strong>جنبلاط يدعو إلى تسوية تحفظ «الثوابت» والمعارضة تتّهم أميركا و«بعض العواصم العربيّة» بالتعطيل
حرّكت عودة رئيس كتلة «المستقبل» النيابية إلى بيروت وجولته الواسعة على المرجعيات السياسية والروحية، الركود السياسي الداخلي من دون أن يحسم مصير الحوار الذي بقي أسير الشروط المتبادلة
رفعت مواقف رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري، الذي عاد من السعودية إلى بيروت يوم السبت الفائت بعد غياب شهرين، وجولته الواسعة على مرجعيات روحية وسياسية، منسوب التفاؤل بإمكان التوصل إلى اتفاق على إعلان النيّات بشأن حكومة الوحدة الوطنية وقانون الانتخاب قبل موعد الجلسة الجديدة لانتخاب رئيس الجمهورية في الثالث عشر من شهر أيّار المقبل، من دون التخلي عن حال الحذر بسبب الضمانات التي طلبها الحريري للقبول بالحوار.
وكان الحريري قد جال في اليومين الماضيين على كل من رئيس حزب الكتائب أمين الجميل، رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، رئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» سمير جعجع، البطريرك الماروني نصر الله صفير، مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز نعيم حسن، متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران إلياس عودة.
كما استقبل الحريري السفير المصري في لبنان أحمد فؤاد البديوي، القائمة بالأعمال الأميركية ميشيل سيسون والقائم بالأعمال الفرنسي أندريه باران، إضافة إلى 15 نائباً وضعهم في أجواء التحركات والاتصالات التي يقوم بها.
ورأى الحريري في تصريحات له، أن «همّ اللبنانيين هو انتخاب رئيس للجمهورية، وأن هذا الأمر هو همّ كل العرب والجامعة العربية»، وأكد أن أي أمور أخرى يتم وضعها تهدف إلى عرقلة انتخاب رئيس للجمهورية وهي غير مقبولة»، وقال «لم نكن يوماً ضد الحوار، لكن الحوار يجب أن يكون مبنياً على أسس عدة ونريد أن نعرف من هم الذين سيشاركون فيه، هل سيكون على مستوى الصف الأول أم الثاني؟»، وأضاف «هل سننتخب رئيساً بعد الحوار؟ فإذا ذهبنا إلى الحوار يجب أن يكون ذلك بهدف انتخاب الرئيس»، مؤكداً أن «14 آذار يد واحدة».
وقال: «كما أنه لا أحد ضد الحوار، فكذلك لا يجب أن يكون هناك أحد ضد انتخاب رئيس جمهورية في 13 أيار بغضّ النظر عن النتائج التي قد يسفر عنها الحوار»، وأضاف: «قد يتحجج البعض بالمطالبة الآن بقانون للانتخابات النيابية، وبحكومة وحدة وطنية، نحن مع هذين الأمرين، ومع قانون انتخاب على أساس القضاء، ومع حكومة وحدة وطنية ومع أية حلول تطرح، ولكن لا نستطيع أن نقوم بكل ذلك من دون انتخاب رئيس للجمهورية». وأشار إلى أنه لا يمانع بتجزئة بيروت، وأعلن أنه سيلتقي بري قريباً.
من جهته، تمنى النائب جنبلاط «على قوى 14 آذار تلبية دعوة الرئيس نبيه برّي إلى الحوار في شأن البندين الباقيين من المبادرة العربية، وأن تكون جلسة انتخاب الرئيس في 13 أيار هي الأخيرة».
وفي موقفه الأسبوعي لجريدة «الأنباء» الصادرة عن الحزب التقدمي الاشتراكي، أكد جنبلاط أنه «لا بد من الخروج من هذه الدوامة عبر حل الأزمة السياسية الراهنة بالتوصل إلى تسوية تحفظ الثوابت الوطنية التي أرساها اتفاق الطائف ومقررات الحوار السابقة والنقاط السبع واتفاقية الهدنة كي نصل إلى وطن قادر على العيش بسلام واستقرار ودولة تحمي جميع مواطنيها من دون تفرقة».
