غسان سعودتزداد جديّة الخلافات داخل حركة فتح وخطورتها. ففيما تتكثف اللقاءات بين رئيس الممثلية الفلسطينيّة في لبنان عباس زكي من جهة، وأمين سر حركة فتح في لبنان اللواء سلطان أبو العينين من جهة أخرى، يعقد الأخير اجتماعات سريّة بمعظمها، تهدف إلى تقويض سلطة زكي والتشكيك بشرعيّته التمثيلية وإضعاف الالتفاف الفتحاوي من حوله.
ورغم تقصُّد الرجلين الإطلال سويّاً متشابكي الأيدي في أكثر من مناسبة أخيراً، وعقدهما اجتماعات ثنائيّة «للبحث في التطوّرات» كان آخرها أمس، تقول مصادر فلسطينيّة متابعة إن الخلاف يزداد تعقيداً، وبات في كل حي داخل المخيمات الفلسطينية توزيعٌ جديد للناس بين فتحاوي لأبو العينين وفتحاوي مع زكي. وبعد التفاصيل التي نشرتها «الأخبار» في عدد الخميس 17 نيسان، ذكر مرجع فلسطيني واسع الاطلاع أن أبو العينين حاول منذ قرابة أسبوعين عبر أحد أصدقائه المقرّبين موسى. ط، المقيم في مخيم برج البراجنة، التحضير لاغتيال زكي. وقد وصلت المعلومات، التي تنفيها مصادر فتح بكل أطيافها، إلى القوى الأمنية اللبنانيّة التي قبضت على الشاب الأربعيني المقرب اجتماعياً من أبو العينين، واحتجزته أربع ساعات ثم أطلقت سراحه نتيجة تدخّل أبو العينين عند بعض الأطراف اللبنانيّة. ويقال في مخيم برج البراجنة إن عمليّة أبو العينين كانت رد فعل على استراتيجيّة الإقصاء الكامل التي يمارسها زكي بحقه. وكان آخر قراراتها سحب ملف المساعدات الاجتماعيّة والإنسانيّة من أبو العينين للإمعان في عزله، وخصوصاً أن «عامل المال أساسي في استقطاب النفوذ الفتحاوي»، كما يقول أحد المتابعين. وخطوة زكي الأخيرة خطفت من أبو العينين ميزانيّة ضخمة كان «السلطان» يستخدمها ببراعة لحشد الأنصار و«تجييش المؤيدين». وقد سلّم زكي المسؤولية عن هذه المساعدات لفتحاوي لبناني يدعى إدوار كتّورة، خصص له مكتباً داخل مقر منظمة التحرير الفلسطينيّة، وكلف زكي أحد معاونيه إيجاد منزل له في مخيم مار الياس. وبعد إقصاء أبو العينين عن هذا الملف، نجح أمين سر الفصائل، يقول مصدر فلسطيني، بتنظيم إضراب للأطباء والممرضين في الهلال الأحمر الفلسطيني للمطالبة بزيادة الرواتب وتحسين ظروف العمل، وذلك لإظهار عدم نجاح زكي بضبط المؤسسات التابعة لحركة فتح.
ويكشف أحدهم أن أبو العينين ردّ على قرار زكي بتعيين قيادة عسكرية جديدة للحركة وإقالة آلاف العسكريين بحجّة إعادة تشكيل الوحدات والبدء بالتأخر في دفع الرواتب للعسكريين، عبر تشجيع ردود الفعل العفويّة التي كان أولها بيع البعض للأسلحة التي تسلموها أخيراً، إذ يباع اليوم في بعض المخيمات الفلسطينية، وخصوصاً في الجنوب وبرج البراجنة، الكلاشينكوف والإم 16 وإم 18 والمسدسات السريعة الطلقات بأسعار متدنّية جداً. كما أطلق بعض العسكريين الفتحاويين الرصاص أمام مراكز فتح.
ويرجح البعض أن يستمر الصراع ويتطور، وخصوصاً أن ميزان القوى لا يميل لأي طرف. زكي يصرف الأموال وأبو العينين يستنهض الصداقات: صراع فلسطيني ـــ فلسطيني جديد يلوح في الأفق.