strong>بيان المطارنة غيَّب الموضوع وفرنجيّة يتّهم مسيحيّي 14 آذار بـ «تضليل سيدنا»
كالقضاء والقدر، حلّ موضوع قانون الانتخابات النيابية وتقسيمات الدوائر، بنداً رئيساً على جدول أعمال خلافات اللبنانيين المنتقلة من سجال الى آخر، مع ترك أبواب كل البنود مفتوحة على مختلف أنواع الإشكالات والتفسيرات المتناقضة مع خلو البيان الشهري لمجلس المطارنة الموارنة، من أي إشارة الى قانون الانتخابات، بعد الزوبعة التي أثارها تفضيل البطريرك الماروني نصر الله صفير للدوائر الصغرى، جاء ما ذكرته مصادر كنسية رفيعة المستوى لموقع «النشرة دوت كوم» أن ما نُقل عن صفير «فُسّر بطريقة خاطئة ومغلوطة واستُغل بطريقة غير لائقة إعلامياً»، ليشير الى أن بكركي تنوي التراجع عن الموقف الذي أعلنه سيدها.
وقالت المصادر لـ«النشرة» إن صفير «لم يرفض قانون انتخابات 1960 بالمطلق» وإنه «أوضح لأحد الدبلوماسيين الغربيين أن هذا القانون بحاجة الى ترميم مع إدخال بعض التعديلات عليه، ليصبح متلائماً والمتطلبات العصريّة وبما يحفظ حقوق المسيحيين». وذكرت أنه «مستاء جداً من التحريف الذي طاول كلامه حيال هذا الأمر والاستغلال السياسي الذي جيّره أحد الأفرقاء بطريقة توحي أن البطريرك لا يريد قانون انتخابات 1960»، متهمة هذا الفريق بأنه «أراد استعمال بكركي غطاءً لمشاريعه». وأضافت «أن عدم إشارة بيان المطارنة الموارنة أمس إلى موضوع الانتخابات، يدل على استياء الكرسي البطريركي».
وكان بيان المطارنة قد بدأ بالقول إن «التباطؤ في انتخاب رئيس للجمهورية بعد دعوة النواب الى جلسة انتخاب للمرة الخامسة عشرة لهو أمر مثير للعجب والسخط في آن معاً»، داعياً «الفئات السياسية كافة الى العمل معاً على تخطي العقبات التي تحول دون إتمام هذا الاستحقاق الذي من شأنه أن يضع البلاد من جديد على طريق التقدم والازدهار». ثم ساوى بين «القوى المتصارعة» بقوله إنها ماضية «في ما رسمته لنفسها بتدخل خارجي من مشاريع لا يبدو أنها تعود بالخير على الوطن ككل، بل تهدف الى إرضاء مصالح دولية وإقليمية وفئوية على حساب مصلحة الوطن، وهذا ما يجب ألا يكون».
بعد ذلك تحدث عن اضطرار الكثير من الصناعيين «الى صرف عمالهم وموظفيهم وإقفال مؤسساتهم»، والزراعيين «الذين يشكون من عدم الحماية لمنتجاتهم وعدم التعويض عما يحل بهم من كوارث طبيعية وغيرها، وأصحاب المؤسسات السياحية الذين حرمتهم الظروف الأمنية والسياسية مورد رزقهم، والمرشحين لكتابة العدل الذين وعدوا بالنظر في وضعهم، ولم يعيّنوا، الى ما سوى ذلك»، معتبراً ذلك دليلاً على «فقدان ما يجب أن يسيّر الدولة من نشاط دائب».

