strong>بسام القنطاريحتفل لبنان والعالم اليوم بمناسبة «يوم المرأة العالمي». وتركز الأمم المتحدة هذا العام على شعار «الاستثمار في المرأة والفتاة»، عبر التركيز على الإنجازات التي تحققت والثغرات الموجودة في كل البرامج والموازنات التي تهدف إلى تمكين المرأة كأولوية في سبيل تحقيق التنمية الاقتصادية.
«لبننة» هذا الشعار وإظهاره من خلال الأرقام لا يبشران بالخير على مختلف الأصعدة، مع الإشارة إلى معطيات إيجابية في مجالات عدة.
المرأة والتعليم
تشكل نسبة الأمية بين النساء اللبنانيات 11.8%، وهو معطى إيجابي وفي انخفاض مستمر بشكل عام، بالمقارنة مع النسبة العالمية (64% من مجموع 867 مليون نسمة في العالم لا تستطيع القراءة). لكن ذلك لا يلغي أن معدل الأمية عند النساء في لبنان هو ضعف المعدل عند الرجال، حيث يبلغ 5.6%. وعلى الرغم من النسبة الأكبر التي تحتلها النساء في التعليم العالي في لبنان، إلا أن مشاركتهن في القوى العاملة تبقى أقل من الرجال، إن من حيث اعتلاء المراكز أو الحصول على مداخيل على صعيد المهنة ذاتها. وهذا ما يوحي بأن النساء غير قادرات على تبوء أي منصب إذا لم يكنّ على قدر من التعليم، بينما يُعطى الرجل معياراً وظيفياً أسهل.
علاوة على ذلك، وعلى الرغم من استئثار النساء بحوالى 68% من إجمالي العاملين في قطاع التربية والتعليم، إلا أن هذه المشاركة لا تنسحب على وجود المرأة في الإدارات العامة التابعة لوزارة التربية والتعليم العالي، حيث يقتصر تمثيلها على 25% من موظفي الفئة الثالثة في الوزارة، بينما تغيب تماماً عن الفئتين الأولى والثانية.
وفي لبنان تتشابه نسب الالتحاق الدراسي لدى الذكور والإناث في جميع المراحل التعليمية، مع تفوّق ضئيل لنسب التحاق النساء في بعضها، وخصوصاً في المرحلة الجامعية، حيث بلغت نسبة الإناث المنتسبات إلى جامعات ومعاهد التعليم العالي 53.8% من مجمل عدد الطلاب البالغ 141479 طالباً وطالبة (العام الجامعي 2004 ـ2005). وعلى الرغم من هذه النسبة العالية، إلا أن مشاركة الجامعيات في القوى العاملة تبقى أقل بكثير من مشاركة الرجال، بل تشير الإحصاءات إلى أنه مع عمر الـ30، تبدأ نسبة مشاركة النساء في سوق العمل بالانخفاض لتصل إلى 8% فقط بعد عمر الـ55.
الأولوية للذكور في الحصول على القروض
تعطي التقاليد الاجتماعية اللبنانية الرجل الدور الأساسي في تأمين لقمة العيش، في حين يُنظر إلى عمل المرأة ومشاركتها في توفير مداخيل الأسرة على أنها ثانوية، غير ضرورية أو حتى أنها تمرير للوقت. ولعل أحد أبرز الأمور التي يمكن ملاحظتها لدى مراجعة معطيات «المرأة والنوع الاجتماعي في الاقتصاد»، هي عدم لحظ الدراسات والإحصاءات المتوافرة عمل النساء غير المنظور في الاقتصاد اللبناني، وبالتالي فإن الدراسات نادراً ما تلحظ عمل النساء في القطاع غير الرسمي، كالعمل المنزلي والمؤسسات الصغيرة الحجم والتعاونيات والأسواق غير الرسمية، والأعمال العائلية وبعض القطاعات الزراعية.
ويشير البنك الدولي إلى أن نسبة مشاركة النساء في قطاع القوى العاملة بلغت 30% في عام 2004. وتمثّل نسبة النساء اللبنانيات صاحبات الأعمال أو اللواتي يعملن لحسابهن 11.2% من القوى العاملة النسائية، في حين أن 75.5% من القوة النسائية العاملة هن موظفات. ومن اللافت أن 81% من النساء العاملات لم يحتللن مواقع قيادية، كما تبيّن أن 60% من العاملات في القطاع الخاص هنّ من العازبات. أما في القطاع العام، فإن 71% من العاملات متأهلات، كما أن 45.5% منهن تعدّين سن الخامسة والأربعين. وهذا الأمر يشير إلى عدم الاستقرار الوظيفي في القطاع الخاص الذي يطال النساء اللواتي يتقدّمن في السن.
في العام 2005، ارتفع عدد النساء اللاتي يتمتعن بخدمات التمويل الصغير إلى 60%، أي ضعف النسبة التي سجلت في العام 1997، وذلك على مستوى المنطقة العربية. وتمثّل النساء الأكثرية في المجتمع اللبناني ضمن الفئة العمرية 20 ـ 29 سنة، وخصوصاً مع هجرة الشباب الذكور، ومع ذلك فقد حصلن على 35% من القروض الصغيرة بالمقارنة مع 60% من النساء اللواتي استفدن من القروض نفسها في بلدان عربية أخرى.
