فاتن الحاجانتظر الأساتذة المتعاقدون في الجامعة اللبنانية «بق البحصة»، فكان لهم ما يريدون. فالأسبوع الذي حدّده وزير التربية والتعليم العالي خالد قباني لإنهاء معاناتهم بإنجاز ملف التفرّغ، كان كفيلاً بتعليق الإضراب المفتوح الذي بدأ الاثنين الماضي. وقطع قباني، أمس للمعتصمين أمام وزارة التربية، وعداً لم يشأ أولاً أن يربطه بمهلة زمنية، لكن إصرار المتعاقدين وتأكيد رئيس الهيئة التنفيذية صدق الوعد «الذي سينفذه الوزير في مهلة لا تتجاوز الأسبوعين»، جعله يقول: «أقل من هيك». «يعني قبل 14 آذار؟»، يسأل أحد المتعاقدين. «نهاية الأسبوع المقبل»، يجيب الوزير.
وكان قباني قد خاطب المعتصمين: «أعطيكم وعداً صادقاً وقاطعاً بأنني سأكون معكم وإلى جانبكم، وحقوقكم سوف تكون موضع عنايتي وعناية كل مسؤول في الحكومة، سأسهر على دراسة الملف لإزالة أية شائبة فيه، وسأنكبّ عليه ليلاً نهاراً ولو كلّف الأمر البقاء حتى بعد منتصف الليل، حيث طلبتُ من أمانة السر إلغاء كل المواعيد لإنجاز التفرغ بأسرع وقت ممكن، هذا ما التزمت به أمام رابطتكم ولجانكم، وهو التزام قانوني وأخلاقي وإنسانيونفى قباني أن تكون متابعته للملف مشروطة بوقف الإضراب الذي اعتبره حقاً دستورياً، ثم ضرب على الوتر مراهناً على إحساس الأساتذة بالمسؤولية وحرصهم على الجامعة «لا نريد أن يكون حقّنا على حساب حقوق طلابنا، فالسنة الدراسية أوشكت على النهاية، وبإمكانكم أن تعودوا إلى الدراسة وتتابعوا اعتصاماتكم حتى يبقى الملف ساخناً».
وأردف قائلاً: «ثم إنكم لستم مضطرين للإضراب، لأنني لم أقطع وعداً في حياتي إلاّ نفذته». أما الجامعة اللبنانية فلن تهمّش ولن يساوَم عليها ولن يسوّف فيها، جزم قباني، «لأننا سنقدّمها على كل الجامعات، فهي الأكثر أحقية بالرعاية والاحتضان».
لكن الجامعة التي تتخبط بالمشكلات أفرغت من أساتذتها، أو أنّ المسؤولين فهموا، كما قال زرازير، التفرّغ وطبقوه على طريقتهم، «فبدلاً من أن يفرّغوا الأساتذة في الجامعة، فرّغوا الجامعة من أساتذتها، وقد نجحت خطتهم الجهنمية حتى باتت الجامعة الوطنية على مشارف الانهيار». وذكّر زرازير بأنّ الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة حرّكت ملف التفرغ بشكل غير مسبوق، ما أدى إلى وصول الملف كاملاً إلى الوزارة بعد تأخر، نتيجة ما تطلبته عملية التدقيق حفاظاً على سلامة الملف.
ودعا زرازير الوزير إلى أن يرفع إلى مجلس الوزراء ملفاً نظيفاً شفافاً يعطي كل ذي حق حقه، ليجري التفرغ على قاعدة الأقدمية والكفاءة واحترام القوانين، لا على قاعدة المحسوبية والاستنسابية والمحاصصة.
أما لجنة المتعاقدين فعوّلت، في بيان أصدرته أمس، على حسن نيات رئيس الجامعة الدكتور زهير شكر وقباني ووعد الوزير القاطع بإنجاز الملف خلال أسبوع، معلنة تعليق الإضراب.
واجتمعت اللجنة في مكتب وزير التربية في الأونيسكو لتقييم الموقف من الإضراب المفتوح، معلنة تقديرها للموقف المسؤول والواضح للوزير وتبنّيه ملف التفرغ والوعد الذي قطعه أمام لجنة الأساتذة المتعاقدين بإحالة ملف التفرغ كاملاً على أسس أكاديمية وقانونية واضحة وشفافة، بحيث تضمن حق كل أستاذ متعاقد مستوفٍ الشروط الأكاديمية بالتفرغ في الجامعة. وأثنى المتعاقدون على جهود رابطة الأساتذة مجددين التأكيد على وحدة الجسم التعليمي.