ردود فعل على موقف صفير

وسبقت ذلك، عاصفة من ردود الفعل على موقف صفير، أبرزها من رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، الذي اتهم قوى 14 آذار بأنها أرسلت عضو هيئة دراسة قانون الانتخابات زياد بارود إلى بكركي لإقناع المطارنة في حضور صفير بـ«الانقلاب على قانون 1960»، معتبراً أن الهدف من ذلك «تطيير قانون القضاء بطريقة ذكية» وإحداث خلاف على قانون الانتخابات لعدم إجراء انتخابات سنة 2009 أو لإجرائها على أساس قانون 2000». ورأى أن بكركي «مضللة من فريق 14 آذار ولم تعد مؤسسة». وفي الوقت نفسه أبدى استعداده للسير بطرح صفير إذا أقنع «حليفه الجديد وليد جنبلاط وحليفه الآخر سعد الحريري» بقبول تقسيم بيروت الى 5 دوائر وكل من عكار وطرابلس والشوف الى 3 دوائر. وقال: «كلام بكركي الجديد عن قانون الانتخابات جاء بعد عشرين سنة مطالبة بالقضاء، ليصار بعد ذلك الى اعتباره خطأ، وإن شاء الله لا تكون هناك أخطاء أخرى بحاجة الى عشرين سنة أخرى ويكون الأوان قد فاتوكشف أنه بعدما أعلن الرئيس الراحل رفيق الحريري تأييده لقانون القضاء «وكان حينها يهدف الى إحراجنا، أجرينا الدراسات ووجدنا أن القضاء جيد، فسياسياً لا خسارة منه، ومسيحياً يعيد التمثيل الصحيح، فذهبت الى بكركي ووجدت القضاء حلماً بالنسبة الى سيدنا، لكنه كان يقول لنتكلم بالممكن، فبادرته بالقول: هديتي لك سيدنا قانون القضاء. فسأل: هل يمكن أن تسير به ويقبل الشيعة؟ فقلت له الشيعة على مسؤوليتي. قال: والسوريون؟ قلت: على مسؤوليتي كذلك. ولكن أنت عليك بقرنة شهوان. وفعلاً أقنعت السوريين والشيعة وكل الحلفاء، فيما هو لم يستطع إقناع قرنة شهوان». وأوضح أن الرئيس نبيه بري لم يرفض القضاء «والذي رفضه وخاض معركة ضده هو الرئيس رفيق الحريري رحمه الله».
وأبدى تأييده لتعديل الطائف «لمصلحة نظام رئاسي متفق عليه ليمشي البلد، فما هو هذا البلد الذي فيه ثلاثة رؤوس تتضارب الصلاحيات في ما بينها، ولا أحد يتكلم مع أحد؟».
على صعيد آخر، قال إن دعوة لبنان الى قمة دمشق «ستصل عبر الأمانة العامة للجامعة العربية»، مؤكداً أن لبنان «سيحضر»، ولم يمانع حضور الحكومة كـ«حكومة مستقيلة». وتمنى أن تكون هنغارات البوارج الأميركية «كبيرة وفيها غرف منامة وفرش اسفنج، لأن كثيرين سيرحلون معهم الى أميركا». وحذر من أن «المناخ في لبنان جاهز للحرب، أي شرارة، أي مشكلة، أي اغتيال كبير يمكن أن يؤدي الى حرب»، مضيفاً أن المشاركة في الحكم «هي التي تسحب فتيل الحرب».
وبعد لقائه سفير إيطاليا غابريال كيكيا والقائم بالأعمال اليوناني بانوس كالوجيروبولوس، قال النائب إبراهيم كنعان: «إذا كان هناك قانون يؤمن عدالة ودقة التمثيل أكثر من قانون 1960 فنحن سنكون أشد المتحمسين والداعمين له»، محذراً من إضاعة فرصة تمرير هذا القانون الذي تمكنا من أخذ موافقة شركائنا في المعارضة عليه، من دون أن يتمكن مسيحيو الموالاة من إقناع شركائهم بالدوائر الأصغر».
وانتقد النائب عبد المجيد صالح ما سمّاه «طرح البعض الشيء ونقيضه في موضوع قانون الانتخابات»، مضيفاً: « يريدون إجراء عملية تجميل على الطريقة السياسية لمسخ الأقضية وتفتيتها على مقاساتهم ويريدون الانتقال الى الدائرة الصغرى دائرة المذهبية والطائفية والعصبية لإعادة إنتاج فتافيت»، معتبراً أن المطالبة بالقضاء والانقلاب عليه يأتيان في سياق العرقلة المستمرة كلما لاح في الأفق مشروع حل للأزمة».