لا تقرّر صورتها في الإعلام والإعلان
تبلغ نسبة انتساب الفتيات اللبنانيات إلى كليات ومعاهد الإعلام 80% من مجموع الطلاب. وتتراوح النسبة الإجمالية لأعداد الإعلاميات بين 28.4% و30%، ولكن تتفاوت النسب بين مؤسسة وأخرى. ويبلغ عدد العاملات في المطبوعات السياسية من الإناث 26.68%. وتصل نسبة النساء في مجالات التسويق والترويج الإعلامي إلى 80%، في حين تبلغ 1.75% في مجال التقنيات، كما يكثر وجود النساء في مجالات الأرشيف والسكرتارية والعلاقات العامة والترويج والتقديم.
وتبين أن ملكية النساء لوكالات الإعلان لا تتجاوز 11.68% من مجموع الشركات الإعلانية سنة 1998، وهي نسبة ضئيلة إذا ما قيست بعدد العاملات في الإعلان، وهذا يعني أيضاً غياب النساء عن السياسات الإعلانية، وبالتالي عدم قدرتهن على التقرير في ما يخص صور النساء وما يجب أن تكون عليه. وعلى صعيد البرامج التلفزيونية، يمكننا الاستنتاج أن حضور النساء في المضامين والبرامج الإعلامية ليس واحداً، إذ يختلف حسب نوع البرامج بين فني وسياسي. كما يتراجع حضور النساء في محتويات نشرات الأخبار، وذلك انطلاقاً من أن صانعي الأحداث والمؤثرين في مواقع القرار هم من الرجال.
المرأة لا تصنع السياسات
على الرغم من التحسينات التي طرأت على ظروف المرأة الصحية والتربوية، ما تزال هذه المكاسب بعيدة عن الترجمة الفعلية ضمن تفعيل اقتصادي أو تقدم سياسي أو حتى الوصول إلى مساواة كاملة في ظل القانون.
على صعيد المشاركة السياسية، لا تزال المرأة تواجه صعوبات جمة، إذ يضع القانون الانتخابي الحالي جملة من العقبات أمام القوى غير التقليدية، ومنها النساء اللاتي يحاولن المشاركة في الشأن العام، بسبب نظام الأكثرية الذي يؤدي إلى إقصاء الأقليات واستئثار القوى التقليدية المهيمنة بالنتائج، بالإضافة إلى ذلك، تأتي المعوقات السياسية وأبرزها التضييق الذي تعرّضت له الحياة السياسية عموماً والحياة الحزبية خصوصاً، مع غياب التشريعات المناسبة التي من شأنها تأمين مناخات أفضل، كالكوتا النسائية على سبيل المثال. كما تعمل المعوقات الاقتصادية (رسوم التسجيل، والاستقلالية المادية) والاجتماعية، (وخصوصاً لجهة العادات والتقاليد العائلية والمحلية) على الحد أكثر من مشاركة المرأة في الحياة السياسية.
ورغم الدور الكبير الذي لعبته النساء اللبنانيات في الأحزاب السياسية، إلا أن الرجال لا يزالون يسيطرون على المواقع القيادية فيها، وليس هناك معلومات دقيقة حول عدد النساء المنتسبات إلى الأحزاب في لبنان، أو النسب المئوية التي يشكلنها من إجمالي عدد المنتسبين أو المواقع التي يشغلنها داخل الحزب.
مشاركة النساء في صنع القرار
شهد العام 2006 تقدماً للمرأة في مواقع صنع القرار، إذ تمّ تكليف سيدة بمهمات مدير عام الأمن العام اللبناني بالوكالة (حسب المرسوم رقم 1634 بتاريخ 13/04/2006).
كما صدرت مذكرات من المدير العام لقوى الأمن الداخلي بشأن تطويع ضباط اختصاصيين من الذكور والإناث.
هذا وقد أعلنت مندوبة اتحاد نقابات عمال ومستخدمي محافظة بيروت ـ زينة خليل مدلل ـ ترشحها لعضوية هيئة مكتب الاتحاد العمالي، وذلك انطلاقاً من أسباب عدة، لعل أهمها أن المسؤول عن شؤون المرأة في هيئة مكتب المجلس التنفيذي رجل!
وتشير إحصاءات وزارة العدل إلى أن عدد قضاة القضاء العالي حالياً هو 446 قاضياً (300 ذكور و146 إناث)، علماً أنه يُنتظر في التشكيلات، إلحاق القضاة الجدد البالغ عددهم 63 قاضياً، بينهم حوالى 40 قاضية، أي ما نسبته 42% من عدد القضاة الإجمالي. وعليه، فإن وزارة العدل تتوقع أن تصبح نسبة القاضيات نحو 60% من إجمالي عديد القضاء العدلي إذا ما استمر تفوّق الإناث في مباريات دخول القضاء، وذلك عام 2011.


المراجع
ـ دراسات وأرشيف مجموعة الأبحاث والتدريب للعمل للتنموي CRTDA
ـ الدراسة الوطنية للأوضاع المعيشية للأسر الصادرة عن وزارة الشؤون الاجتماعية 2004
ـ التقرير الرسمي الثالث حول اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة 2006
ـ المسح الإقليمي لشبكة التمويل الصغير في العالم العربي ــــ سنابل 2005
ـ المشاركة البرلمانية للنساء، منشورات الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الانتخابات 2006.