strong>الحسامي يتحدّث عن انشقاقات أخرى، والجبهة تراه ردّاً على تمدّدهااستمرت تداعيات الانشقاق الذي حصل داخل «جبهة العمل الإسلامي» في التفاعل، بعدما أكّد المنشق سيف الدين الحسامي حصول حالات مماثلة في اليومين الماضيين في كلّ من البقاع والجنوب، بينما استدعى هذا التطور انعقاد مجلس قيادة الجبهة في جلسة طارئة
طرابلس ـ عبد الكافي الصمد
قالت أوساط إسلامية مطّلعة في الشّمال أنّ حركة الحسامي، العضو السابق في حركة «التوحيد الإسلامي»، ستكون «محدودة الأثر، ولن يكون لها انعكاس سلبي على الجبهة، وعلى موقع يكن تحديداً، لكونه المستهدف الرئيسي في الموضوع كله، لأنّها حالة فردية عابرة كشفت عن نفسها منذ اللحظة الأولى»، محمّلة في مقابل ذلك بعض المسؤولين في الجبهة «عدم التعاطي بقدر كاف من الدراية والحنكة، مع حالة كهذه كان يمكن استيعابها بسرعة، ووأدها في مهدها، قبل أن تبصر النور، وتدخل أطراف عدّة على الخطّ بغية استغلالها في الوجهة التي تناسبهم».
وإذ شدّدت الأوساط المعنية على أنّ هذه «الحركة لن تفتّ من عضد الجبهة، التي أدت في العامين الأخيرين دوراً سياسياً بالغ الأهمية على السّاحة الإسلامية السنّية المعارضة، والداعمة للمقاومة»، حذرت في المقابل من أنّ «من تبنّوا الحركة الانشقاقية لن يلقوا أسلحتهم بسهولة وبسرعة، ولن يكتفوا بهذا الحدّ، لأنّ الهدف رأس المقاومة لا الجبهة، ومن قاموا بذلك لا يعرفون خلفية الأمور على حقيقتها».
وفي أول تعليق له، أشار يكن إلى أنّه يتوق «للتعرّف على هؤلاء الشباب الذين لم يعجبهم أداء الجبهة وتوجّهها، وأعلنوا تأليف «هيئة طوارئ» لتصحيح ما رأوه خللاً في مسارها»، معلناً أنّه ينتظر «مبادرة اتصال من هؤلاء الشباب الغيارى، ولو كنت أعرفهم لبادرت إلى ذلك بنفسي».
لكنّ الحسامي ردّ على كلام يكن، فقال إنه «غير صحيح، لأنّي أرسلت له من يخبره بالأمر قبل الانشقاق بعشرة أيّام، فلم يهتم بالموضوع، مع أنّني قلت له وللشيخ هاشم منقارة وللحاج محمد صالح (مسؤول «حزب الله» في الشّمال) وغيره من قادة المعارضة، إنّه سيُعلن انشقاق داخلي إذا لم يصحّح الخلل القائم».
وفي ما يتعلق بما ذكره بيان المنشقّين الأخير عن أنّ «ردّة الفعل الأولى للجبهة على حركتنا كانت توزيع السلاح على عدد من عناصرها في طرابلس»، أوضح الحسامي أنّ «السلاح وزّع على مناصري الجبهة في الأسواق الداخلية»، نافياً «تعرّض أحد لنا حتى الآن»، وذاكراً أنّ «بعض عناصر الجبهة كانوا يسألون أفراداً من جماعتي عن مقرّ إقامتي وتحركاتي ولقاءاتي».
ونفى الحسامي حصول أيّ اتصالات مع قادة الجبهة لمعرفة أسباب الانشقاق «لأنّهم يعرفون التفاصيل. فهناك شبان من عندي قابلوا يكن قبل الانشقاق، وأعلموه بأنّه سيحصل تمرّد، فإمّا التفاهم قبل وقوع المحظور، وإمّا أنّ الانشقاق حاصل. مع أنّ ثمة عناصر لديهم مآخذ على أسلوب التعامل بين الحلفاء، وهددوا بأنهم سيتركون الجبهة ولن يكملوا معهم، لكنّه لم يهتم بالموضوع، إلا أنّ هؤلاء ليسوا قلة، بل همّ المؤسّسون للجبهة، ويمثّلون قاعدة مهمة لها».
وبينما أشار الحسامي إلى أنّ جهات إسلامية (لم يسمّها)، دخلت على خط الوساطة، أوضح أنّ ذلك «لم يؤد إلى شيء»، وأنّ «حركتين انفصاليتين في صفوف الجبهة حصلتا في الجنوب والبقاع، وسيعلن عنهما قريباً».
