strong>جنبلاط يتصل ببرّي وعون يرى الطريق صعبة لكن النهاية ستكون سعيدة
دخلت الأزمة مرحلة جديدة من التجميد قد تمتد حتى موعد انعقاد القمة العربية في دمشق أواخر الشهر الجاري مع تراجع حظوظ انعقاد جلسة الحادي عشر من آذار وعدم حسم مسألة عودة الأمين العام للجامعة العربية إلى بيروت
علّقت عودة الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى إلى بيروت على تحقيق خرق في اتصالاته مع الأفرقاء اللبنانيين من جهة والاتصالات الإقليمية، وتحديداً بين إيران والمملكة العربية السعودية في إطار التشاور في سبل حل الأزمة اللبنانية، من جهة أخرى.
وترافقت هذه الاتصالات مع تراجع حدّة الاشتباك السياسي الداخلي والسجال بين كتلتي «التنمية والتحرير» و«اللقاء الديموقراطي»، وقد برز في هذا المجال اتصال للنائب وليد جنبلاط برئيس المجلس النيابي نبيه بري.
وقالت مصادر قريبة من الرئيس بري لـ«الأخبار» إنه لم يتلقّ بعد أي اشارة من موسى عن إمكان عودته مجدداً إلى لبنان.

علامة إيجابيّة تساعد على الحلّ

وتحدثت مصادر مطّلعة عن أن موسى قد لا يعود إلى لبنان قبل 11 الجاري موعد الجلسة النيابية الجديدة لانتخابات رئاسة الجمهورية وأنه قد يرسل مدير مكتبه هشام يوسف لاستطلاع مواقف طرفي الأزمة قبل البدء بالجولة الجديدة من مهمته، المتوقع أن يبدأها قبل انعقاد القمة العربية في محاولة لإيجاد حل لبناني وانتخاب رئيس للجمهورية يمثل لبنان في هذه القمة.
ولكن المصادر القريبة من بري سجلت «علامة إيجابية» لما قرّره وزراء الخارجية العرب بشأن لبنان لجهة تكليف موسى العمل على خط العلاقات اللبنانية ـ السورية، وقالت إن هذا الأمر من شأنه أن يساعد على حل الأزمة في ضوء ما هو موجود من التزامات متبادلة بين البلدين.
وترددت معلومات عن أن فريق الأكثرية يميل إلى إرسال وزير الثقافة طارق متري لتمثيل لبنان في القمة العربية، وأن سوريا ستسلم دعوة لبنان للقمة إلى موسى ليسلمها بدوره إلى مندوب لبنان لدى الجامعة، فيما أكد وزير السياحة جو سركيس، بعد لقائه رئيس الحكومة فؤاد السنيورة في السرايا الكبيرة، أن لبنان لم يتسلم أي دعوة لحضور القمة العربية، مشيراً إلى أنه عندما توجّه الدعوة سيجتمع مجلس الوزراء لبحث الموضوع واتخاذ القرار المناسب.
وكان الأمين العام للجامعة العربية قد التقى متري في القاهرة، وناقش الجانبان الوضع في لبنان ومتابعة تنفيذ قرار وزراء الخارجية العرب الخاص بالمبادرة العربية ومهمة موسى في بيروت.
وأوضح متري، بعد اللقاء، أن موسى «مستعد للعودة إلى لبنان، لكنه ليس مستعجلاً الآن حيث يريد توفر الشروط لنجاح مهمته». ورأى أن خير من يحتل كرسي لبنان في القمة هو الرئيس المنتخب المرشح التوافقي العماد ميشال سليمان، لافتاً إلى أنه «في حال عدم إجراء الانتخاب قبل القمة، فإن هناك حكومة ستوجه إليها الدعوة وستقرر من يمثل لبنان في القمة العربية».
بدوره، أكد الناطق باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية عبد العليم الابيض لـ«صوت لبنان» أن «موسى يقوم بمشاورات ومحادثات بدعم من الوزراء العرب، وهناك اتصالات له بالأطراف اللبنانية. وإذا كان هناك ما يوحي بأن ثمة انفراجاً، فالأمين العام مستعد للذهاب إلى بيروت في أي وقت».
