عون: الموالاة التي يدافع عنها أبو الغيط هي من أسقط المبادرة العربية لا نحن
رئيس مجلس النواب «متفائل جداً»، السعودية ستحضر القمة «من حيث المبدأ»، حديث عن اتفاق قبل 11 آذار، ركن في الأكثرية يدعو إلى عدم الخجل من موضوع المدمرة «كول»... ويبدأ سباق جديد بين التصعيد الخطير والتهدئة الحذرة

إذا صدقت النيّات، فإن ملامح التليين في المواقف العربية، وخصوصاً الخليجية، من موضوع القمة العربية المقبلة وشروط المشاركة بها، بدأت بفتح كوة أمل، ولو ضيّقة جداً، على انفراج يخفف الاحتقان الداخلي. وقد علمت «الأخبار» أن أكثر من اتصال جرى أمس بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، وتداولا بمجموعة أفكار جديدة تتعلق بسبل إنهاء الأزمة القائمة بين الموالاة والمعارضة قبيل انعقاد القمة العربية نهاية الشهر الجاري في دمشق. ومن هذه الأفكار عدم انتظار موعد جلسة انتخابات الرئاسة المقررة في 11 من الجاري، والسعي إلى تحقيق اتفاق قبلها من خلال اجتماعات يعقدها وفدان من الموالاة والمعارضة برعاية موسى في القاهرة خلال الأيام المقبلة.
وأشارت مصادر مطلعة على الاتصالات الجارية إلى أن الأفكار التي يتشاور بري وموسى بها تستنير بنتائج المحادثات التي أجراها الثاني قبل أيام في دمشق، ومع الرئيس المصري حسني مبارك في القاهرة. ورجّحت أن تتبلور الصيغة العملية لتنفيذ هذه الأفكار من خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب المقرر انعقاده في العاصمة المصرية غداً وبعد غد.
وتأكيداً لهذا الجو، نقل عميد السلك الدبلوماسي العربي سفير الإمارات محمد السويدي، بعد زيارته والسفراء العرب المعتمدين في لبنان لعين التينة، عن بري أنه «متفائل جداً»، وأردف: «إن شاء الله نأمل أن يكون هناك رئيس للجمهورية في 11 آذار». وقال إن المبادرة العربية «ما زالت مستمرة وأملنا كبير في شأنها».