وفيما رجّح الحسامي أنّ «الأمور ستذهب نحو تصحيح الخلل»، حافظ على خيط أمل «لإيجاد نوع من التفاهم وإنهاء المشكلة».
وعن تدريب أشخاص تابعين للجبهة في البقاع، قال الحسامي إنّ «العناصر التي كانت تذهب للتدريب، كانت تقوم بذلك في معسكرات تابعة لحزب الله وليس للجبهة، وأنا أرسلت عن طريقي مجموعات طرابلسية بلغت نحو 60 شخصاً، وكانت الدورة التدريبية تمتدّ نحو أسبوع كامل».
غير أنّ مصدراً مسؤولاً في الجبهة أوضح أنّه «اتخذنا قراراً داخلياً بعدم الدخول في سجال إعلامي مع أحد»، مشيراً إلى أنّ «ما حصل هو رسالة أتت ردّاً على «الخرق» الذي سجّلته الجبهة في السّاحة السنّية، وهي تأتي في سياق الهجمة على الجبهة التي حدّدت مشروعها السياسي بأنه جزء من المعارضة، والوقوف في وجه المشروع الأميركي في لبنان والمنطقة».
بالنسبة إلى موضوع التسلّح والتدريب، أكّد المصدر أنّ «علاقتنا مع المقاومة استراتيجية، وليست سرّية، وكذلك علاقتنا مع سوريا وإيران. فنحن ضمن محور الممانعة، لأنّنا نرى أنّ هناك مشروعين في لبنان، ومنطقياً لن ندخل في المشروع الأميركي. وأن نكون مع مشروع المقاومة والممانعة فليس من موقع التبعية، بل من موقع التحالف. فنحن لا نخجل بعلاقتنا مع المقاومة، وعندنا دور نؤدّيه على هذا الصعيد».
وأوضح المصدر أنّ الجبهة ستعقد اجتماعاً لـ«تحديد آلية التعامل مع موضوع الحسامي، الذي نراه جزءاً من خطة يقوم بها فريق السلطة لتسجيل نقاط سياسية على الجبهة»، مشيراً إلى أنّ «خلافنا مع تيّار المستقبل سياسي وليس عقائدياً، نشأ بعد «اختطاف» الساحة السنّية في مرحلة معينة».
ولفت المصدر إلى أنّه «حصلت منذ فترة حركة مماثلة لحركة الحسامي لم يكتب لها النجاح، عندما حاول شيوخ صوفيون التقرّب من الشيخ هاشم منقارة، باعتباره صوفياً مثلهم، وإغراءه بالمال، وأنّ أحدهم يمتّ بصلة قربى إلى أحد نوّاب المستقبل الحاليين في بيروت، وكان موقفهم: «إذا لم تكونوا معنا، فلا تكونوا ضدّنا».
وفي حين سأل المصدر: «إذا كان الحسامي قد قال إنّ 160 عنصراً انشقوا معه، فأين همّ، ولماذا لم يعلن عن أسمائهم؟»، نفى إمكان تكرار هذه الحالة، لأنّ الجبهة «متماسكة ومنظّمة ومتراصّة، وعندنا هيكلية تنظيمية مضبوطة بعناية وحرص شديدين، إذ من يريد أن يصل إلى مرتبة تسلّم مسؤولة ما في الجبهة، عليه أن يمرّ بمراحل متعددة، والحسامي ليس واحداً من هؤلاء بطبيعة الحال، لأنّه لا مجال للتهاون في هذا الموضوع إطلاقاً».


جبهة العمل
انطلق عمل «جبهة العمل الإسلامي» بداية تحت اسم «قوى العمل الإسلامي»، قبل أن تحمل اسمها الحالي، وباشرت عملها رسمياً بعد حصولها على الترخيص القانوني قبل نحو عامين.
وبعدما كانت طرابلسية وشمالية خالصة في المرحلة الأولى، انضمت إليها شخصيات وجمعيات وحركات إسلامية سنّية من مختلف المناطق اللبنانية.
يرأس الجبهة حالياً النائب السابق فتحي يكن، ويحتل الشيخ عبد الناصر الجبري منصب نائب الرئيس.
أما أعضاء مجلس قيادة الجبهة الآخرون فهم: الشيخ هاشم منقارة، الشيخ بلال شعبان، الشيخ زهير جعيد، الحاج عبد الله الترياقي، الشيخ شريف توتيو، الشيخ محمود البضن والشيخ غازي حنيني.