strong>الملك السعودي يستقبل الجميّل وسولانا يدعو إلى انتخاب رئيس قبل القمّةبعد تعثّر البند الثاني من المبادرة العربية المتعلق بتركيبة الحكومة الجديدة، تبدّد الأمل بإمكان الاتفاق على البند الثالث من المبادرة الخاص بقانون الانتخابات بتخلّي البطريرك الماروني عن قانون عام 1960
عادت الأزمة إلى نقطة الصفر، وتحوّلت أجواء التفاؤل التي أشيعت أمس إلى قلق، بعد رفض البطريرك الماروني نصر الله صفير قانون الانتخابات النيابية وفق قانون عام 1960، مطالباً بقانون قائم على دوائر أصغر.
موقف صفير المفاجئ أحدث صدمة في أوساط المعارضة، بحسب مصادرها، فيما نقل زوار رئيس المجلس النيابي نبيه بري عنه أنه غير متفائل، بسبب «الأصوات الصادرة لتصغير الأقضية إلى أجزاء صغيرة»، ما «يعني أن المسلم ينتخب المسلم والمسيحي ينتخب المسيحي، ويعني أن اتفاق الطائف أصبح ألعوبة من وقت إلى آخر، ولا يعود هناك وحدة وطنية» على ما قال رئيس «التجمع الشعبي العكاري» النائب السابق وجيه البعريني، إثر زيارته على رأس وفد، عين التينة. ويعقد رئيس «تيار المردة» الوزير السابق سليمان فرنجية مؤتمراً صحافياً اليوم للرد على طروحات صفير.
وكان نقيب المحررين ملحم كرم قد نقل عن البطريرك قوله إن «القضاء الذي كان سنة 1960 هو غير القضاء الذي نحن فيه اليوم، لذلك إذا كان لا بد من أخذ القضاء قاعدةً، يجب ألّا يتحمّل أكثر من مرشحين أو ثلاثة». ودعا إلى قانون عادل للانتخاب، مشيراً إلى أنه «كلما صغر القضاء كان التمثيل أكثر عدالة وتوازناً».
ورأى أن قائد الجيش، العماد ميشال سليمان، «أثبت أنه رجل رصين، ويمكنه القيام بالمهمة الموكلة إليه، مع العلم بأن بعض أهل السياسة يضمرون غير ما يعلنون». وتبنى دعوة مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني إلى الإسراع في انتخاب سليمان من دون شروط مسبقة، معرباً عن تفاؤله بانفراج «رغم الغيوم الملبدة في سماء لبنان».
وعن عقد قمة روحية إسلامية ـ مسيحية سأل: «هل يأخذ السياسيون في لبنان برأي الرؤساء الروحيين في حال اتفاقهم على رأي؟».
وعن شكل تمثيل لبنان في القمة العربية، قال: «القاعدة معروفة، رئيس الجمهورية هو الذي يمثّل لبنان، ولماذا الاجتهاد في هذا المجال؟». وأشار إلى «أن المدمرة «كول» ليست في المياه اللبنانية، والدول الكبرى تتحرك وفق مصالحها، وقد سبق للأميركيين أن جاؤوا إلى لبنان، وتعرفون النتيجة، ولا نرغب في تكرار المأساة».
الاتحاد الأوروبي يدعم المبادرة

ووسط جمود حركة الاتصالات الداخلية وخلو الساحة السياسية من المبادرات باستثناء المبادرة العربية المترنحة، وصل إلى بيروت الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا على رأس وفد، قادماً من الضفة الغربية في إطار جولة في المنطقة. والتقى سولانا رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة وبحث معهما في الأزمة الرئاسية.
وأعلن سولانا تأييد الاتحاد الأوروبي بقوة للمبادرة العربية، مشدداً على وجوب انتخاب رئيس الجمهورية قبل القمة العربية، وقال: «سنكمل بكل ما بوسعنا» لهذه الغاية.
وأكد سولانا دعمه لحكومة السنيورة التي وصفها بـ«الشرعية»، مشيراً إلى أن الأزمة اللبنانية ناجمة عن عدم انتخاب رئيس للجمهورية، وعن عدم انعقاد المجلس النيابي منذ 17 شهراً.
ورأى أنه لا داعي للتفكير بحرب في لبنان، مشيراً إلى أنه لا مخاطر من وجود البارجة الأميركية «كول» قبالة الشواطئ اللبنانية. وأكد أن القمة العربية «ستحصل كما هو متفق عليه في الزمان والمكان ولا تغيير في ذلك»، معرباً عن أمله أن يتمثل لبنان برئيس في هذه القمة.
