عفيف ديابنجحت الاتصالات ومفاوضات «اللحظة الأخيرة» ليل أول من أمس في الحد من تصاعد التوتر السياسي والأهلي في زحلة بعد مقتل مسؤولين كتائبيين نهاية الأسبوع الماضي، وما نجم عنه من احتقان أدخل المدينة في سجال سياسي بين الموالاة والمعارضة، بدأ بالتراجع نتيجة الاتصالات والوساطات التي أُجريت على أعلى المستويات.
ونزولاً عند رغبة التهدئة، ألغى النائب إيلي سكاف مؤتمره الصحافي الذي كان مقرراً أمس في مكاتب الكتلة الشعبية في زحلة، حيث كان سيتحدث عن «الفاجعة التي أصابت زحلة»، وتأكيد الكتلة دور الدولة في حفظ الأمن، مع تجديد موقفه السابق برفع الغطاء السياسي عن المتهم بالجريمة جوزف الزوقي و«عن أي شخص يثبت ضلوعه أو تورطه في الجريمة».
وقال سكاف: «إن إخراج زحلة من دائرة التجاذبات السياسية هو هدفنا الوحيد، فالحفاظ على وحدة المسيحيين كان وما زال هدف عملنا السياسي منذ بدأنا»، مجدداً استنكاره للحادثة التي ذهب ضحيتها «أحباء وأعزاء»، مطالباً القضاء أن يأخذ مجراه و«نجدد ما أكدناه برفع الغطاء عن أي شخص له علاقة بالجريمة».
إلغاء سكاف مؤتمره الصحافي جاء تتويجاً للاتصالات التي أُجريت طوال ليل أول من أمس، وقادها البطريرك غريغوريوس الثالث لحام والسفير السابق فؤاد الترك ومطارنة زحلة ونواب من الموالاة والمعارضة حاليون وسابقون وحزبيون ورجال سياسية، وخاصة أن كتائب زحلة اعتبرت عقد المؤتمر الصحافي في المدينة «استفزازاً لها ولمشاعر أنصارها».
وشهد إقليم زحلة الكتائبي ومنزل الزميل الراحل نصري ماروني سلسلة اجتماعات حزبية، أشرف عليها نائب رئيس الكتائب سليم الصايغ، موفداً من الشيخ أمين الجميل الذي تحادث هاتفياً مع النائب سكاف ليلاً، بعد نجاح مطران زحلة أندره حداد في تأمين هذا الاتصال الذي وصف بـ«الإيجابي»، ونجم عنه إلغاء سكاف لمؤتمره الصحافي مقابل إلغاء الكتائب اعتصامها أمام مكاتب الكتلة الشعبية.
وكان في مكاتب الكتلة الشعبية طوال أمس النائب سكاف مستقبلاً زواراً وعاقداً اجتماعات مع أنصاره شدد خلالها على أهمية ضبط النفس وعدم الانجراف وراء الفتنة، مؤكداً الالتزام التام بالتهدئة وبالاتفاق الذي جرى مع الرئيس الأعلى للكتائب أمين الجميل.
وقال مقربون من النائب سكاف لـ«الأخبار» إن مدينة زحلة مفتوحة للجميع، وهي ليست لفئة دون أخرى، فالعمل السياسي مصون، وهو من حق كل الأطراف وتحت سقف القانون وحماية السلم الأهلي. وأكدوا أن سكاف يرحب بزيارة الجميل لزحلة «ساعة يشاء، ونحن على أتم الاستعداد لاستقباله في منازلنا وفي مكاتب الكتلة الشعبية، لأن مصلحة زحلة ووحدة أهلها فوق كل اعتبار، ولا موانع عند النائب سكاف من لقاء الرئيس الجميل والتحادث معه في كل الأمور التي تهم المسيحيين عامة وزحلة على وجه الخصوص، فالاتصالات الهاتفية بين رئيس الكتلة الشعبية والرئيس الجميل لم تنقطع منذ حادث الأحد الماضي».
غير أن التزام سكاف التهدئة وامتناعه عن الإدلاء بتصريحات أو مواقف إعلامية أو حتى التقاط صور له خلال لقائه مناصريه، قابله اعتصام كتائبي أُقيم أمام مدافن زحلة، وتحدث فيه رئيس إقليم زحلة الكتائبي إيلي ماروني الذي قال إن كتائب زحلة ألغت اعتصامها الكبير واستعاضت عنه بآخر رمزي «و سنتجاوب مع التهدئة، فنحن نراقب الأوضاع ولن نترك أحداً يخدعنا، وطلبنا من الشباب ضبط النفس، ولكن التصرفات المقبلة (لفريق سكاف) هي التي ستحدد مسار تحركنا، والذي يريد أن يدخل زحلة في الخفاء والحيلة يكون قد عبّر عن نفسه وعن
حقيقته».
ثم تحدثت الزميلة غادة عيد ماروني بصفتها الشخصية لا الإعلامية وشنت هجوماً عنيفاً على سكاف وقالت: «زحلة ليست لك يا إيلي سكاف (...) وإذا كنت تعتبر نفسك زعيماً، فإن زعامتك قد دفنت مع جثتي نصري ماروني وسليم عاصي، وقد دفنتها من خلال مواقفك وتصريحاتك التي أعقبت
الجريمة».
وتابعت متوجهة إلى النائب سكاف: «نتائج التحقيق ستعلن، لأن المجرم معروف، ولأن من سهل هروبه قد اعترف بأنه أوصله إلى قرب منزلك (...)»، مطالبة السيد سمير جعجع بالكشف عن «كل معلوماته التي اتهم من خلالها حزب الله بتهريب المجرم الزوقي».