جعجع حظي بـ«ميني لقاء» مع رايس وأبرامز سعيد باستضافته «بعد غياب»
بدأ لبنان مرحلة انتظار نتائج اللقاءات الجانبية
في داكار، ونظره على 25 من الجاري، وخصوصاً مع بدء حملة ضغط من الموالاة عنوانها انتخاب رئيس جديد للجمهورية كشرط لحضور قمة دمشق، وحتى لانعقادها، كما اقترح بعض المغالين

مع توجه «دولة الرئيس» فؤاد السنيورة لتمثيل الدولة في القمة الإسلامية في داكار، واستقباله من الرئيس السنغالي عبد الله واد ورئيس مجلس الوزراء تسو ماريه وعدد من الوزراءتواصلت الدعوات في صفوف الموالاة إلى مقاطعة القمة العربية، مع بروز موقف للنائب عمار حوري قد يكون كـ«كلمة السر» التي أطلقها لقبول الموالاة بتعديل الدستور وترشيح قائد الجيش للرئاسة، حيث قال في حديث إلى «صوت لبنان»: «في حال توجيه الدعوة إلى لبنان لحضور القمة مع استمرار الفراغ الرئاسي، يجب أن يعتذر لبنان عن المشاركة تدليلاً وتأكيداً على أن لبنان برئيسه المسيحي الوحيد في هذا الشرق، برئيسه الذي يرمز للتعدديةالطائفية والثقافية والفكرية في لبنان، ممنوع أن ينتخب من النظام السوري، وتدليلاً على الجريمة الموصوفة المرتكبة بحق لبنان من النظام السوري، وبالتالي كي يقوم العالم بواجبه، وبدوره فيإجبار هذا النظام على إيقاف تدخله في لبنان، لينُتخب الرئيس العتيد، وتحديداً العماد ميشال سليمان».
وفي بكركي حيث تسلّم البطريرك الماروني نصر الله صفير، من وفد من قوى 14 آذار، دعوة للمشاركة في مؤتمر «ربيع 2008» غداً في البيال، دعا النائب روبير غانم، الجامعة العربية إلى القيام «بكل الجهود والوسائل الضرورية لتأمين انتخاب رئيس جمهورية للبنان قبل القمة»، مفضّلاً في حال عدم حصول ذلك أن «لا يتمثل لبنان في القمة، على أن يتمثل من خلال أي شخص، مع احترامنا لكل الوزراء».

جعجع وأبرامز سعيدان بـ«عودة السفارة»