ورأى «أن الكرة في ملعب اللبنانيين وفي ملعب الأطراف الإقليمية الكثيرة المتدخلة في لبنان»، لافتاً إلى أن العلاقات التاريخية اللبنانية ـ السورية هي علاقات حميمة، وإصلاحها قد يساعد على حل الأزمة اللبنانية.
وفي هذا السياق، جدّد رئيس الوزراء السوري محمد ناجي العطري خلال ترؤسه والنائب الأول لرئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية الدكتور برويز داوودي اجتماع اللجنة العليا السورية الإيرانية المشتركة «حرص سوريا الشديد على أمن لبنان واستقراره ودعم ما يتفق عليه كل اللبنانيين تعزيزاً للوحدة والوفاق اللبنانى ودعم صمود المقاومة اللبنانية في التصدي لانتهاكات إسرائيل واعتداءاتها المتكررة على لبنان».
بدوره، قال داوودي إن «حل الأزمة اللبنانية يجب أن يقوم على التوافق اللبناني وإرادة جميع اللبنانيين، ونرفض التدخلات الأجنبية في الشؤون اللبنانية».
في غضون ذلك، كشف عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب علي حسن خليل أن المعارضة تلقّت اقتراحات جديدة من موسى وتعاطت معها إيجابياً، من دون أن تدخل في التفاصيل بانتظار معرفة موقف الطرف الآخر، مؤكداً أن «المبادرة العربية لم تنته بالنسبة إلينا».
وانتقد موقف وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط الـ«منحاز وغير الواقعي»، مؤكداً أن الموقف السعودي مؤثّر على الساحة الداخلية، وباستطاعته أن يؤدي دوراً إيجابياً على صعيد الحل.
في المقابل، قال الرئيس أمين الجميل بعد لقائه السفير الإيطالي غبريال كيكيا، إن «الاقتراحات التي تم تداولها أخيراً والتي قيل إن مصدرها بعض المسؤولين في سوريا، هي نوع من الالتفاف على الواقع، ومحاولة لدفع الحل في اتجاه يخدم المصالح السورية». ورأى أن «لبنان يعيش فراغاً في المبادرات السياسية والدبلوماسية».
من جهته، قال رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون أمام زواره «نحن في المعارضة لا نرفض أحداً، الموالاة هي التي ترفض، لكن رفضها وصل إلى حقوقنا البدائية البسيطة»، لافتاً إلى أن «كل المبادرات كانت بهدف إلغاء المعارضة، لكن لا يمكن أحداً أن يلغينا. كل رهان الموالاة على الحرب وبغير ذلك تهبط معنوياتهم».
وفيما استبعد نشوب حرب، رأى أن «الطريق صعبة، لكن النهاية ستكون سعيدة».
بدوره، توجّه نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم إلى الموالاة، قائلاً: «إذا كنتم لا تريدون إعطاءنا الثلث الضامن فنحن نقبل بالتزامات سياسية تؤدي إلى عدم استخدامكم للثلثين، أي نقبل بثلاث عشرات مقابل ضمانات سياسية خطية حتى لا تستخدموا الثلثين». وأضاف: «إذا أردتم أن ننجز انتخاب رئيس الجمهورية مع السلة الكاملة فنحن حاضرون في 11 آذار المقبل».
وأكد قاسم، خلال احتفال أقامته الأنشطة النسائية في هيئة دعم المقاومة الإسلامية، في ذكرى وفاة النبي محمّد وتكريماً لشهادة الحاج عماد مغنية في قاعة الجنان، تعليقاً على نفي السنيورة علمه بمجيء البارجة كول إلى قبالة الساحل اللبناني، أن «أميركا عندما تقرر لا تقول لأدواتها في لبنان إنها ستأتي، وأصدّق فريق السلطة بأنه لا يعرف لأنه ارتبك من اليوم الأول، فلم يعرف كيف يتعاطى مع مجيء المدمرة الأميركية».

