نادر فوزأدّت «الاستخارة» الأخيرة لرئيس كتلة اللقاء الديموقراطي، النائب وليد جنبلاط، إلى تهدئة الأوضاع السياسية والانفتاح على المعارضة وأحد أركانها الرئيس نبيه بري. وأثارت الأضواء الإعلامية والسياسية التي سلّطت على اللقاء الذي جمع جنبلاط وبرّي يوم أوّل من أمس، موجة من التساؤلات عن موقف الزعيم الاشتراكي من مختلف القضايا المطروحة وأهمّها الحوار: يبدو أنّ «الاشتراكيّي رافقين».
الموقف الأخير لجنبلاط ليس نتيجة «استخارة»، ولا خلاصة نزع أوراق زهرة الربيع، بل نتيجة سلسلة من محاولات الاتّصال بالسوريين منذ أكثر من أسبوعين، فكانت زيارة مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى، دايفيد ولش، لكبح نزعة جنبلاط التسووية. ويتحدّث بعض المطّلعين على سير العملية السياسية في المختارة عن أنّ الهمّ الأول لجنبلاط اليوم هو قانون الانتخاب، «بعدما تأخر الوقت على تنفيذ القضايا الأخرى».
تؤكّد جهة معارضة أنّ لقاء جنبلاط ــ بري سبقته اتّصالات عديدة بين الطرفين، طرح خلالها الزعيم الاشتراكي إمكان التواصل المباشر مع السوريين. وتتابع الجهة أنّ بري رفض أن يكون مرسالاً بين الطرفين المتخاصمين، مشدداً على أنّ رئيس المجلس لم ينقل ولا إشارة إلى دمشق، «رافضاً الدخول في مصالحات لا تصمد إلا لساعات».
وفيما يعرب المقرّبون من جنبلاط، من مسؤولين «اشتراكيين» ونواب في «اللقاء»، عن عدم اطّلاعهم على الموضوع أو نفيهم المبدئي للأمر، تشير مصادر متقاطعة بين الجبل وعين التينة إلى أنّ المهمة الأساسية لزيارة ولش الأخيرة كانت «تأكيد الدعم الأميركي لزعيم المختارة»، فيما أكّدت أنّ أجواء اللقاء الأخير بين جنبلاط وولش «لم تكن مريحة، في ظلّ مطالبة جنبلاط بترجمة فعلية لما يحكى عن دعم أميركي».
وتطرح تطورات جنبلاط الأخيرة تساؤلات حول أسباب اتّخاذه هذه الوجهة ولقاء قوى المعارضة وحلفائها الإقليميين.
وينقل أحد الحاضرين في اجتماع كوادر الحزب الاشتراكي، قول جنبلاط إنّ «التسوية التي تحضّر ستكون على حساب الجميع، معارضة وموالاة»، إضافةً إلى إعلانه تخوّفه من إمكان تحوّل الموالاة إلى ورقة في يد الأميركيين «إذا لم نثبّت أقدامنا».
ويجد الزعيم الاشتراكي أمامه عدداً كبيراً من العقبات، أوّلاً إعلان الكثير من أنصاره ومسؤوليه عدم استعدادهم لمواجهة حزب الله. ثانياً تنامي قوى المعارضة (تيّار التوحيد، الحزب الديموقراطي اللبناني والحزب القومي) في الجبل «مما ينقل المواجهة إلى داخل الطائفة الدرزية». ثالثاً عدم ترجمة الدعم المعنوي الأميركي واستياء جنبلاط من الوضع الداخلي في الموالاة، معتبراً أن هذه «معلّقة في الهواء». رابعاً انفتاح بعض الأوروبيين على وئام وهاب، وقد ترجم ذلك عبر زيارة السفير الروسي إلى الجاهلية والاتصالات الفرنسية بوهاب، إضافة إلى بعض السفراء الأجانب. وخامساً خسارة جنبلاط لمعظم أبناء الطائفة في سوريا، ما يسقط عنه صفة زعيم الدروز.
الإشارات واضحة إلى محاولات جنبلاط، فتصريحاته ومواقفه، منذ إعلان نتائج نقابة المهندسين حتى لقائه الأخير مع برّي، قابلها موقف سوري واضح وصف العلاقات مع بعض الأطراف اللبنانيين بـ«الخصومة المؤقتة». تصريح الرئيس السوري فتح الأبواب أمام قوى الموالاة، بعد سلسلة من الإشارات والرسائل التي تلقّاها النظام عبر انفتاح جنبلاط، ولا يزال القرار السوري يناقش سيناريوهين محتملين: الأول يقول بقبول فتح الحوار مع زعيم الجبل والآخر يرفض.
«الاشتراكيّي رافقين» اليوم، والسؤال ماذا لو لم يكونوا كذلك في الغد؟