فاتن الحاجيمشي بين النقاط ويرتدي ثوب المصلح الحيادي لإرساء السلام بين أفراد الصف الواحد. هذا هو الدور المستجد للمعلم بعدما بات هناك ما يشبه الاتفاق الضمني على أنّ السياسة تقف عند أسوار المدرسة. لكن من يحمي هذا الاتفاق عندما يدفع التجييش المذهبي بالطالب إلى سؤال معلمته عما إذا كان المتنبي سنّياً أو شيعياً، فيما يرفض آخر مصطلح «التيار الفكري»، لأنّ «التيار» لا يذكّره سوى بميشال عون الذي لا يحبه. وممنوع على المعلم أن يستخدم عبارة «نحو مستقبل حسن»، لكون «المستقبل» غير مقبول لدى فريق من الطلاب. ثم ماذا يتوقع المعلم من طلاب يسمعون تصريحات زعمائهم ويجترّونها في المدارس من منطلق «أنّ الآخر يهدّد وجوديفي عيد المعلم، تفتقد المربية بهية البعلبكي اللياقات الاجتماعية التي تقدم في العيد، بعدما بات التشنج سيد الموقف، فطغت الاصطفافات المذهبية وساد الاضطراب العلاقة بين المعلم والطالب الذي لم يعد يكترث سوى للصراع الداخلي، «فنواجه لبنان المصغّر في مدارسنا التي تشهد انقساماً مخيفاً»، على حد تعبير المربّي مجيد العيلي.
لكن مسؤول الشؤون التربوية في جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية الدكتور كامل دلال لا يزال متفائلاً حيال إرساء المواطنية «التي نركّز عليها في مؤسساتنا التربوية من خلال نشاطات خدمة المجتمع وثقافة احترام القانون والتنمية المستدامة واكتساب مهارات الحوار».
برزت هذه الأجواء خلال دردشة مع المعلمين المشاركين في حفل الاستقبال الذي أقامته أمس روابط الأساتذة في التعليم الثانوي والأساسي الرسمي والمهني الرسمي، في قصر الأونيسكو، حيث انضم إليهم وزير التربية والتعليم العالي الدكتور خالد قباني ممثلاً رئيس الحكومة فؤاد السنيورة.
وفي الحفل، رفض رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي حنا غريب ضرب العمل النقابي وإلغاءه من ذاكرة اللبنانيين، داعياً إلى تعزيزه ودعم استقلاليته كركن أساسي من أركان توحيد اللبنانيين على أساس مصالحهم الاجتماعية. وطالب غريب بالتصويت بكثافة بـ«نعم» للإضراب التحذيري في 3 نيسان ما لم تصحح الرواتب والأجور بنسبة التضخم التي تجاوزت الـ50%. وهنا رفض الاقتراحات بالاكتفاء برفع الحد الأدنى للأجور، لأنه يحمل مخاطر كبيرة على مكتسبات المعلمين.
ورأى غريب في عيد المعلم مناسبة لرفع الصوت من أجل تحسين نوعية التعليم الرسمي، وتوفير تكافؤ الفرص بين التلامذة والطلاب، وإعادة الاعتبار للتربية والتعليم في لبنان، والتشديد على توفير معلم كفؤ ومكتف.
وتوقفت رئيسة رابطة المعلمين الرسميين في بيروت عايدة الخطيب، عند الغبن الذي يلحق بمعلمي الأساسي. من جهته، ناشد رئيس رابطة أساتذة التعليم المهني والتقني محمد شعيتاني الوزير عقد مؤتمر تربوي يتناول مرجعية وشهادات التعليم المهني، رافضاً أي مشاريع تتعلق بأساتذة التعليم المهني من دون موافقة الرابطة عليها.
أما قباني، فأكد للمعلمين «أننا لن نهمّش حقوقكم، بل سنكون متضامنين معكم في كل مطلب هو حق لكم، لأننا نريد لهذا المعلم أن يعيش حياة كريمة». وقال: «سنكون إلى جانبكم سواء نفّذتم الإضراب أم لا. لقد قمنا بإنجازات معاً وسنمضي معكم قدماً لتعزيز مكانتكم، ونريد أن تبقى الوحدة لكل المعلمين متراصّة، إذ لا نستطيع أن نحقق وحدة للبنان وسيادة وطنية إلا بتضامن اللبنانيين بوجه كل التيارات الآتية من كل صوب».