تقرير بان عن الـ 1701: تركيز على خروق إسرائيل وتكذيب ادّعاءاتها
في قراءة متأنّية للتقرير السادس يتبيّن أن هناك توسّعاً في نظرة الأمين العام لمجلس الأمن إلى قضيّة مزارع شبعا. وأدّت الخلافات اللبنانيّة إلى عدم صدور بيان عن المجلس عقب مناقشته للتقريرين الخامس والسادس، ما يؤدّي إلى عدم مواصلة تطبيق الـ 1701
نيويورك ـ نزار عبود
من غير المتوقع أن يتخذ مجلس الأمن الدولي قراراً بشأن الوضع الدستوري اللبناني، خلال الجلسة التي يعقدها قبل منتصف الشهر الحالي لمناقشة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون السادس عن تطبيق القرار 1701 فالتقرير لن يفتح الباب أمام تدويل الاستحقاق الرئاسي في لبنان، إذ إن هذا الأمر غير ممكن، في ظل فقدان الإجماع اللبناني عليه، كما أنه يعقّد الأمور على الأرض أكثر مما يحلّها، وقد يولّد ظروفاً تجعل قوات اليونيفيل أكثر خشية على سلامتها مما هي عليه.
ويعتقد دبلوماسي في بعثة إحدى الدول الأعضاء في مجلس الأمن، بأن أي حل أجنبي في لبنان قد يهدّد لحمة الجيش اللبناني الذي ينتشر 15 ألف عنصر منه إلى جانب قوات اليونيفيل في الجنوب. ويرى أن «أي انقسام سياسي قد يتفاعل ويولّد انقساماً أمنياً داخلياً يدفع أكثر من دولة أوروبية إلى سحب قواتها من المنطقة، ولا سيما القوة الإسبانية»، مشيراً إلى أن مجلس الأمن قد يعير قضية الانتخابات الرئاسية اهتماماً كبيراً، لكنه سيفضّل انتظار استنفاد الجهود العربية كاملة، وربما إلى ما بعد قمة دمشق في الأسبوع الأخير من الشهر الحالي لكي يتحرك في اتجاه تمليه الظروف، وسيترك مناقشة الأمر إلى نيسان المقبل. ولوحظ في هذا الصدد أن التقرير الأخير قال في فقرته الثالثة إن فشل الجهود العربية والدولية ناجم عن «المصالح الإقليمية المتداخلة مع الفعاليات اللبنانية الداخلية».
ويلاحظ أن مجلس الأمن، وعلى غير عادته، لم يصدر بياناً عقب مراجعة تقرير بان الخامس في نهاية تشرين الأول الماضي. فالانقسام الداخلي في لبنان يحول دون مواصلة تطبيق القرار 1701 من نواح عدة، أهمها أن بسط سيادة السلطة على كامل الأراضي اللبنانية، بما في ذلك شرعنة سلاح المقاومة ونزع سلاح التنظيمات والميليشيات الأخرى، يقتضي وفاقاً سياسياً داخلياً، فضلاً عن انتفاء التهديد الإسرائيلي. وموقف الأمم المتحدة كان دوماً يقضي بأن أي تسوية لسلاح حزب الله لا تتم إلا بالحوار الداخلي اللبناني.
وتستطيع الدول التي تختلف مع الولايات المتحدة في قضية من هذا النوع، وعددها نحو سبع دول، أن تستند إلى الكثير من العناصر الإيجابية التي جاءت في تقرير الأمين العام الجديد رغم الملاحظات الاعتباطية التي بنيت على دس إسرائيلي معلن، وأبرزها إظهار التقرير أن إسرائيل هي الخارق الأكبر للقرار، لا الفئات اللبنانية.