الجميل في الرياض
ووفد في القاهرة

وأمس، انتقل الرئيس أمين الجميل من دبي، وفي خطوة لم تكن معلنة مسبقاً، إلى الرياض، وترددت معلومات عن أنه سيلتقي الملك عبد الله بن عبد العزيز اليوم، فيما توجّه وفد نيابي من 14 آذار إلى القاهرة برئاسة سمير الجسر وعضوية أنطوان زهرا وأكرم شهيّب وإلياس عطا الله، ليسلّم إلى وزراء الخارجية العرب مذكرة تعرض مواقف الموالاة من المبادرة العربية، وتحمّل المعارضة مسؤولية «التعطيل المتواصل»، مشيرة إلى «أن مصدر العلة والتأزيم في لبنان هو النظام السوري». وحدّدت ثوابت الاتفاق السياسية بـ: «الالتزام باتفاق الطائف نصاً وروحاً وتطبيق بنوده دون استثناء، تسليم الجيش والمؤسسات الأمنية الأخرى مهمة الدفاع عن الوطن والمواطن، التزام لبنان مشروع السلام العربي الذي أقرّته القمة العربية الأخيرة في الرياض، حلّ الإشكالات القائمة مع سوريا على قاعدة ترسيم الحدود بين البلدين وتبادل السفراء بينهما، الالتزام بقرارات الشرعية الدولية، ودعم عمل المحكمة الدولية».
وإلى التحركات العربية واللبنانية، يصل إلى بيروت بعد ظهر اليوم الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية المشتركة في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، في إطار جولة في المنطقة تشمل أيضاً إسرائيل والأراضي الفلسطينية، وسيلتقي بري ثم رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، ويعقد مؤتمراً صحافياً في السرايا الحكومية ثم يغادر لبنان.
ومع هذه التحركات، بقي موضوع المدمرة «كول» محور سجال داخلي. ولوحظ أمس أن الموالاة بدأت بالتخلّي عن الحذر في التعاطي مع الأمر، حيث قال النائب وليد جنبلاط في موقفه الأسبوعي لجريدة الحزب التقدمي الاشتراكي: «إلى بعض الحلفاء الذين قد يكونون ارتبكوا في مكان ما في موضوع بارجة لا تقدّم ولا تؤخّر في موازين القوى، ليس من داع للخجل، فلقد وقف المجتمع الدولي والإدارة الأميركية وجاك شيراك وأوروبا ودول الاعتدال العربي إلى جانب استقلال لبنان، وساعدوه على الخروج العسكري السوري وقيام المحكمة الدولية. ولا يزال هذا المجتمع يقف بحزم إلى جانب لبنان في قضاياه المحقة.
كذلك انتقد رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع، المعترضين على «كول»، واصفاً الانتقادات بـ«نقيق الضفادع والملهاة»، ومتسائلاً: «ما تأثير هذه القطعة الحربية على لبنان؟ ماذا عاقت؟ هل أتت وخيّمت في رياض الصلح؟ ما الضرر الذي قد تسبّبه بارجة أميركية في المياه الدولية في مكان ما بين لبنان وقبرص وفي سياق الصراع الكبير الذي يجري في الشرق الأوسط حالياً؟». وأضاف: «علينا أن نشكر الولايات المتحدة الأميركية لأنها في شكل من الأشكال تفرض نوعاً من التوازن إذا أراد أي فريق خارجي أن يسبّب فوضى في لبنان». ورد على قول حزب الله إن «من أتوا بالسفن الحربية الأميركية سيغادرون معها»، بالقول: «من أتى على ضهر الحرس الثوري الإيراني أي باسدران هو من سيغادر معهم. نحن أتينا مع يوحنا مارون ولن نترك هذه الأرض».
ووضع مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، خلال لقائه مجلس نقابة المحررين، اتهام الموالاة بالتنسيق مع الأميركيين في موضوع المدمرة في إطار «الحرب الكلامية التي تشنّها المعارضة على الأغلبية»، وأدان «كل تدخل أجنبي في لبنان لمصلحة أي طرف، عدا عن أن الولايات المتحدة الأميركية لا تستأذن أحداً ولا تستطلع رأي أحد لتنفيذ سياساتها الخارجية».
وذكر أحد أقطاب 14 آذار لـ«الأخبار» أن الهدف من التوجيه الأميركي للمدمرة «كول» إلى المنطقة هو «التحذير من أي رد فعل لبناني على ما يجري في غزة، وكذلك من أي رد على جريمة اغتيال أحد قادة المقاومة عماد مغنية تحت طائلة إدخال لبنان والمنطقة في حرب مدمّرة».
لكن الرئيس سليم الحص، وفي إطار تعليقه على تبرير وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط لإرسال «كول» بالخشية على استقرار المنطقة ثم اتهامه المعارضة حصراً برفض المبادرة العربية، رأى أن موضوع المدمّرة الأميركية «تهديد سافر للبنان، ولا تفسير آخر لهذه الخطوة. والهدف هو الضغط على مسار السياسة الداخلية في لبنان في اتجاه معين. وهذا مرفوض». وقال إن الموالاة والمعارضة معاً «رفضا المبادرة العربية عملياً»، بإصرار كل منهما على مطالبه.
وقال النائب ميشال عون بعد ترؤسه اجتماع تكتل التغيير والإصلاح، إن المدمّرات «في الإجمال تدعم الفوضى، ولم تدعم أبداً الاستقرار». وأضاف: «المقاربات بالمدمّرات وحاملات الطائرات جيدة لكي يدافع الشخص عن نفسه، ولكن ليس لكي يفرض إرادته على غيره. و«حلّن يفهموا» أن معادلات القوة لا تصنع السلام ولا الاستقرار». وعن التنسيق قال: «فليتفضل الرئيس السنيورة ولينف ذلك وليقل إن ما صدر على شاشات التلفزيون من تصريحات لمسؤولين أميركيين هو كاذب، فلمَ يكذّبني ولست أنا من تحدث بالموضوع، ولا أحد من زملائي في المعارضة».
ودعا إلى ضم وزير خارجية مصر «إلى قوى الموالاة في لبنان»، آملاً «من كل الدول والوزراء والأصدقاء والمحايدين من الأمم المتحدة أن يحترموا حقوقنا الطبيعية في أن نقول نعم أو لا، وبأي شروط سنشارك نحن في حكومتنا أو لا نشارك. وإذا أرادوا المجيء «ليتفرجوا» فلا بأس، أما إذا أرادوا المجيء بوساطة فعليهم أن يدرسوا الملف ويكونوا عادلين». وقال إن «من أفسد أو أسقط المبادرة العربية هو قوى الموالاة التي يدافع عنها لا نحن». واستغرب النصائح لرعايا بعض الدول العربية، مؤكداً أن «لا مؤشرات حرب». وطالب بتمثيل لبنان في القمة العربية بمن «فعلاً يمثّل لبنان، ولا يمثّل قوى موجودة في المؤتمر ولها أحقية القرار عليه».