وخلال ترؤسة الاجتماع الموسع لحزب الكتائب أمس، رأى الرئيس الجميل أن دعوة الرئيس بري إلى الحوار مشوبة بالكثير من الغموض، وأكد أننا «مع حوار هادف تتحكم به آلية تنفيذ مبرمجة على أساس روزنامة تتضمن انتخاب الرئيس التوافقي العتيد في 13 أيار المقبل».
وطالب بإحالة جريمة زحلة إلى المجلس العدلي، وقال: «إن المجرمين لجأوا بعد ارتكاب فعلتهم إلى عميق، ومنها نقلوا بثلاث سيارات مموّهة وبزجاج أسود إلى جهة مجهولة. وما نطلبه هو أن يضع القضاء يده على التحقيق ويكشف مكان وجود المجرمين».

المرّ متفائل 80 في المئةمن جهته، أكد النائب حسن فضل الله «أننا من هنا وحتى 13 أيار، نحن سنؤيد كل جهد ومسعى وكل محاولة لإيجاد حل، وهذه هي القناعة الراسخة لدى المعارضة»، مشيراً إلى «أن التعطيل لا يزال تعطيلاً أميركياً ومن بعض العواصم العربية التي تريد أن تستخدم لبنان لتصفية حساباتها المحلية والعربية أيضاً»، فيما دعا النائب حسين الحاج حسن الفريق الآخر إلى «وقف الرهانات على الأميركيين، لأن الرهان على الخائب خيبة».
وهاجم النائب نوار الساحلي مواقف قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وقال في احتفال في بعلبك: «سمعنا منذ يومين جعجعة ولم نر طحيناً، وهذه الجعجعة كانت عن برّيات ونحن نفتخر بهذه البريات التي هدفها الجلوس إلى طاولة حوار وانتخاب رئيس للجمهورية، وهذه الجعجعة تاريخها حافل بالقتل وتنبئنا باغتيال لبنانيين وتريد أن تقاوم اللبنانيين وتتحالف مع الأميركيين ولا تنسى ماضيها مع الإسرائيليين».
وتناول الساحلي مواقف النائب الحريري من دون أن يسميه مشيراً إلى أن «من يرد الحوار لا يضع شروطاً».
وأكد عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب نبيل نقولا أن العماد ميشال عون «يؤيد الحوار الجدي على أساس النقاط الثلاث للمبادرة العربية»، معلناً «أن عون سيذهب إلى الحوار شرط أن يبحث في نقاط المبادرة العربية الثلاث بالتزامن، أما إذا رأى أن في الحوار تضييعاً للوقت فسيرسل أحد أفراد التكتل لتمثيله»، منتقداً كلام الحريري عن اشتراط الحصول على ضمانات قبل أي حوار، قارئاً فيه التفافاً على المبادرة العربية.
وتعليقاً على كلام الرئيس السوري بشار الأسد الأخير في صحيفة «الوطن» القطرية عن العماد عون، الذي رفض فيه وصف «الجنرال» بعدوّ الأمس، رأى نقولا أن الكلام المذكور «اعتراف بخطأ سوريا مع العماد عون ونيشان على صدره».
من ناحيته، أشار رئيس الحزب «الديموقراطي اللبناني» طلال أرسلان إلى أن «مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى دايفيد ولش أتى إلى بيروت وذهب منها إلى الإمارات ليبشّرنا بصيف ساخن على لبنان»، متسائلاً بماذا يحاول تهديدنا «نحن الذين لم نحسب حساباً لإسرائيل التي انكسرت في حرب تموز».
وأكد ارسلان خلال رعايته احتفالاً في السرايا الأرسلانية في الشويفات بتأدية 400 منتسب جديد إلى الحزب اليمين الحزبية، أن «انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان مدخله الوحيد الاتفاق على سلة كان قد اتفق عليها سابقاً ويجري التفاوض عليها اليوم».
