غسان سعودبعد تعثر الاتفاق اللبناني أكثر من مرة، بات الموالون والمعارضون أشد اقتناعاً بنظرية «س ـ س» التي أشار إليها الرئيس نبيه بري قبل ثمانية أشهر. وبات الكل مقتنعين بعدم جدوى تعليق اللبنانيين آمالاً ستخيب عاجلاً أم آجلاً في ظل استمرار شدِّ الحبال السوري ـ السعودي. الذي يتخذ يوماً بعد يوم شكل الصراع المصري ـ السوري في منتصف السبعينات. وثمة من يؤكد أن فهم ما يحصل يبدأ بقراءة الإدارة السعوديّة للصراع العراقي ـ الإيراني قبل ربع قرن. وفي رأي أحد المتابعين أن المملكة، بعد سقوط العراق في القبضة الإيرانية، تجد نفسها مضطرة إلى خوض الصراع بنفسها في لبنان وسوريا دفاعاً عن نفوذها. و«ما يحصل في لبنان، لن ينتهي إلا بما يصفه مطبخ الموالاة بالانتصار السعودي، تمهيداً لنقل المعركة إلى سوريا».
وبحسب أحد المطلعين، فإن ما يحكى عن مصالحات وإعداد لقمم ثلاثيّة أو خماسيّة ساقط حكماً، في ظل الإصرار السعودي على فكِّ التحالف السوري ـ الإيراني، وتقديم المخططين الفعليين لاغتيال الرئيس الحريري إلى العدالة. لإعادة المياه السوريّة ـ السعوديّة إلى مجاريها. وبحسب مصادر سوريّة، فإن مصر والأردن وقطر لم تتقدم باقتراحات عمليّة لوصل ما انقطع في هذه العلاقة التي راكمت فيها السلبيّات منذ عامين. فبعدما دفع السعوديون بقوة، بعد وصول بشار الأسد إلى السلطة، باتجاه تدعيم النظام واستمراريته عبر تأسيس «الشركة العربية للاستثمار القابضة» برأسمال أساسي من سعد الدين الحريري (مجموعة سعودي أوجيه). بدأوا العمل، وفق السوريين، منذ سقوط العراق على توفير كل وسائل زعزعة هذا النظام. تارة عبر تسويق القرار 1559. وطوراً بالشدِّ على يد آل الحريري في اتهام السوريين بالمسؤولية عن جريمة 14 شباط، واستقبال المملكة كلّ المنشقين عن نظام الأسد، إضافةً إلى الحملة الإعلاميّة على النظام السوري، وحثِّ حلفاء السعوديّة اللبنانيين على تصعيد لغتهم ضد الأسد والمحيطين به، ودعم الحركات الانقلابيّة داخل سوريا نفسها. وبحسب أحد النواب اللبنانيين السابقين فإن رسميين سعوديين تدخلوا مباشرة في الشؤون السوريّة، مستخدمين لغة طائفيّة، وحاولوا جمع بعض وجهاء العشائر للتحريض على الوضع القائم وتأليبهم على الحكم في سوريا. وفي المقابل، يقول حلفاء سوريا اللبنانيون إن السوريين تمنّوا تحييد السعوديين عن التجاذب الداخلي. ومنعوا المعارضين السوريين من استغلال الخلاف السوري ـ السعودي، ولم يسعوا قط إلى خوض اللعبة السعودية.
فيما ينقل أحد نواب تيار المستقبل عن السعوديين صدمتهم من اغتيال الحريري، ثم مفاجأتهم بموقف الأسد. ولاحقاً تراكم التصعيد السوري ضدّ المملكة، من تبني مقاتلي «القاعدة»، إلى التعرض لسعوديين كانوا يزورون دمشق. وبين هذه وتلك تصريحا الأسد والشرع عن القادة العرب. لكن رغم التشاؤم، يقول أحد المتابعين اللبنانيين إن ثمة احتمالاً كبيراً بحصول خرق محدد في الأيام المقبلة. فللسوريين، من جهة، مصالح اقتصادية مع السعوديين الذين، يزدادون بدورهم اقتناعاً بفشل استراتيجيتهم في إدارة الصراع مع إيران من بوابة الشام. وهم، مع اقتراب موعد القمّة، يتأكدون من أن 26 قصراً رئاسياً من الـ 27 التي بنيت أخيراً على طريق المطار قبالة قصر المؤتمرات ستمتلئ بالوفود الرئاسية، وأن السعوديين سيكونون الغائبين الوحيدين.