الغسانية ــ سلطانة متيركويقول علوش: «على الرغم من جودة المكنسة الوطنية ورداءة الصينية، إلا أننا نضطر لاستيرادها والمتاجرة بها نسبة لقيمة الربح الذي توفره ولسد العجز الذي تسببه المكنسة الوطنية».
وعن سبب الإصرار على الإنتاج الوطني، يؤكد أنه « من أجل الحفاظ على الحرفة التي انفردت بها الغسانية». وتبلغ كلفة المكنسة الوطنية 1500 ليرة لبنانية، تباع للتاجر بسعر 2000 ليرة لبنانية، في حين تستورد الصينية بسعر 1500 وتباع في الأسواق للزبون بسعر 2000 ليرة لبنانية».
وتنفرد مدينة إدلب بصناعة المكانس في سوريا، ونتيجة لعدم القدرة على تلبية السوق الداخلي، ارتفع سعر طن القش، الأمر الذي انعكس سلباً على الحرفي اللبناني الذي لم يرفع سعر المكنسة لحمايتها. يصنّع العامل حوالى 50 مكنسة، لتأمين الأجرة اليومية التي تبلغ في أحسن الأحوال 20 ألف ليرة لبنانية. هذه الحالة تقلق علوش كثيراً «فالجيل الجديد لا يتعلّم هذه الحرفة، لأنها باتت لا تؤمن احتياجات العائلة الغذائية على الأقل، ومن يمتهنها لا يقل عمرهم عن الأربعين سنة، ومنهم من تركها لإصابته بوجع المفاصل والديسك».
وعن صناعتها يقول علوش: «نقصّ القش ونربطه رزماً حول خشبة رفيعة، ونضعهما بين (الرام) وهي خشبة مستطيلة قسمت قسمين، لكبس القش، فتأخذ المكنسة شكلها العريض بعد إخاطتها بخيط من النايلون الملوّن، بواسطة (الزيّار) و(الميبر) المتصلين بمقعد خشبي يجلس عليه الحرفي للتخفيف من آلام الصنعة.
وعلى إيقاع الضائقة المعيشية التي يمر بها ذوو الدخل المحدود، انفجرت البحصة الخانقة التي صمدت لأربعة عقود في حلق غالب بدير وهو والد لثمانية أولاد بقوله «إلى متى سنبقى مخدّرين ونلقّح بوعود الفرج القادم». بدير الذي يبدأ عمله منذ ساعات الفجر الأولى وينتهي مساءً، مضطر لتصنيع 100 مكنسة يومياً لتأمين الطبابة والتعليم للأبناء «كي لا يقعوا في الخطأ القاتل الذي وقعنا فيه بوراثة هذه الحرفة عن الأهل». إلا أنّ بدير يتحسر لأن تفقد الغسانية هذا التميز في صناعة مكانس القش اليدوية. أما ما يصبّره على حاله اليوم فالمثل الشعبي الذي يقول «القرقشة ولا الجوع».