ورأى الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني الدكتور خالد حدادة خلال ندوة أقامها المنتدى الثقافي الاجتماعي في الزهراني، في النادي الحسيني لبلدة عدلون أن «نقل الوصاية من عنجر إلى عوكر، لا علاقة له بشعارات السيادة والاستقلال». وسأل رئيس الحكومة فؤاد السنيورة أين الحكومة من تصريح ولش الذي بشّر اللبنانيين بـ«صيف حار»، وأين الذين كانوا يطالبون سوريا بأن تتعامل مع اللبنانيين من خلال الدولة اللبنانية ومؤسساتها الدستورية؟»، ودعا إلى بلورة مشروع مقاوم للمشروع الأميركي المعادي.
على صعيد آخر، وصل إلى بيروت، أمس، منسق الأمم المتحدة الخاص للشرق الأوسط روبرت سيري، في زيارة رسمية تستمر ثلاثة أيام لإجراء محادثات مع الرئيسين بري والسنيورة ومسؤولين لبنانيين آخرين وممثل منظمة التحرير الفلسطينية لدى لبنان عباس زكي.
وزار سيري قوات الطوارئ الدولية في الجنوب والتقى قائدها الجنرال كلاوديو غراتسيانو.
من جهة أخرى، لم يمنع الحمل وزيرة الدفاع الإسبانية كارمي تشاكون من تفقد وحدة بلادها في الجنوب. وقد وصلت تشاكون (37 عاماً) الحامل في شهرها السابع، على متن مروحية إلى قاعدة «ميغيل دي ثيرفانتس» قرب مرجعيون حيث يتمركز نحو 1100 عسكري إسباني في إطار اليونيفيل المعززة. واستعرضت الوزيرة الإسبانية، التي كان يرافقها الجنرال غراتسيانو ومسؤولون في وزارتها، القوات الإسبانية وهنأت العسكريين «على جهودهم من أجل مساعدة اللبنانيين على إحلال الأمن والسلام». ووضعت باقة من الزهور تكريماً للجنود الستة من الوحدة الإسبانية الذين قضوا في اعتداء بسيارة مفخخة في لبنان في 24 حزيران 2007. واطّلعت على أنشطة القوة الإسبانية، ومن ثم شربت نخب ملك إسبانيا خوان كارلوس والتقطت صوراً مع الجنود. ويرافق تشاكون في زيارتها إلى لبنان فريق طبي متخصص، من ضمنه طبيبها النسائي.

اليونيفيل تدحض تقارير إسرائيلية
في غضون ذلك، أعلنت قيادة القوات الدولية أن الاتهامات التي نقلتها صحيفة «هآرتس» عن مسؤولين إسرائيليين بأن القيادة الدولية تتستر على نشاطات حزب الله جنوبي الليطاني وأن الجنود الدوليين يتقاعسون عن أداء مهماتهم بموجب القرار 1701 هي تقارير عارية من الصحة. وأوضحت القيادة في بيان أن الصحيفة أوردت في مناسبتين تقارير غير صحيحة بشأن الحادث الذي حصل ليل 30 ــ 31 آذار الماضي بين القوات الدولية و«عناصر مسلحة».
ونفت ما ذكرته الصحيفة عن «صدام بين اليونيفيل وناشطين مسلحين من حزب الله... كانوا يقودون شاحنة مليئة بالمتفجرات»، مضيفة أن الصحيفة رأت أن الجنود الدوليين حين هددوا بالأسلحة، فإنهم «بدلاً من استخدام القوة كما هو منصوص عليه في التفويض الممنوح لهم، أخلوا الموقع».
وأشارت القيادة إلى ما ورد في تقريرها إلى مجلس الأمن بهذا الشأن والذي أوضحت فيه أن قواتها اشتبهت في شاحنة ولاحقتها قبل أن تعترضها عناصر مسلحة، فتجبرها القوات الدولية على المغادرة خلال حوالى ثلاث دقائق.
وخلص البيان إلى أن «الادّعاءات الواردة في الصحيفة بأن اليونيفيل تخفي المعلومات بشكل متعمد، وتعرض نصف الحقائق، وتضلل مجلس الأمن أو تقدم معلومات كاذبة عن نشاطات حزب الله، هي من دون أي أساس وغير مقبولة بالكامل».