فداء عيتانيقبل الجميع، يقف أولئك الشبان اللبنانيون الذين يتضامنون مع غزة، والذين يعانون تعسّف جامعاتهم ومحاولتها ثنيهم عن التضامن مع فلسطين. قبل الكل يقف هؤلاء ليعيدوا الأمل في ظل محاولات جر الوعي العام خارج سياقه العام، وخاصة خارج إنسانيته. قبل الجميع يقف هؤلاء، في وجه ليبرالية متوحشة أنيابها من عظام قتلى في حروب طائفية، ويتضامنون مع أنفسهم، مع أوطانهم، ويعلنون أن ما يرونه من ذل وقهر في أعين عجائز فلسطينيين، إنما يهين إنسانيّتهم، وأن دماء الأطفال ودموعهم عار علينا. قبل الجميع يأتي هؤلاء، قبل كل القوى التي فقدت مبرر وجودها منذ أعوام طويلة، وقبل الطوائف، وفقهاء السلطان، وقبل تقسيم المواقع والحصص والدوائر الانتخابية، وقبل الضرائب للإنفاق غير المجدي، ونظريات الدور الاقتصادي الخدماتي، والربيع الآتي، وثورات لا تغيّر ما في النفس ولا ما في الدساتير. يتضامن شّبان مع إنسانيتهم، وربما هم لا يعلمون أن خلفية تضامنهم ليست عاطفية، تماماً مثل هذه الكلمات، فقهر غزة اليوم هو ما عشنا وعاينّا منذ عام 1982.