متري يعزو القرار السعودي إلى «تهديدات خاصة» ويكن يدعو «سنّة 14 آذار» للعودة إلى «موقعهم التاريخي»
«حزب الله»: من يربط مصيره بالبوارج الأميركيّة فسيرحل معه
لم تحجب نار محرقة غزة سخونة المشهد السياسي اللبناني الذي تمحور حول إرسال الولايات المتحدة المدمّرة «يو إس إس كول» إلى قبالة السواحل اللبنانية وطلب السعودية من رعاياها اعتماد الحذر خلال تنقلاتهم في لبنان


استمرت الحماوة في المواقف بين الموالاة والمعارضة على خلفية القرار الأميركي إرسال المدمرة كول إلى قبالة الشواطئ اللبنانية وتداعيات ذلك على لبنان. وفيما ألقت «قوى 14 آذار» بالمسؤولية عن هذا التطور على مواقف حزب الله بشأن الحرب المفتوحة، حذر الأخير من يربط مصيره بالبوارج الأميركية بأنه سيرحل معها، بينما رأت طهران أن وجود المدمرة قبالة السواحل اللبنانية يعدّ «استفزازاً ويثير الشكوك والريبة»، ومتهمة واشنطن بتأجيج الخلافات الداخلية في لبنان.

خوجة يشرح خلفيّات تحذير الرعايا

وإلى هذا الموضوع، انشغلت الساحة السياسية بقرار السعودية الذي طلبت فيه من رعاياها اعتماد الحذر في تنقلاتهم في لبنان مع تفضيل مغادرة العائلات. ولهذه الغاية استقبل رئيس الحكومة فؤاد السنيورة السفير السعودي عبد العزيز خوجة الذي عرض له خلفيات القرار. كما استعرض الجانبان التطورات المتصلة بلبنان وشؤون المنطقة.
وتلقى السنيورة اتصالاً هاتفياً من الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى وعرض معه الأوضاع في المنطقة.
وفي السياق، أكد وزير الخارجية بالوكالة طارق متري أن طلب السعودية من رعاياها مغادرة لبنان لم يثر مخاوف دول أخرى، رابطاً هذه الدعوة بـ«تهديدات خاصة» بالسعودية. وأكد متري لمحطة (أل بي سي) أن «الوضع لا يشي بانفجار كبير يهدد الموجودين في لبنان ولن يستدعي منهم تدابير مشابهة».

