أنطون الخوري حربتزداد مساحة التباعد بين كوادر التيار الوطني الحر والمرشح الرئاسي ميشال سليمان بعد حركة البلديات والفاعليات الأخيرة.
فإثر تأكُّد هؤلاء الكوادر من كلام قيادتهم عن دور مديرية مخابرات الجيش في التجييش ضد رئيسهم النائب ميشال عون، سقطت آخر ورقة حياء غلّفوا اعتراضهم بها على ترئيس سليمان منذ تبنّي ترشيحه الرئاسي لدى الفريق الحاكم. وإذا كان رفضهم القاطع لرئاسة الأخير مضمراً في المرحلة السابقة، فقد أضحى اليوم أكثر حدة ووضوحاً، يجاهرون به في مجالسهم. فهم يفصلون تماماً بين نظرتهم إلى المؤسسة العسكرية ودورها، وموقفهم من أي شخص يؤذي قائدهم في أي موقع كان. وإذ يجزم أحد أعضاء الهيئة العامة في التيار بعدم «أهلية سليمان لرئاسة الجمهورية منذ البداية»، يقسم زميل له بأن يفعل المستحيل لإقناع عون برفض ترشيح سليمان بشكل قاطع ونهائي.
وفي سياق هذه المواقف، يشرح أحد أعضاء تكتل التغيير والإصلاح وجهة نظر التيار حيال سليمان على الشكل الآتي: لا صفة لقائد الجيش تسمح له بالتقدم على أي مرشح رئاسي آخر، وبالتالي فإن الامتياز الوهمي الذي أُعطي له باتت مضامينه مفضوحة، وشكّلت في المرحلة السابقة الستار الذي غطّى كل تعاملات سليمان مع فريق السلطة وتعهداته له. أما الدور الأمني للجيش، فلا فضل لسليمان فيه، ومجرّد ترك الجيش يقوم بمهماته الأمنية بشكل طبيعي «لا يعدّ إنجازاً، لأن العكس يعدّ مخالفة تستوجب العقاب القانوني. كذلك ليس مبرراً أن يكون الخائف من تطبيق القانون مؤهّلاً لرئاسة الجمهورية». ويضيف النائب نفسه: «أما الإنجاز الذي يتغنّى به سليمان عن دور الجيش في السماح بالتظاهر في 14 آذار 2005، فلا يمكن أن يرد إلى مناقبية قائد الجيش، لأنه يحق لنا أن نتساءل أين كانت تلك المناقبية حين كان يرسل الجيش لقمع كل تحركاتنا السيادية والاستقلالية خلال زمن الوصاية؟».
وفي هذه النقطة، يتذكر أحد المسؤولين الطالبيين كيف أن سليمان «كان يصمّ أذنيه عن صراخنا المتأتّي من التعذيب في مقرّ قيادته وتحت كرسي مكتبه في اليرزة، فيما كنا نمارس التعبير الديموقراطي والسلمي عن رأينا برفض الوصاية». يضيف: «لقد كانت السلطة السياسية تعتدي علينا بيد قيادة الجيش التي ما زالت بياناتها التخوينية لنا محفوظة في أرشيفنا».
من ناحيته، يحتفظ النائب نبيل نقولا ببعض الهدوء في تعليقه على الموضوع، إذ يرى أن «مبدأ التوافق على سليمان مرتبط بالسلة المتكاملة»، مسجّلاً أن «تنازل العماد عون عن ترشيحه لمصلحة سليمان لم يقابله النائب سعد الحريري بتوافق مماثل على شخص رئيس الحكومة، فيما المطلوب أن يضاف إلى السلة التي تحوي موضوعي الحكومة المتوازنة والقانون الانتخابي العادل، شرط تعميم التوافق على المواقع الدستورية الأولى في الدولة». وتوجه إلى العماد سليمان بالقول: «هل يقبل أن يُنتخب بالنصف + واحد، أو أن لا يرعى تأليف حكومة وحدة وطنية فعلية، أو أن تُجرى الانتخابات في عهده من دون قانون انتخابي عادل ينصف طائفته وينقذ التوازن المنهار في النظام اللبناني؟ نعم أصبح من واجب سليمان إعطاء رأيه الواضح والصريح في كل هذه المطالب».
إلا أن زميلاً لنقولا من خارج التيار يشبّه سليمان بالعميد الراحل ريمون إده لجهة اشتراطه انسحاب الجيوش الأجنبية من لبنان وحلّ الميليشيات للقبول بالرئاسة الأولى، حتى أتى من يجيبه: «ولأي دور نافع نريدك؟ وإذا كانت هذه شروطك، فلنأتِ بجورجينا رزق إلى الرئاسة بعد أن نحل لها كل الأمور
العالقة».