تنديد بالأسطول الاميركي والاستقواء به

وقال مسؤول العلاقات الدولية في «حزب الله» نواف الموسوي، إنه إذا أريد من وجود الأساطيل الأميركية «رفع معنويات من هم في الداخل، فهو دليل على ضعفهم. وإذا كان المطلوب تشجيعهم على خطوة الانتخاب بالنصف زائداً واحداً، فإن وجود هذه الأساطيل لا يقدّم ولا يؤخّر في القرار الثابت للمعارضة، ونرى ذلك مساوياً لانتحار القوى السياسية التي تراهن على التدخل الأميركي»، محذراً من أن «أي محاولة للانتخاب على هذا النحو ستقابل بأشد ردة فعل». وأضاف: «إذا كان هناك في الولايات المتحدة الأميركية من يفكر بالتدخل العسكري، نقول: إن في ذلك مؤشراً على قرب ما نتمنى الوصول إليه وهو الانتصار. فحين تبدأ أميركا بدفع الثمن مباشرة من لحمها الحي، لا بأكياس الرمل ولا بالأدوات، ستحزم حقائبها وتخرج خائبة بأسرع وقت تجر أذيال الهزيمة». كذلك أكد المسؤول السياسي للحزب في الجنوب حسن عز الدين «أن لبنان الذي قدم آلاف الشهداء لا يمكن أن يقبل بأن يتحول إلى محمية أو قاعدة أميركية أو إسرائيلية، لإطلاق الصواريخ الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية على الدول التي ما زالت صامدة في وجه هذه السياسات والمخططات الأميركية».
وفيما رأى النائب أيوب حميّد، أن «الاستعراض الأميركي في المياه الإقليمية يهدف إلى ممارسة ضغوط في أكثر من اتجاه بغية خلق وقائع جديدة على مستوى لبنان والمنطقة، وهو يرتبط بالمناخات القائمة إن على المستوى اللبناني أو الفلسطيني»، قال رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني طلال أرسلان، في مؤتمر صحافي عقده أمس، إن لبنان «يتعرض لجولة جديدة من جولات العدوان الخماسي الذي بدأ في تموز 2006، أي العدوان الإسرائيلي ــــ الأميركي ــــ الفرنسي ــــ البريطاني ــــ الأعرابي»، واتهم بعض العرب «بتدخّلات ذات طابع أمني ــــ إجرامي في الشؤون اللبنانية، بتكليف مباشر أميركي ــــ إسرائيلي»، وبأنهم «يتمادون في محاولات تفكيك لبنان بهدف إزالته من الوجود». وقال: «أيها العرب، ارفعوا أيديكم عن لبنان. إن الأساطيل التي تستقوون بها سوف تهزم أمام لبنان وأنتم قد تدفعون الثمن، ومن عادة من تستقوون بهم أن يتخلوا عنكم وعن أتباعهم. إننا نرى في الأساطيل الأجنبية هجوماً منكم على لبنان».
ورأت اللجنة السياسية المشتركة بين جبهة العمل الإسلامي وحركة أمل، أن قرار إرسال المدمرة الأميركية «كول» «هو إعلان حرب ومسٌّ بسيادة لبنان واستقلاله، ويهدف إلى الضغط المباشر على المعارضة الوطنية». فيما انتقد الأمين العام لرابطة الشغيلة زاهر الخطيب، بعد لقائه رئيس هيئة علماء جبل عامل الشيخ عفيف النابلسي، على رأس وفد من سرايا الدفاع عن المقاومة في إقليم الخروب، مواقف السنيورة، «لأنه يكتفي بالتهرّب، من خلال النفي أنه نسّق مع الولايات المتحدة»، وتساءل: «أين هو من الموقف الذي يستنكر هذا الاعتداء على سيادة لبنان وينال من حريته واستقلاله؟ وأين هم أصحاب السيادة ورافعو شعارات الاستقلال ورفض الوصاية من ذلك؟».