كذلك رأى النائب مروان فارس أن طرح صفير «دعوة الى مزيد من التقسيم والتفتيت»، وأن تصريحه «يصبّ الزيت على نار الحروب الداخلية، وكنا نتوقع منه أن يقدم موقفاً مغايراً لمواقف جنبلاط وسمير جعجع التي هي بالجوهر مواقف تفتيتية وتجزيئية في لبنان». وقال إن هذا الموقف «يطيح كل الجهود العربية المبذولة للخروج من الأزمة» و«يأتي في سياق إعادة صياغة كل الاتفاقات المعمول بها في لبنان وخاصة اتفاق الطائف».
وقال الوزير السابق فريد الخازن، في عين التينة، انه إذا كانت هناك معطيات عند صفير أفضل من قانون الـ1960 «فلنعرفها، ولكن إذا كان هناك كلام وزيارات لسيدنا البطريرك، ووشوشة من هنا ووعد من هناك، فهذا أمر آخر»، ورأى في الأمر «عملية «بلف» وتسويف توصلنا في النتيجة الى ما وصلنا إليه في الانتخابات الماضية، بحيث يطالب البعض بالقضاء وتحت الطاولة يسير بقانون الألفين».
وشدد الوزير السابق طلال المرعبي على سن «قانون انتخابي متكامل، وبحث ذلك على نار هادئة»، داعياً الى السعي للوفاق «بعيداً عن الاستقواء بالأساطيل وبأحد» لأن «من الغباء أن يظن البعض أن الولايات المتحدة الأميركية تحرّك أسطولها في البحر المتوسط ومقابل الشواطئ اللبنانية لتخدم مصالح أحد، فهي لا تخدم إلا مصالحها».

مسعى سويسري وهجوم على التدخل الأجنبي

في المواقف الأخرى، أكد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، خلال لقائه مجلس أمناء الاتحاد البيروتي، أن المشكلة سياسية بامتياز ولم تكن «في كل هذه المرحلة مذهبية أو طائفية»، متهماً أميركا «ومن معها باستخدام لبنان ساحةً للشرق الأوسط الجديد ولتثبيت كيان إسرائيل»، وأنها لا تريد رئيساً توافقياً بل تريد بقاء الحكومة الحالية. ورأى أن الأمور معقدة جداً لأنها «خرجت من يد جماعة السلطة وأصبحوا جزءاً من الادارة الأميركية المباشرة للأزمة... وما تفشيلهم للمبادرة العربية إلا صدى للأوامر الأميركية»، محمّلاً هذه الجماعة «مسؤولية استخدام لبنان ساحةً إقليمية دولية، وندعوهم الى الكف عن تأدية خدمات خارجية، حرصاً على لبنان التعايش والحرية». وقال: «إن شعوب المنطقة وصلت إلى رشدها في محافظتها على استقلالها ورفضها للتبعية الأجنبية، وإن أي اعتداء سيزيدها تصميماً وعزيمة وسيراكم الفشل لأميركا وإسرائيل».
وإذ رأت كتلة «الوفاء للمقاومة» في استقدام المدمرات الأميركية «خطوة مريبة تستهدف الاستقرار في لبنان وتعطيل الحلول والتحريض على الانقسام»، اتهمت «فريق السلطة» باستدعائها «والاستقواء بها»، معتبرة أن تصريحات «بعض رموز» هذا الفريق «تواطؤ مكشوف أعلن المتورّطون فيه عدم خجلهم منه وشكرهم للخطوة الأميركية». وأكدت «ضرورة حضور لبنان في القمة العربية المقرر انعقادها في دمشق على أن لا يختزل الموقف اللبناني بوجهة نظر فريق واحد من اللبنانيين». وأبدت أسفها «لما عكسه تقرير الامين العام للأمم المتحدة عن القرار 1701 من مجافاة للحيادية والموضوعية، واستناده في عدد من المسائل التي تعرّض لها الى معطيات ناقصة ومجتزأة، من جهة، والى مزاعم إسرائيلية غير مثبتة، من جهة أخرى»، وأردفت أن نجاح مهمة منظمة الأمم المتحدة يتوقف «على الالتزام الصارم بالموضوعية وعدم المحاباة».