ومن واشنطن، أعلن رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع، معارضته لانعقاد القمة «إذا استمرت دمشق في عرقلة انتخاب رئيس جديد للجمهورية»، وتمنى «على جميع الملوك والرؤساء العرب أن يأخذوا في الاعتبار وضع لبنان، وألا يحضروا إلى قمة دمشق إذا استمر تعطيل انتخابات الرئاسة». وكان جعجع، وبعد سلسلة من اللقاءات مع المساعدين والمستشارين، قد حظي أمس بلقاء سريع مع وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، إلا أنه فشل في لقاء الرئيس الأميركي جورج بوش، مع الإشارة إلى أن رابطة اللبنانيين الأميركيين أرسلت خطاباً إلى الكونغرس لفتت فيه إلى أن جعجع «لا يحتل أي منصب رسمي وليس لحزبه أي وزن يذكر على الساحة اللبنانية، بينما سجلّه حافل بالجرائم والاغتيالات والمؤامرات».
كذلك التقى جعجع والوفد المرافق، مساعدة رايس لشؤون المنظمات الدولية، كريستين سيلفربرغ، ومساعدها لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ولش، وشارك لثلاث ساعات في «طاولة مستديرة ضمّت ممثّلين لكل وكالات الإدارة الأميركية المهتمة بالشأن اللبناني»، حسبما ذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام». ثم عقد مؤتمراً صحافياً كرر فيه نفيه لوجود «مخطط من أي طرف لتوطين الفلسطينيين في لبنان». وتحدث عن مناقشة موضوع مزارع شبعا «بشكل واضح وصريح»، وعن «احتمال» نقل ملف «الأسرى اللبنانيين في السجون السورية والإسرائيلية» إلى الأمم المتحدة، و«إمكان» تأليف لجنة خاصة للبحث عن المفقودين في هذه السجون.
وفي عشاء أقامه السفير اللبناني أنطوان شديد على شرفه، أعرب جعجع عن سعادته لـ«أن السفارة اللبنانية في واشنطن، عادت حقاً لبنانية بعد سني التغرّب الطوال»، ووافقه مساعد مستشار الأمن القومي لشؤون الشرق الأدنى وشمال أفريقيا إليوت أبرامز الذي قال إن السفارة «عادت رمزاً للوطنية اللبنانية» بعدما «كانت عبارة عن مكتب صغير للسفارة السورية». وأشاد بـ«الشخصيات الرائعة» من 14 آذار «التي زارتنا في البيت الأبيض وفي وزارة الخارجية»، ثم أبدى سروره بالتعرف إلى جعجع واستضافته «بعد غياب طويل جداً».
ورداً على ما أعلنه جعجع عن الموقف الأميركي من التوطين، لفت المؤتمر الشعبي إلى ما أعلنه بوش «خلال زيارته الأخيرة إلى فلسطين المحتلة بدفن حق العودة للفلسطينيين». وقال إن «الإدارة الأميركية، ومنذ سنوات طويلة جداً، تمارس ضغوطاً كبيرة لتوطين الفلسطينيين في لبنان وبعض الدول العربية، خدمة لإسرائيل وتصفية للقضية الفلسطينية».
وفي مواقف المعارضة من قمة دمشق، برز إعلان النائب نبيل نقولا رفض تكتل التغيير والإصلاح لأن يمثّل السنيورة لبنان في هذه القمة «إذا لم ينتخب رئيس للجمهورية»، وقال: «لا يحق لرئيس حكومة غير شرعية وغير دستورية وكذلك انقلابية أن يمثّل لبنان في اجتماع عربي سيبحث أموراً مصيرية للمنطقة»، مشيراً إلى أن الدعوة إذا وجّهت إلى هذه الحكومة «لن تغيّر شيئاً، لأن وجود لبنان في القمة دون رئيس لن يؤثر في مجريات القمة». كما رأى أن أي تجزئة للمبادرة العربية هي بمنزلة ضرب لها، لأنها «أتت سلة واحدة».