الرعايا السعوديون وأمن صيدا والمخيمات

على صعيد موضوع الرعايا السعوديين، قال السفير عبد العزيز خوجة لصحيفة «عكاظ»: «إن الوضع الأمني متردٍّ في لبنان، ومن الطبيعي أن نحافظ على حياة مواطنينا. ولهذا نصحناهم بعدم المجيء»، مضيفاً: «إن من لا يرغب في سماع النصيحة فهذا شأنه». وذكر أن عدد السعوديين المقيمين في لبنان بصورة دائمة يتجاوز ثلاثة آلاف، معظمهم طلبة جامعات، مشدداً على ضرورة أن يتوخوا الحذر في تنقلاتهم.
وتعليقاً على الموضوع، قال الوزير المستقيل فوزي صلوخ إن لبنان «حريص على أمن المواطنين السعوديين، ولا يرضى أن يمسّهم مكروه»، مناشداً السعودية «أن تأخذ في الاعتبار العاطفة التي يكنّها الشعب اللبناني لها قبل اتخاذ خطوات متعلقة برعاياها في لبنان، لئلا يعمد البعض إلى إعطاء ذلك تفسيرات سياسية في غير محلها».
وأخذ النائب علي خريس على السعودية قرار إخراج رعاياها، قائلاً: «إذا كان هذا القرار خوفاً من الحرب الداخلية، فنحن في لبنان كلنا ضد ذلك. أما إذا كان خوفاً من حرب إسرائيلية، فلماذا لا يقفون إلى جانبنا ويخرجون عن صمتهم إزاء القضايا القومية الكبرى؟».
على صعيد آخر، نفى أمين سر حركة «فتح» في لبنان سلطان أبو العينين ما ورد في بعض التقارير الإعلامية في لبنان عن وجود تنظيم «القاعدة» في مخيم عين الحلوة، مشيراً إلى أنها «تهويل ولا طعم لها ولا رائحة». وأكدت النائبة بهية الحريري أن «كل الأفرقاء في صيدا وفي الجوار الصيداوي والجنوبي، وحتى الفلسطيني، لديهم اقتناع بأن من غير المسموح اللعب باستقرار المدينة، لأن هناك وعياً كبيراً لدى الجميع لهذا الأمر، والمواطنون هنا شركاء أساسيون في عملية تثبيت هذا الاستقرار».



سليمان يدعو إلى الجهوزية لصدِّ أي عدوان
اجتمع قائد الجيش، العماد ميشال سليمان، مع أركان القيادة وكبار ضباطها وقادة الوحدات الكبرى. وأفاد بيان لمديرية التوجيه بأنه «وضعهم في صورة التهديدات الإسرائيلية للبنان، والمجازر التي يرتكبها العدو الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، والتحركات العسكرية ذات الطابع الإقليمي والدولي»، ودعاهم إلى «تأمين الجهوزية العالية لوحداتهم لمواجهة كل الاحتمالات المرتقبة، ولا سيما الدفاع عن الأرض جنوباً، واستكمال مهمات حفظ الأمن والاستقرار الداخلي، لافتاً إلى أن واجبهم الأساسي هو منع العدو الإسرائيلي من احتلال الأراضي اللبنانية أو محاولة استخدامها ممراً للاعتداء على الأشقاء العرب»، مؤكداً «إصرار الجيش، وإلى جانبه الشعب والمقاومة على التصدي لأي عدوان إسرائيلي جديد بكل الإمكانات والوسائل المتوافرة، فالدفاع عن الأرض هو حق مقدس كرّسته المواثيق والشرائع الدولية، وهو أولوية وطنية تستحق من الجميع توحيد الطاقات وتضافر الجهود، جازماً بأنه لا تراجع أمام العدو إذا قرر احتلال الجنوب، لأن التخلي عن هذه المنطقة يعني التخلي عن لبنان بأسره». وشدد على «أهمية استخلاص العبر والدروس من تجربة الجيش المتمسك بوحدته وثوابته وأدائه المؤسساتي رغم كل الظروف الصعبة التي مرت بها البلاد، داعياً إلى طيّ صفحة الماضي وتناسي الخلافات والوقوف صفاً واحداً للتغلب على كل التحديات والمخاطر المحدقة بالوطن».