فاتن الحاجأصرّ المتعاقدون في الجامعة اللبنانية على المضي في إضرابهم المفتوح، بانتظار إدراج ملف التفرّغ الواضح والشفاف على جدول أعمال مجلس الوزراء، في وقت تمنى فيه عليهم رئيس الجامعة الدكتور زهير شكر تعليق الإضراب وإمهال وزير التربية بعض الوقت إفساحاً في المجال لدراسة الملف بعدما باتت أسماء كل المرشحين للتفرّغ بحوزته.
وانضم شكر أمس إلى الاعتصام الذي دعت إليه الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة أمام الإدارة المركزية كخطوة تحذيرية وجزء من تحرك مفتوح يُستكمل باعتصام تنفذه الهيئة، الرابعة من بعد ظهر اليوم، أمام مقر وزارة التربية والتعليم العالي في الأونيسكو. وقد حضرت الهيئة التنفيذية بكل أطيافها السياسية إلى الاعتصام الذي شارك فيهالمتعاقدون «المضرِبون» باعتباره مناسبة لتوحيد الجهود الدالة على وحدة الجسم التعليمي. وحرصت لجنة المتابعة على أن يكون لها كلمة ألقاها الأستاذ في كلية الحقوق الدكتور رامي عبد الحي، الذي يمثّل فروع الشمال. وجدد عبد الحي التأكيد على أنّ الإضراب ليس موجهاً ضد أحد، مشيراً إلى أنّ المتعاقدين يعوّلون على حسن النيات عند كل من رئيس الجامعة ووزير التربية لحل الملف خلال أيام.
أما رابطة الأساتذة، فأتت بلافتات تدعو فيها السياسيين والطائفيين إلى أن يرفعوا أيديهم عن الجامعة الوطنية، كي يطبّق قانون التفرّغ 6/70 على قاعدة الكفاءة لا المحاصصة، متسائلة: «كيف تبنى الجامعة الوطنية من دون إنصاف أساتذتها؟». وإذ أعلنت الرابطة في لافتاتها «أننا نخجل من إعلان أجر الساعة للأستاذ المتعاقد، بغياب الضمانات الاجتماعية والصحية»، لم تنسَ قضايا أخرى كالمجمعات الجامعية في المناطق وإدخال المتفرغين إلى الملاك.
وأكدت على لسان رئيسها الدكتور سليم زرازير رفضها لكل تبرير يأتي في سياق تأجيل البت بهذا الملف كما في سائر الملفات التي بحثتها مع المراجع المعنية. فحرمان المتعاقدين المستحقين الدخول إلى التفرغ مخالف، بحسب زرازير، لكل الأعراف والقوانين، ومناقض لأبسط الحقوق الإنسانية، «والتباطؤ في تفريغ الأساتذة المستوفين الشروط يعيق مسيرة الجامعة».
ودعا زرازير المسؤولين إلى تقدير ظروف الجامعة والأخذ بعين الاعتبار تأمين شروط استمرارها في تأدية دورها الأكاديمي والوطني، مطالباً إياهم «بأن لا يراهنوا على وطنيتنا وروح المسؤولية عندنا لكي يهمشوا مطالبنا ويستهتروا بحقوقنا».
وأعلن أن الرابطة لن تتراجع خطوة إلى الوراء بل ستثابر على نضالها لإدخال كل الأساتذة المتعاقدين المستوفين الشروط الى التفرغ على قاعدة الأقدمية والكفاءة واحترام القوانين لا على قاعدة الاستنسابية والمحاصصة.
من جهته، رأى شكر أنّ مراعاة التوازن بطلب من السلطة السياسية ينعكس حتماً على مبدأ المساواة، متوقفاً عند تجاوب الوزير مع مبدأ تفريغ كل من يستوفي الشروط الأكاديمية والقانونية، «ما جعلنا نعيد النظر بالملف ونرفع كل الأسماء المرشحين للتفرغ». وتوجه شكر إلى المتعاقدين قائلاً: «لماذا تأخرتم في الإضراب 10سنوات وخصوصاً أنّ عدد الأساتذة المتفرغين وفي الملاك يتناقص تدريجياً بشكل هندسي»، ملوحاً «أننا قد نصل إلى إقفال الجامعة إذا لم تسمح لنا السلطة بالتعاقد مع أساتذة متفرغين». أما آلية التحرك، فيجب أن تكون تصاعدية، يقول شكر، «وإن كنتُ لا أتدخل في العمل النقابي فهذا شأنكم وشأن رابطتكم لكن قضيتكم قضيتي ومستعد لأن أغلق مكاتب الرئاسة إذا اضطر الأمر، كذلك هي قضية الرابطة وقضية وزير التربية، وبالتالي أعطوه مهلة يا إخوان».
وهنا علا صوت المتعاقدين الذين أصروا على الإضراب المفتوح، باعتباره موجهاً ضد المعاناة. فتدخل النقابي الدكتور عصام خليفة: «بل هو موجه ضد الرابطة ورئيس الجامعة والجامعة». وساد بعض التشنج الاعتصام، فجدد زرازير التأكيد على أنّ الرابطة لم تعلن الإضراب المفتوح، وهي الأداة النقابية التي تمثل الجميع، ما استدعى تدخلاً من منسق لجنة المتابعة داود نوفل الذي أوضح «أننا لسنا هيئة شرعية بل لجنة تنتهي بتحقيق التفرّغ ونحن وراء الرابطة ولم نختلف سوى بتقدير الموقف وآلية التحرّك». وأردف قائلاً: «اللي إيدو بالنار مش متل اللي إيدو بالميّ».
برز في الاعتصام موقف متمايز لأساتذة معهد العلوم الاجتماعية ـ الفرع الأول الذين طالبوا في بيان وزعوه بإزالة الظلم عن زملائهم الذين استبدلوا لاعتبارات خاصة بآخرين في اللائحة التي رفعت والتي ضمت 500 أستاذ، علماً بأنهم يتمتعون بحق الأقدمية ومستوفين للمعايير. وأكدوا أنّ الرابطة وحدها تستطيع أن تطلب تجاوز الاعتبارات الطائفية.
وانتقل أعضاء الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة إلى مكتب الرئيس حيث عقدوا اجتماعاً أوضح فيه شكر أنه اتفق مع الوزير على أهمية توافر شرط النصاب الكامل، وإن كان سيعاد النظر بحوالى 130 اسماً من الأساتذة والموظفين الثانويين الذين يحق لهم أن يُرقّوا، مؤكداً أنّه ليس هناك مشكلة في الأموال التي يمكن تأمينها من الاحتياط العام للجامعة الذي يبلغ 50 ملياراً، بل الأمر يحتاج إلى قرار من الحكومة. من جهته، انتقد الدكتور عصام خليفة التأخير في رفع الملف من أيار حتى تشرين الثاني.