مشروع جديد بين عين التينة وبكركي

على صعيد قانون الانتخاب، قدم الوزير السابق جوزف الهاشم لصفير مشروع قانون انتخابي «يوفّق بين قانون 1960 لجهة الدوائر وقانون القضاء الإداري»، كاشفاً أنه استخلصه من لقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، حيث «لمست منه مادة أو حالة معينة رأيت أنها تشكل قاسماً مشتركاً بين مشروعين متداولين الآن ويشكلان خلافاً»، وقال إنه سينقل للأخير ما سمعه من صفير «لعلنا نوفّق في حل أزمة واحدة من سائر الأزمات المتراكمة»، ولكنه نفى أن يكون مفوّضاً لنقل الرسائل بين عين التينة وبكركي.
وأشاد النائب ميشال المر، بعد لقائه السفير الروسي سيرغي بوكين، بدور بري «وإصراره على إيجاد الحل»، ورأى إمكان التوافق على أي قانون للانتخاب «خلال ربع ساعة إذا التزمنا إيجاد الحل بروح من المسؤولية الوطنية، لا أن نبقى مقيدين بشروط وشروط مضادة ونجعل البلاد مشلولة». وقال: «إذا استمررنا في التصلب ووضع الشروط، فلا انتخابات اليوم ولا حتى عام 2009». وسأل نواب تكتل التغيير والإصلاح الموارنة: «لماذا يقبلون بترك منصب الرئاسة شاغراً؟».
من جهته، أعرب بوكين عن أسف بلاده لاستمرار الأزمة في لبنان والفراغ الرئاسي، معلناً أن وزير الخارجية الروسي «سيأتي إلى لبنان للمساعدة في الجهود من أجل التوصل إلى حل لهذه الأزمة». وأعرب عن الارتياح لاستمرار المبادرة العربية، داعياً إلى «إيجاد حل وسط مبني على صيغة لا غالب ولا مغلوب، والعمل من أجل إعادة الاستقرار السياسي وانتخاب رئيس جديد. وإنني على يقين أن الفرصة لا تزال سانحة».
لكن سفير الاتحاد الأوروبي باتريك لوران، رأى بعد زيارته العلامة السيد محمد حسين فضل الله أن الأزمة «تمضي في طريق سيّئ»، حاثّاً الجميع على بذل «ما في وسعهم للوصول إلى الحل». وقال إن دور المفوضية «يتركز على تشجيع اللبنانيين على إدارة حوار بنّاء في ما بينهم»، متحدثاً عن «دور كبير يمكن القيادات الدينية والروحية أن تضطلع به في هذا المجال». أما فضل الله فلفت إلى «أن الحركة الاستخبارية الدولية أو العربية أو غيرها، التي وسّعت نطاق نشاطها في لبنان، جعلت المسألة تخرج في كثير من الأحيان عن إطارها اللبناني، مع أن الجميع يقولون إنهم يريدون للبنانيين أن ينتجوا حلاً لبنانياً سريعاً».
وفي موقف هو الأبرز لها على هذا الصعيد، رأت الجماعة الإسلامية، أن «تعطيل المجلس النيابي تحت ستار الادعاء بعدم شرعية الحكومة مخالفة دستورية»، مطالبة رئيس المجلس «بإنهاء هذا التعطيل»، والمبادرة إلى انتخاب رئيس للجمهورية «قادر على دعوة الجميع إلى حوار مسؤول يؤدي إلى تفاهم على مختلف القضايا المثارة». وأشارت إلى أن طرح التوافق على قانون الانتخاب النيابي قبل الانتخاب الرئاسي «يؤدي إلى وضع عقبات جديدة تحول دون انتخاب الرئيس، وتمنع استكمال بناء المؤسسات الدستورية».