قوى 14 آذار لا تعوّل على البارجة

في غضون ذلك، كررت قوى 14 آذار عدم حاجتها إلى البارجة، ورأى وزير الاتصالات مروان حمادة أنه «حين تصمد قوى 14 آذار لا تحتاج إلى بوارج ولا تعوّل على ذلك».
وتطرق في حديث إذاعي وتلفزيوني إلى مقابلة رئيس المجلس النيابي نبيه بري الأخيرة فرأى أنها «تحمل الكثير من المغالطات ومن تحوير الوقائع»، مشيراً إلى «أن الكلام عن النائب سعد الحريري يرتد على الرئيس بري الذي هو ليس حراً في حركته»، لافتاً إلى أن النائب غسان تويني «أعطى بالشكل ما لا يستحقه الرئيس بري عبر حضوره في المناظرة التلفزيونية».
بدوره، رد مستشار رئيس الحكومة السفير محمد شطح في حديث إلى برنامج «المجالس بالأمانات» من إذاعة «صوت لبنان» على برّي، مشيراً إلى «أن الحكومة هي التي تقرر حضور القمة كما أنها صاحبة القرار في عملية تكليف التمثيل في هذه القمة». ورأى «أن بري لا يمثل لا الأكثرية ولا التوافق اللبناني».
ورد النائب علي حسن خليل على حمادة قائلاً: «من تربّى في مدرسة التبعية وعالم الأسرار واستطاع أن يتنقل في كل المواقع يحصد منها الأدوار والمنافع، فليس غريباً عليه أن يتطاول بالرد المدفوع ليعبر عن هلعه من انكشاف المواقف بعد الكلام الموثق للرئيس نبيه بري عن أن جماعته ومرجعياته المحلية والدولية هي من عطّلت مبادرات الحوار وأجهضت فرص التسوية. وأتى كلامه اليوم ليكشف عقوق الضال وهو يحاول أن يحاكم الأستاذ غسان تويني الذي مثل في تاريخه الصحافي الطويل صورة الوطني المخلص الذي يقدر قيمة الرجال وأدوارهم. وكان على حق الأستاذ وليد جنبلاط يوماً عندما حذر من خطر حمادة الذي لا يعرف رأسه ومربطه أين».
وختم: «كثير من اللبنانيين يعرفون رأس ويد وجيب الوزير مروان حمادة أين».
كما ردت لجنة حماية البيئة السياسية في حركة «أمل» على شطح بالآتي: «شطح، شطحا، شطحوا... نتمنى على سعادة المستشار أن يعيد قراءة مقابلته حول تمثيل الأكثرية والمعارضة والحكومة ومرشح رئاسة الجمهورية في القمة العربية ويعيد نشرها دون أن يكون منقولاً بترجمة أفكاره من الأميركية إلى العربية».
وفي ما يتعلق بالمدمرة كول، رأى عضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب مصطفى علوش، «أن الإصرار على اعتبار لبنان ساحة مفتوحة أدى إلى استدراج القوى الكبرى عسكرياً إلى المنطقة»، مشيراً إلى أن «وهم الانتصار الكامل أدى إلى تمادي «حزب الله» في تحالفاته الإقليمية وإصراره على أن يبقى لبنان ساحة مفتوحة».
في المقابل، أكد عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله، أن «كل هذا الضجيج والصراخ والتهديدات لا تستطيع أن تغير شيئاً في المعادلة السياسية وفي موازين القوى الداخلية، لذلك إما أن يكون حل سياسي وتسوية سياسية داخلية قائمة على مبدأ الشراكة والتفاهم والتوافق، وإما لا يمكن أن نجد حلاً»، متهماً الفريق الحاكم بأنه «يجرب كل وسائل الدعم الخارجي حتى لا يأتي إلى خيار الوفاق والتفاهم والشراكة». وحذر من يربط مصيره بالبوارج الأميركية بأنه سيرحل معها.
ووسط هذه التطورات، وجّه الداعية الدكتور فتحي يكن نداءً إلى فريق السنّة في قوى 14 شباط، «بعدما انكشفت معالم المؤامرة الأميركية على لبنان، وبعد الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الفلسطينيون في غزة. وبعدما أسفرت التحركات العسكرية الأميركية قبالة الشواطئ اللبنانية عن خطة عدوانية تجاه هذا البلد، كما تجاه دول المنطقة كلها» دعا فيه الفريق المذكور إلى مراجعة حساباته وتصحيح مواقفه، والعودة إلى موقعه الطبيعي التاريخي الأصيل في مواجهة الأخطار المحدقة بلبنان، والوقوف مع المعارضة والمقاومة «للذود عن الوطن».
وفيما رأى رئيس ندوة العمل الوطني عبد الحميد فاخوري أن «السبيل الوحيد الذي لا يزال متاحاً لنا في مواجهة المخاطر القادمة التي ستطال ليس فقط المقاومة، بل جميع اللبنانيين، هو التمسك بوحدتنا الوطنية وعدم الانجرار إلى حروب داخلية»، أكد رئيس المركز الوطني للعمل الاجتماعي في الشمال، كمال الخير، «أن أي إنزال أميركي في أية منطقة من لبنان، سيُتعامل معه على أنه احتلال مباشر».
في المقابل، رأى مفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي الجوزو «أن السبب لتحرك الأسطول الأميركي، هو خطب (الأمين العام لحزب الله) السيد حسن نصر الله الحماسية، وخطب أحمدي نجاد التي تحدثت عن إزالة إسرائيل من الخريطة».
وفي خضم هذه الأجواء، انتقد البطريرك الماروني نصر الله صفير في عظته أمس «التجاذبات بين أهل الحكم». ورأى «أن المهم هو البحث عن كيفية تلبية مطالب المواطنين المحقة، وهي تتكاثر كل يوم، وكأن البلد صائر إلى التفكك والزوال». ودعا إلى مصارحة «بعضنا بعضاً، ولنشبك الأيدي لننهض معاً بوطننا ليعود فيقتعد مقعده بين الأمم، وفي التاريخ».
من جهته، نقل النائب جورج عدوان عن صفير «أن ربط انتخاب رئيس بشروط يضرب موقع الرئيس والرئاسة ووضع المسيحيين بسدة الرئاسة».
ورأى الرئيس نجيب ميقاتي خلال كلمة ألقاها بصفته ضيف الشرف في «ملتقى الأردن الاقتصادي الثالث» أنه «آن الأوان لكي يدرك اللبنانيون أن استمرار الخلافات في ما بينهم والاتكال على رهاناتهم الخارجية إرضاءً لمطامع البعض وشهواته سيؤدي في النتيجة إلى خسارة وطنهم». وشدد «على أن حماية هذا النموذج الفريد في العيش المشترك مسؤولية عربية ودولية في آن معاً»، داعياً المشاركين «إلى رفع الصوت عالياً من أجل رفع أيدي الآخرين عن لبنان وترك اللبنانيين يقررون مستقبلهم».
ورأى أمين سر تكتل التغيير والإصلاح النائب ابراهيم كنعان «أن لبنان لا يبنى بذهنية الكراسي ولا بذهنية المصالح وتبادل الأدوار، بل بذهنية الخيارات الكبيرة وذهنية أن الدولة لكل اللبنانيين».
وانتقد كنعان خلال لقاء حاشد نظّمته هيئة التيار الوطني الحر في الدكوانة، جرى خلاله تسليم البطاقات إلى المنتسبين في الهيئة، الازدواجية بين مواقف السنيورة والنائب الحريري. وقال: «لا يمكنك يا دولة الرئيس أن تلبس طربوش الدولة وحليفك ورئيس كتلتك يلبس طربوش الشارع. فالازدواجية مفضوحة والمطلوب منك أن تكون منسجماً مع طروحاتك».

السنيورة يتابع وضع غزة

على صعيد آخر تابع السنيورة الوضع في غزة، وأجرى لهذه الغاية اتصالاً هاتفياً بالأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، تمنى عليه «بذل قصارى جهده مع الدول المعنية لاستصدار قرار عن مجلس الأمن الدولي بوقف العمليات العسكرية فوراً».
واتصل السنيورة بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل، ورئيس الحكومة الكويتية الشيخ ناصر محمد الأحمد الصباح، ورئيس الحكومة القطرية الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، ووزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، كما اتصل بالأمير الوليد بن طلال.