ودعا السوريين «إلى التعاون بشكل كبير في الموضوع اللبناني».
وذكرت مصادر الرئيس بري أنه أكد إصراره على المبادرة العربية، آملاً أن ينبثق من اجتماع وزراء الخارجية العرب في اليومين المقبلين ما يساعد على توافق أكبر في سبيل الحل المنشود في لبنان.
وأضافت المصادر أن البحث لم يقتصر على هذا الموضوع، مشيرة إلى أن المجازر التي ترتكبها إسرائيل في غزة أخذت حيزاً من النقاش.
وكان الملف اللبناني محور لقاء بين الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز ورئيس حزب الكتائب أمين الجميل بحضور رئيس الاستخبارات العامة مقرن بن عبد العزيز.
وقالت مصادر قريبة من المباحثات إن الملك عبد الله أكد للجميل «دعم بلاده للحكومة اللبنانية الحالية»، وشدد على ضرورة «انتخاب رئيس للبنان وحل الأزمة اللبنانية في أقرب وقت ممكن»، داعياً اللبنانيين إلى قبول المبادرة العربية حلاً للأزمة اللبنانية وانتخاب رئيس للبنان.
ورفضت المصادر التحدث «عما إذا كان عبد الله قد تحدث مع الجميل عن حضور القمة العربية في دمشق، مكتفية بالقول «إن المملكة لن تتأخر عن وحدة الصف العربي».
من جهته أعلن الجميل في حديث إلى إذاعة «صوت لبنان» «أن المملكة العربية السعودية كانت دائماً السند الأساسي للبنان»، مشيراً إلى أن لبنان يجب أن ينسق معها في موضوع القمة. وأعرب عن اعتقاده «بأن المبادرة العربية بما يتعلق بلبنان متعثرة جداً، وأنا لا أحبذ أن تحصل أي اجتماعات في الوقت الحاضر قبل نضوج الأمور وتكون اقتراحات عملية وجدية».
وكان الرئيس السنيورة قد أجرى اتصالاً هاتفياً بوزير الخارجية السعودي، سعود الفيصل، تم خلاله «التشاور بالتطورات على الساحتين اللبنانية والإقليمية». كما اتصل السنيورة بوزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط.
وفي القاهرة سلم وفد قوى «14 آذار» موسى مذكرة باسم الأكثرية، تشرح موقفها من المبادرة العربية. والتقى الوفد وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، على أن يقابل اليوم وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط وعدداً من وزراء الخارجية العرب للبحث في الوضع اللبناني.
وغادر وزير الخارجية بالوكالة طارق متري ومستشار رئيس الحكومة فؤاد السنيورة السفير محمد شطح، مساء أمس بيروت إلى القاهرة، لتمثيل لبنان في مؤتمر وزراء الخارجية العرب.
من جهته، جدد سفير إيطاليا غبريال كيكيا بعد لقائه وزير الخارجية المستقيل فوزي صلّوخ دعمه للمبادرة العربية، مؤكداً أنه لا توجد مبادرة غيرها. والتقى كيكيا الرئيس بري ومتروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة.
في غضون ذلك، رفض رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية»، سمير جعجع، بعد استقباله القائمة بالأعمال الأميركية في لبنان، ميشال سيسون انعقاد القمة، ما لم يُنتخب رئيس جديد للجمهورية.
من جهته، أدرج «اللقاء الوطني اللبناني» تحركات الأساطيل الأميركية، وما رافقها من تصريحات لرايس وأركان الموالاة في خانة إفشال المبادرة العربية. وندد اللقاء في بيان إثر اجتماعه في منزل الرئيس عمر كرامي، تلاه النائب السابق عدنان عرقجي، بمحرقة غزة.
ورداً على سؤال، قال كرامي: «لم نفاجأ بكلام وزير الخارجية المصري، لأننا كنا نشعر، منذ البداية، بأن هناك انحيازاً إلى الموالاة». وأكد أن فريق الموالاة ينفذ التوجهات الأميركية بحذافيرها، مشيراً إلى «أنه حتى ورقة التين سقطت عنه (...) وأصبح يفاخر بالتخوين».
ولم يمانع بتمثيل حكومة الرئيس السنيورة لبنان في القمة العربية، لكونها «حكومة واقعية». فيما أكد مسؤول العلاقات السياسية في «التيار الوطني الحر»، جبران باسيل، بعد لقائه كرامي، أنه «إذا كان هناك من دعوة للبنان إلى القمة، يجب أن يتمثل لبنان بكل أطرافه»، متسائلاً: «لماذا لا يُبحَث في فكرة وجود المعارضة والموالاة في وفد مشترك؟». ووصف دعوة جعجع لشكر أميركا لإرسالها المدمرة بأنها «انحطاط السياسي».