الموالاة تترقّب القمّة العربيّة

وأوحت مواقف «قوى 14 آذار» أن الوضع اللبناني سيبقى معلقاً حتى انتهاء القمة العربية، إذ رأى وزير الأشغال العامة والنقل محمد الصفدي، بعد لقائه القائم بالأعمال الفرنسي أندريه باران، «أن مؤتمر القمة العربية سيكون الموعد الحاسم لتحديد مصير المبادرة التي نتمنى لها النجاح»، مشيراً إلى أنه «لا توجد مبادرة فرنسية، بل هناك دعم فرنسي كامل للمبادرة العربية، وهذا هو شأن الدول العربية ودول العالم».
ورأى النائب مصطفى علوش، رداً على سؤال عن إمكان اعتبار المبادرة العربية بحكم المنتهية، أنه «يجب انتظار موعد 11 آذار وإن كان محسوماً عدم انتخاب رئيس للجمهورية، وانتظار مستوى التمثيل العربي في قمة دمشق. وهناك أيضاً استحقاق أساسي منتظر هو المحكمة الدولية».
بدوره، أعلن النائب أنطوان زهرا أن وفد قوى 14 آذار إلى مصر، أكد في لقاءاته تمسك هذه القوى بالمبادرة العربية وتعاطيها الإيجابي معها، وذكّر الوفد موسى خلال اللقاء معه بمجريات التفاوض في بيروت وطالبه بأن يكون واضحاً في وصف العرقلة وتسمية المعرقلين.
ورأى النائب بطرس حرب أن مطالبة الأمين العام للجامعة العربية «بالسعي إلى تحسين العلاقات اللبنانية ـ السورية اعتراف من الدول العربية بأنه إذا تمت معالجة مشكلة العلاقات اللبنانية السورية تحل مشكلة الرئاسة».
على صعيد آخر، نبّه المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، بعد اجتماعه الدوري أمس، إلى أن المبادرة العربية ما زالت تمثّل إطاراً مناسباً لحل الأزمة السياسية اللبنانية، ورأى «في مرابطة البوارج الحربية الأميركية مقابل الشواطئ اللبنانية عملاً عدائياً وتهديداً لدول ذات سيادة ومعترف بها من الأمم المتحدة وتدخلاً مباشراً في أوضاعها الداخلية ولا سيما لبنان»، داعياً اللبنانيين إلى «الوقوف صفاً واحداً في مواجهة هذه التهديدات بدل المراهنة الخاسرة من البعض على الاستقواء بالأساطيل»، مذكّراً هؤلاء «بالقاعدة التي تقول إن لبنان لن يكون مقراً ولا ممراً للاستعمار».
وعلّق الأمين العام للحزب الشيوعي الدكتور خالد حدادة على تصريح رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع بأنه «لولا أميركا لما كانت ثورة الأرز موجودة»، فأشار حدادة إلى أن «14 آذار منذ ثلاث سنوات يكذبون على جمهورهم، وبذلك يعترف بحقيقة الدور الخارجي ووصايته».

توضيحان من بارود و«المردة»