أما الحديث عن تهريب الأسلحة إلى لبنان، فقد نفى التقرير هذا الأمر نفياً قاطعاً. ويذهب إلى أبعد من ذلك في الفقرة 49، مؤكداً تعاون سوريا الكبير في تطبيق القرار. ويقول: «لقد كررت الجمهورية العربية السورية أنها ضاعفت عدد حرس الحدود على الجانب السوري للحدود، الأمر الذي أشرت إليه في تقريري المؤرخ في 14/3/2007. كما أشارت سوريا إلى أنها طلبت الحصول على تجهيزات تقنية للمساعدة في مراقبة حدودها، وكذلك تدريب الأفراد السوريين، ولكنها لم تتلق إجابة محددة في هذا الخصوص. علاوة على ذلك، فإن سوريا قدمت معلومات عن 17 اجتماعاً عُقدت بين مسؤولين سوريين ولبنانيين في الفترة من 6/12/2007 حتى 29/8/2007، ونوقشت خلالها مواضيع عملية تتعلق بالتهريب والجمارك ودخول المزارعين للأراضي على جانبي الحدود».
واستند بان إلى تصريحات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بشأن زيادة قدرات الحزب الدفاعية. وانطلق منها ليتهم إيران وسوريا بمواصلة تسليح الحزب. وهو استنتاج قد يحمل الخطأ والصواب، علماً بأن التقرير نفسه أكد أن الوشايات الإسرائيلية لم تكن دقيقة، إذ جاء في الفقرة 26: «تصرّ إسرائيل على أن حزب الله يعيد بناء حضوره وقدراته العسكرية بشكل خطير ضمن منطقة عمليات اليونيفيل. وفي بعض الأوقات، فإن قوات جيش الدفاع الإسرائيلي قد زوّدت اليونيفيل معلومات عن مواقع تقع ضمن منطقة عمليات اليونيفيل، وادّعت فيها القوات الإسرائيلية حصول هذه الأنشطة. لكن اليونيفيل، بالتعاون مع القوات المسلّحة اللبنانية، تتحرى فوراً عن هذه الادّعاءات إذا توافرت لديها معلومات محددة بشكل كاف، ولم تجد حتى اليوم أي دليل على بنية تحتية عسكرية جديدة في منطقة العمليات».
ومن جهة أخرى، فإن الخرق الإسرائيلي مستمر بعدم التعاون في إزالة القنابل العنقودية والألغام، لأن الخرائط التي قُدّمت حتى الآن غير كافية. ومنذ انتهاء عدوان تموز عام 2006 حتى الآن، أدت تلك القنابل «إلى مقتل 27 مدنياً وجرح 209 آخرين، وكذلك وقوع 14 ضحية من فرق إزالة الألغام (بينهم شخص من اليونيفيل) وجرح 34 من هذه الفرق خلال القيام بتلك العمليات».
ولم يعد التقرير يركّز على مزارع شبعا كما كانت عليه الحال في التقرير السابق، بل يشير في فقرته 56 إلى أنه لم يتلق أي رد فعل رسمي على التعريف الأوّلي لرسّام الخرائط من جانب كل من حكومات لبنان وسوريا وإسرائيل... وهذه الإشارة إلى الدول الثلاث توسّع منظار رؤية الأمين العام لمسألة مزارع شبعا. وبذلك يكون الفريق قد أخذ بملاحظات سوريا في شأن هذا الموضوع، ولم يعد يقتصر على الإشارة إلى سوريا ولبنان حصراً. ورغم أن الأمين العام يشير في الفقرة 56 إلى أن سوريا لم ترد بعد على طلبه الوارد في رسالته المؤرخة في 30/10/2007 في شأن الحصول على بعض الخرائط، فإنه قد نقل هذه المرة في الفقرة 57 وجهة نظر الأطراف، سوريا ولبنان وإسرائيل، من هذه المسألة. وفي هذا السياق، يعاود الأمين العام الحديث عن نيته متابعة رسالة وزير خارجية إسبانيا موراتينوس المتعلّقة بموقف الحكومة السورية من مزارع شبعا.


بصمات روبرت سيري واضحة
من الملاحظات الأساسية التي سُجّلت على التقرير السادس عن تطبيق القرار 1701 أنه يحمل بصمات طاقم العمل الجديد المتمثّل بكلّ من المنسّق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط روبرت سيري، ورئيسة شعبة آسيا والهادي في إدارة الشؤون السياسية ليزا بوتنهايم، وأنه يشير إلى مقاربة أكثر حذراً لمواقف الأطراف المعنيين ولخريطة الحوادث التي جرت في لبنان منذ صدور التقرير السابق للأمين العام.