فداء عيتانيحبذا لو تهتم كل فئة بشؤون أعمالها، وتحديداً مهنتها، وعلى سبيل المثال أن يقوم طبيب الأسنان بمعالجة الأضراس المتسوّسة دون أن يحاول إفحامك بوجهة نظره السياسية، بينما يده في فمك ومثقابه على أعصاب الضرس تلويك من الألم. للطبيب الحق في طرح رأيه، إلا أن محاولة الإفحام شأن آخر، وخاصة أنه يتحكم في مصير فمك وأعصابه وأعصابك. كذلك لو يكتفي رجال الدين وعلماؤه بالصلاة والتعبد والعلوم الدينية، ويرفعون وجهة نظرهم في السياسة إلى بارئهم الأعظم، فهو من في قدرته الكلية الحل والربط وترتيب أمور العباد، تاركين شؤون تنظيم الانتخابات والأقذار الدنيوية لمن يقبل، بل يقاتل، من أجل التلوّث بها، معفين أنفسهم ومتعففين عن مهمة كم ناخباً يجب أن ينتخب نائباً واحداً، وأية دائرة أدق تمثيلاً من الأخرى، ويدعون النسبية تحصل على حقها في الاختبار في بلد التجارب السياسية العجيبة. ولكن ما الذي يمكن قوله أمام من لا يضع يده في فمنا فقط، بل يحكم دنيانا وآخرتنا، من المهد إلى السرير الزوجي إلى اللحد، ويمسك بنا من أماكن نخجل بذكرها.