ثائر غندوريعود أحد نوّاب بيروت السابقين من جولة على عدد من القوى السياسيّة خالي الوفاض، فيضع جولته في خانة «إبقاء قنوات التواصل». فمن جال عليهم، لا يعرفون ماذا يحصل. ينقل عن أحد الرؤساء قوله إنه يتلمّس حقيقة الوضع من الصحف، وهذه ليست حالته منذ أشهر خلت حين كانت كلّ المعطيات تجد طريقها بسلاسة إلى عقل هذا الرجل ليحلّلها، ويُخرج من تحليلاته مبادرات حلّ حيناً ومبادرات إحراج للخصوم السياسيين أحياناً. أمّا اليوم فينقل زوّاره ضياع بوصلة التحليل لديه.
ويُعلّق النائب السابق على الحديث عن مبادرة سويسريّة يحرّكها ممثّل الرئيس السويسري الذي جال على عدد كبير من المسؤولين اللبنانيين دون أن يفصح عن هدف الزيارة، فيقول: «هناك العديد من المطابخ التي تعمل في المنطقة. المطبخ الأميركي الذي يريد الحرب... المطابخ الأوروبيّة المتضاربة... المطبخ الإيراني... والمطبخ السوري... وغيرها». ويبدي النائب السابق اعتقاده بأن علينا أن نرى طبخة من ستنضج بدايةً.
على صعيد آخر، يتساءل بعض العونيين عن حقيقة ما قاله النائب السابق ناصر قنديل من أن هناك خطّة لاستهداف جنرال الرابيّة بصواريخ «توما هوك» واقتحام مقرّه. هم خائفون، ولا يعرفون بالضبط ماذا يُحضّر لهم. وعلى صعيد مواز، يتحدّث عدد لا بأس به من العاملين والفاعلين والمهتمّين بالشأن العام عن اغتيال ما على الطريق.
يرفض نائب في تيّار المستقبل التصريح، وهو الذي اعتاد على وعظ اللبنانيين يومياً بتصريح أو أكثر. ها هو اليوم، يردّ على سائله: «شو في شي جديد حتى نحكي، وشو عندك معلومات». في المقابل، يدعو النائب محمّد الحجّار إلى الاحتذاء به، وترك النواب مسكنهم في فندق لاهويا والعيش بين أهلهم والاستمتاع بحياتهم، بعدما عاد هو إلى إقليم الخرّوب.
وعلى صعيد الكتل النيابيّة، ينقل بعض نوّاب المستقبل كيف أن زملاء لهم لم يلتقوا رئيس كتلتهم النائب سعد الحريري منذ انتخابهم، وينقل المستشارون لهم التعليمات. ويقول أحد المقربّين من مجموعة نوّاب: «من يقُلْ لك من السياسيين إنه يعرف شيئاً، فقُلْ له كذّاب». يشهد هذا الصديق على الاتصالات الصباحيّة التي يجريها النوّاب بعضهم بالبعض الآخر للاستفسار عن الجديد. بعضهم لا يعرف ماذا يسأل زميله، فيقول له «أخبرني كلّ شيء». ومن إيجابيات هذا الأمر، أن عدداً من هؤلاء الساسة يبتعد بالحديث مع الصحافيين عن السياسة لدفعهم باتجاه إثارة قضايا غير سياسيّة تتعلّق باختصاص هؤلاء النوّاب، لتكون لهم القدرة على الحديث عنها والظهور في وسائل الإعلام. كما يستغّل أحد النوّاب وعكة صحيّة ألمّت به من أجل قراءة الكثير وتحضير عدد من الملفات...
يشعر أحد نوّاب التيّار الوطني الحرّ بغضب ممّا يُقال عنه في «التيّار» «بأنه لا لزوم له»، ويسعى بالتالي إلى تعميق قراءاته والاطلاع على الكثير من الأمور من أجل أن يقدّم نموذجاً مختلفاً في الفترة المتبقيّة من ولاية المجلس النيابي الحالي، حتّى يحفظ موقعه على لائحة ترشيحات «التيّار العوني» ويبزّ زملاءه الذين تفوّقوا عليه.
ويوم أمس، تحدّث وزير الإعلام إلى الزميلة «صدى البلد»، فقال إنه لا يجوز أن تبقى العلاقة بين لبنان وسوريا في حالة عداء. فهل انتبه الوزير غازي العريضي إلى التناقض بين كلامه وكلام رئيس اللقاء الديموقراطي (الذي ينتمي إليه العريضي) النائب وليد جنبلاط، وهو الذي قال مرّات عدّة إنه لا يمكن أن يكون هناك علاقة بين لبنان وسوريا ما دامت الأخيرة تحت حكم نظام (الرئيس السوري) بشار الأسد؟ أم إن العريضي يريد أن يميّز نفسه عن زملائه؟
وفي هذا الإطار، يتحدّث مطّلعون على العلاقة بين نوّاب اللقاء الديموقراطي وزعيمهم جنبلاط، عن حالة إحراج يعيشها بعض هؤلاء النوّاب بسبب مواقف زعيمهم المتناقضة ومحاولاتهم الدائمة للسير وفقاً لخطواته. ويذكر أحد الأشخاص كيف منع أحد هؤلاء النوّاب ابنه من العمل مع النازحين في حرب تمّوز بعد أن لمس تضامنه الكبير معهم ومع المقاومة، لدرجة أن هذا الشاب كان على استعداد «لأن يلبس حزاماً ناسفاً ويفجّر نفسه». كما أن والد هذا الشاب كان قد وعد أصدقاءه بأن ستة أيام ستكون كافية للقضاء على حزب الله، لكن الرياح لم تجرِ كما يشتهي.
يبتسم أحد السياسيين عند سؤال عن هذه النقطة ويقول: «كلّ ما أعرفه أن هناك مشروعاً أميركياً ـ إسرائيلياً في المنطقة، نصيبنا منه توطين الفلسطينيّين والقضاء على المقاومة وأخواتها في لبنان وفلسطين والعراق، وتحويلنا جميعاً إلى معتدلين عرب في كلّ الأمور، ما عدا ما يتعلّق بقضايا شعوبنا. وهذا ما أرفضه وسأحاربه».