في هذه الأثناء، تراجع السجال حول قانون الانتخاب، وإن ظل بنداً أساسياً في اللقاءات السياسية، والمواقف الأخيرة من هذا الموضوع كانت محور لقاء بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري وزواره. وشدد رئيس «الكتلة الشعبية» النائب إيلي سكاف بعد زيارته عين التينة «على ضرورة أن يعزز القانون الروابط بين اللبنانيين ويزيد من لحمتهم بدلاً من القانون الذي يساهم في التقسيم».
من جهته، دعا النائب السابق تمام سلام، بعد لقائه بري، إلى تبني المشروع الذي وضعته الهيئة الوطنية لقانون الانتخاب، واصفاً هذا المشروع بأنه بعيد عن سطوة القوى السياسية ومصالحها.
ورأى عضو «تكتل التغيير والإصلاح» النائب آغوب بقرادونيان «أن قانون عام 1960 هو أفضل الممكن في الظروف الراهنة»، لكنه أكد في الوقت نفسه أنه «مع ما يقرره البطريرك الماروني نصر الله صفير في هذا الشأن». ورأى لقاء أحزاب المعارضة في دعوة صفير لتعديل قانون عام 1960 «تراجعاً عن مواقفه السابقة، ويشكل ردة خطيرة الى الوراء تستهدف تعميق الانقسام والشرخ الطائفي في البلاد».
من جهته، نفى عضو الهيئة الوطنية لقانون الانتخاب المحامي زياد بارود أن يكون قد سلّم أي دراسة أو مشروع يتعلق بقانون الانتخاب إلى المطارنة، مشيراً إلى أن زيارته إلى بكركي كانت على سبيل الاستشارة.
وصدر عن المكتب الإعلامي لتيار المردة الآتي: «رأت عضو المكتب السياسي في تيار المردة السيدة فيرا يمين أن الاستعانة بالمحامي زياد بارود لشرح قوانين الانتخابات في الصرح البطريركي خيار موفق (...) لافتةً إلى موقف بارود وزميله المحامي ميشال تابت حين اعترضا على القانون الانتخابي الذي كان يُعمل عليه والمعروف بـ«قانون فؤاد بطرس» فصوّبا القانون. وحين الإقرار النهائي، ولأنه كان هناك استثناء لدائرة في جبل لبنان، سجل الاستاذ بارود تحفظاً». وأشار البيان إلى أن «كلام يمين جاء توضيحاً لما ورد في بعض وسائل الإعلام التي حاولت تحريف الوارد في المؤتمر الصحافي الأخير لرئيس تيار المردة».
إلى ذلك، يطلّ الوزير السابق سليمان فرنجية في برنامج «بصراحة» عبر «العربية» مساء اليوم ليجري قراءة للعلاقات العربية ـ العربية. كما يتحدث عن الاستحقاق الرئاسي وقانون الانتخاب.
على صعيد آخر، ردّ المكتب الإعلامي النائب نبيل نقولا على الوزير مروان حمادة قائلاً صدق السيد وليد جنبلاط. ونادراً ما يصدق، عندما وصف السيد مروان حمادة بأن جرحه أكبر من عقله، وقد بان ذلك في آخر مقابلة تلفزيونية له، وبالتالي إن حالة الادّعاء الكاذب، الذي راكمه مراراً، ما هي إلا نتيجة الوهم الناتج من سكنى الرئيس العماد عون بعقله، ما جعل الوهم يمنعه من التمييز بين الصخرة الصلبة التي قاومت كل الأعاصير والمتلونين من أمثاله في كل العهود والقصور. وهنا نردد مع الشاعر: «خرج الثعلب يوماً في ثياب الواعظين».


أميركا تخشى هجمات على رعاياها في لبنان
بعد تحذير السعودية والكويت والبحرين لرعاياها من السفر إلى لبنان، حثت السفارة الأميركية في بيروت مواطنيها على عدم الظهور في أماكن عامة في لبنان «خشية التعرض لهجمات من جماعات متطرفة».
ولفتت السفارة في رسالة إلى رعاياها، إلى الوضع المتأزم في لبنان ومتابعة وسائل الإعلام اللبنانية تغطية وجود البوارج البحرية الأميركية في المياه الدولية شرق البحر المتوسط، مشيرة إلى «أن هناك قلقاً عاماً من أن جماعات متطرفة قد تكون تخطط للاعتداء على مواطنين أميركيين ومصالح أميركية في لبنان». وحثت «الأميركيين المقيمين في لبنان على ممارسة إجراءات أمنية مسؤولة»، موضحةً أن «هذه الإجراءات يجب أن تشمل الانتباه إلى محيطهم وإلى أي حدث يحمل تهديداً محتملاً كالتظاهرات وتجمعات عامة أخرى وأخذ الحذر بالحفاظ على الحد الأدنى من الظهور العلني وتجنب التحركات المتوقعة أو العادية».