المعارضة: لا حروب إسرائيلية ولا فتنة


في صفوف المعارضة، اقتصرت المواقف على التطمينات إلى عدم وجود حرب إسرائيلية ولا أهلية، والرد على الرفض الأميركي لتأجيل جلسة مجلس النواب. وقد انتقد النائب عبد المجيد صالح «محاولة البعض إثارة الرعب والخوف بالحديث عن حروب متوقعة»، وقال: «إن التصريحات العابرة للقارات التي تتكامل مع الاستعراض في المياه الإقليمية اللبنانية هو تدخل صلف وأرعن في شؤوننا الداخلية وفي سيادتنا واستقلالنا». وأضاف: «ليس غريباً أن تتزامن هذه التصريحات مع الزيارة التي يقوم بها البعض لتقديم الشكر للإدارة الأميركية على إرسالها المدمرة «كول» وأخواتها»، مشيراً إلى أن «مثل هذه الرهانات سقطت ولن يحصد أصحابها سوى الندم والحسرة، لأنهم ليسوا أكثر من «زؤان» في حساب البيدر الأميركي».
ومع توضيحه أن تأجيل الجلسة «لم يكن لإبقاء الفراغ بل حرصاً على إعطاء فرصة جديدة»، قال النائب أيوب حميّد: «إن الولايات المتحدة الأميركية وإدارتها التي تظهر، كذباً، حرصها على لبنان وعلى اختيار رئيس للجمهورية، هل كانت مع لبنان واللبنانيين في يوم من الأيام؟»، مشيراً إلى دورها في حرب تموز، ومتهماً إياها بـ«تعطيل كل الحلول وضرب المبادرات»، وبأنها «تمنع التلاقي العربي ـ العربي». وأمل أن تمثّل القمتان الإسلامية والعربية فرصة لالتقاط الأنفاس «ولكي يكون العرب صوتاً واحداً في مواجهة التحديات».
وإذ طمأن النائب أسامة سعد إلى أنه «ليس من السهل أن يأخذ الإسرائيلي قراراً بشن عدوان على لبنان أو غزة أو سوريا»، أكد على الصعيد الداخلي أن المعارضة تريد تغييراً سلمياً وديموقراطياً، وأنها «لا تسعى إلى إنهاء الصراع السياسي مع فريق السلطة بالضربة القاضية، ولكنّها تعمل على معالجة هذه الأزمة بالنفس الطويل، من دون أن تعرّض البلد لأية مخاطر أو صدامات أهلية».
واتهم رئيس جبهة العمل الإسلامي، فتحي يكن، «بعض قوى الأكثرية» بترويج «أخبار مكذوبة عن نية المعارضة إشعال فتن داخلية»، مؤكداً «أن سلاح المقاومة لن يحوّل إلى الداخل، وأن الفتن الداخلية والحروب الأهلية خط أحمر، وأن قوى المعارضة ستتصرف بما يمليه عليها واجبها الوطني مع كل فريق تمتد يده بالفتنة أو تسوّل له نفسه التعرّض للسلم الأهلي. المعارضة ستبقى وفية للبنان ووحدته واستقلاله وسيادته وعروبته».
وفي لقاء حواري في صور، حدّد النائب بيار دكاش كيفية الحل ونوعيته، مشيراً إلى أن ما ينقص هو «اتفاق اللبنانيين على أن لا أحد أكبر أو أهم من لبنان»، وأن اتفاقهم هو «حجر الرحى في أزمة الرئاسة»، لكنه شكك في حصول انتخاب رئيس جديد «قبل اتفاق الدول العربية والإقليمية والكبرى النافذة في لبنان». وطالب «بترك اللبنانيين ليقرروا ما يرونه مناسباً بشأن سلاح المقاومة، إذ إن هذا الموضوع لا يحلّ بالبوارج الحربية».

ردود على موقف جنبلاط من عملية القدس

على صعيد آخر، تواصلت ردود الفعل على وصف النائب وليد جنبلاط لعملية القدس بـ«الاعتداء»، فاستنكرت الحركة الإصلاحية في الحزب التقدمي هذا الموقف، ورأت فيه كلاماً «لا يليق بمسؤول يعدّ نفسه زعيماً لطائفتنا المعروفية التوحيدية». وسألته: «إلى أين تأخذنا؟ ولماذا تريد القضاء على تاريخنا السياسي النضالي المشرّف والعريق؟».
واستغرب تحالف القوى الفلسطينية «أن تصل الأمور بابن الزعيم العربي كمال جنبلاط إلى التماهي مع الاحتلال الصهيوني». ورأى إقليم لبنان في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة «أن من يقف اليوم ليطعن المقاومة في لبنان ويجاهر بعدائه لها، لا يتوانى على الإطلاق في توصيفه لعملية القدس الاستشهادية بأنها اعتداء على الكيان الصهيوني».
أما القوى السياسية والنقابية ومؤسسات المجتمع المدني في الشمال، فتوقفت «بألم، أمام بعض التصريحات ـ على قلّتها ـ التي صدرت عن قيادات لبنانية وعربية وإسلامية والتي تدين العمل البطولي الذي طعن الإرهاب الصهيوني في القدس في الصميم، وتمتدح مفاوضات السلطة الفلسطينية مع أولمرت، فيما يشوي الصهاينة أطفال غزة ونساءها ويحرقونهم ويبنون مستوطنات جديدة».
في المواقف الخارجية، نقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «إرنا»، عن مساعد الرئيس الإيراني رئيس مؤسسة الشهيد وشؤون المضحّين، حسين دهقان، قوله إن «إيران تقف دوماً إلى جانب لبنان الذي كانوا يصفونه قبل ثلاثة عقود بعروس الشرق الأوسط، إلّا أنه يجسّد اليوم العزة الإسلامية».