين يتمركزون على حدود حقولنا الزراعية، يشربون البيرة ويبولون في القناني ويرمونها في أراضينا، لكن المختار طلب من ضابطهم التوقف عن ذلك فوعده
خيراً».
أحد أصحاب المنازل المجاورة للموقع سأل: «كيف يتحدثون عن الحضارة الفرنسية، والجنود الفرنسيون لا يبالون بجيرانهم، بل يبولون في القناني ويرمونها بقربنا، وتفيض جورهم الصحية، فيجرّونها بواسطة قسطل بلاستيكي إلى الطريق الرئيسي لحارتنا، وعندما نطلب منهم تأمين المياه أو الكهرباء لنا، لكون مولداتهم الكهربائية تزعجنا طوال الليل والنهار، لا يفعلون ذلك، رغم أنهم تسببوا بقطع توصيلات الكهرباء والماء أثناء حفرهم وتوسيعهم للموقع، ولم يعمدوا إلى إصلاح الأعطال، فبقيت الكهرباء مقطوعة طوال 6 أشهر إلى أن أصلحها الموظفون
اللبنانيون».
أما المزارعون فيشكون من الغبار الناجم عن الحفريات في الموقع العسكري، ويقول أبو فادي عليق «شتلة التبغ تتضرر كثيراً من الغبار، وطالبنا الفرنسيين بمراعاة ذلك»، لكن أحد الضباط عزا المشكلة إلى «الهواء الذي يبعث الغبار إليكم».