من جهة ثانية، وإثر الاجتماع الدوري في مجدليون بين النائبة بهية الحريري وتيار «المستقبل» وقيادة الجماعة الإسلامية، قال رئيس المكتب السياسي للجماعة علي الشيخ عمار إن البحث تناول الأوضاع الاقليمية والمحلية، مشيداً بـ«موقف الجميع من أي تدخل أجنبي ورفض أية ضغوط قد تمارس على اللبنانيين أكان هذا بواسطة البوارج الحربية أم أي تدخل آخر من أي جهة أتى من الدول الغربية أو حتى من بعض الدول الاقليمية».
في غضون ذلك، زار موفد رئيس الاتحاد السويسري لشؤون الشرق الاوسط ديدييه بفيرتر، رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة والرئيس نجيب ميقاتي الذي ذكر مكتبه الاعلامي أن زيارة بفيرتر تندرج في إطار التحضير لدعوة القيادات اللبنانية الى عقد طاولة حوار في سويسرا.
وفي المواقف الدبلوماسية، أعرب السفير الألماني هانس يورغ هابر، بعد لقائه نقيب المحررين ملحم كرم، عن اعتقاده بأن أوروبا «لن تطرح مبادرة خاصة وجديدة في شأن لبنان»، وقال: «هناك المبادرة العربية وليس من مبادرة سواها»، مردفاً: «بعد القمة العربية، إذا انعقدت، سنرى». كذلك أعلن القائم بالأعمال الروماني نيكوسور دانيال نييغودزيسز، بعد زيارته الوزير المستقيل فوزي صلوخ، استمرار بلاده «كعضو في الاتحاد الاوروبي في مواصلة الجهود لإيجاد حل في أقرب وقت ممكن انطلاقاً من المبادرة العربية بدءاً من انتخاب رئيس للجمهورية».

سجال حول الديكتاتورية والعمالة والتجنيس

ورداً على هجوم الوزير مروان حمادة على بري مساء الثلاثاء، قال النائب علي حسن خليل لحمادة: «صفاتك المعلومة، عميلاً متنقلاً بين مخابرات الأرض منذ يفاعتك حتى منصبك الأخير وما بينها من رتب مجهولة (...) هذه الصفات زادها وضوحاً التوتر والانفعال ولغة الشتائم لتعبّر عن الانكشاف الذي طالك ومجموعتك أمام اللبنانيين بعد مصارحة الرئيس بري لهم وأنت ترمي اتهامات مردودة تعكس شخصيتك».
وأمس، هاجم النائب أنطوان اندراوس بري أيضاً، واتهمه بأنه «يتعاطى مع مجريات الأوضاع بأساليب ملتوية»، وبأنه «عندما تحين ساعة الحقيقية لا يقف إلا مع نفسه ومع من ينطق باسمهم»، واصفاً مقابلته الأخيرة بـ«الفولكلوريةو رد عليه النائب علي بزي بالقول: «خسارة الحبر رداً على نائب من جنسية 1968 ـ القامشلي الملتوي الجنسية والشخصية، فلا متعة لي بالرد عليك أو سماعك أو حتى قراءتك».
وكان الأمين القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي فايز شكر، رد على وصف حمادة لبري بأنه ديكتاتور، بالقول: «الديكتاتور أفضل وأشرف وأنبل من العميل». كما قال لأندراوس الذي «بدأ يعطي دروساً في الوطنية والقانون وكيفية إدارة المؤسسات»: «الحد الأدنى يجب أن تكون لبنانياً أكثر من مئة عام كي تعطي توجهات كهذه وخيارات كهذه».
على صعيد آخر اتهم النائب السابق ناصر قنديل النائب وليد جنبلاط و سمير جعجع بأنهما طلبا مجيء الأسطول الأميركي لتنفيذ «عمليات اغتيال نوعية»، منها اغتيال العماد ميشال عون من خلال صاروخ «توما هوك» يسقط في الرابية في إطار سيناريو عدد من السيارات المفخخة للإيحاء بأن عملية انتحارية قد استهدفت قائد التيار الوطني الحر تنسب إلى التنظيمات الإسلامية المتطرفة كفتح الإسلام ويقال قتل «نصراني» أو «صليبي» إلى آخر ما هنالك من المصطلحات التي يمكن أن تسعى لذر الرماد في العيون».