ودعا رافضي قانون القضاء إلى وضع قانون غيره.
واستغرب عضو كتلة «التغيير والإصلاح»، النائب نبيل نقولا، موقف صفير من قانون القضاء، وسأل: «لماذا يطلب شيئاً، ومن ثم يتراجع عنه؟».
وأيد رئيس تيار «التوحيد اللبناني»، وئام وهاب بعد لقائه رئيس «تيار المردة»، سليمان فرنجية في بنشعي تغيير شكل الأقضية، داعياً إلى تصغير الأقضية الكبيرة.
وفي المواقف من الأزمة، رأى الرئيس نجيب ميقاتي خلال لقاء حواري مع طلاب جامعة الجنان في طرابلس، أن المدخل إلى الحل «يكون من خلال العودة إلى أحكام الدستور اللبناني وروحيته»، مشدداً على «أن الأولوية في الوقت الحاضر هي انتخاب رئيس جديد للجمهورية».
ورأى النائب مصطفى علوش أن «الوضع سائر إلى تأزيم أكبر خلال الأسابيع المقبلة»، وقال: «إن ما يشاع عن أفكار جديدة لحلحلة الأزمة هي مجرد إيحاءات بتسهيل الأمور للتمكن من إمرار استحقاق القمة العربية في دمشق».
في هذه الأثناء، تواصلت المواقف من إرسال المدمرة كول إلى قبالة الساحل اللبناني. وأكد مسؤول العلاقات الدولية في «حزب الله»، نواف الموسوي، خلال استقباله السفير الإسباني، ميغيل بنزو بيريا، «أن المعارضة اليوم بعد البوارج الأميركية أقوى مما كانت عليه من قبل في منع عملية الاحتيال والسرقة».

انتشار الجيش في الخلوات

على صعيد آخر، كشف رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني طلال أرسلان عن انتشار كثيف ومفاجئ للجيش في بلدة الخلوات، في قضاء حاصبيا، «كما لو أن البيئة التي انتشر فيها بيئة معادية، أو غير صديقة. وسرعان ما تبين أن الهدف من الانتشار هو تغطية عودة المواطن وهبي أبو فاعور إلى الخلوات التي أبعد منها منذ زهاء عامين إثر حادث قتل المغفور له الشيخ الجليل أبو غالب كمال أبو إبراهيم».
ورأى «أن العقلية التي تورِّط الجيش بقضايا حساسة بين الأهالي هي نفسها العقلية التي زجت الجيش في أحداث مجزرة الأحد الأسود، وهي نفسها العقلية التي جعلت الجيش يراعي خواطر المسلحين المرتزفة الذين روّعوا الأهالي قبل أسابيع في منطقة عرمون حين راحوا يطلقون الرصاص عشوائياً في الليل، لكن القوة العسكرية لم تضربهم بيد من حديد». وأوضح «أن هذا القرار المريب، الذي يستفز المشاعر، لا يعدو كونه فاتورة سياسية، أقل ما يقال عنها أنها عديمة الحكمة، عديمة المسؤولية، هدفها الوصول إلى الكرسي، وهذا أمر معيب»، مؤكداً أن «السلم الأهلي بين الناس أغلى من أي منصب أو أي كرسي، بما في ذلك كرسي الرئاسة».
وردّّت مفوضية الإعلام في الحزب «التقدمي الاشتراكي» على ارسلان، وأشارت إلى أن انتشار الجيش في محيط بلدة الخلوات جزء من الخطة الأمنية التي ينفذها في كل المنطقة.
وأوضحت «أن التحقيقات التي أجريت في حادثة خلوات الكفير قد توصلت إلى خلاصة قضائية مثبتة في قرار ظني، ثبت بموجبه عدم وجود أي مسؤولية على أي من أبناء القرية، عن الوفاة الأليمة للشيخ كمال أبو ابراهيم، بل حدد المسؤولية عن التسبب بالوفاة بأشخاص من خارج القرية، كما إن أي قرار بالإبعاد لم يتوافق عليه أو يتخذ لا من قبل رجال الدين ولا من المرجعيات، وإذا كان قد حصل تغيب عن القرية للرفيق وهبي أبو فاعور لسنتين، تأكيداً على روح المصالحة».