رامي زريقيعدّ استعمال الطاقة الشمسية لتسخين المياه المنزلية من أهم التقنيات الخضراء التي تحافظ على البيئة وعلى جيب المواطن في آن واحد. وفي عام 2005 وحده، وفّرت السخّانات الشمسيّة عالمياً ما يعادل 70 مليون برميل نفط. وتعدّ جزيرة قبرص رائدة في هذا المجال إذ إن 90% من المساكن القبرصية مجهّزة بتلك السخّانات التي تصنّع قطعها وتجمّع محلياً.
لا تختلف طبيعة لبنان عن قبرص، وهو ليس أغنى منها بالبترول أو بالكهرباء، ما يدفع المراقب إلى استغراب عدم انتشار هذه الطريقة البسيطة البيئية والاقتصادية في بلد يشكو من غلاء المعيشة وتلوّث الهواء والتقنين الدائم للكهرباء.
ثمّة وجه آخر للمقارنة، إذا تذكرنا فقط كيف ولدت فكرة تسخين المياه بالطاقة الشمسية في قبرص. فقد دخلت هذه التقنية إلى الجزيرة عام 1960 حين كانت دولة فقيرة آنذاك. وقرّرت الدولة القبرصية تشجيع مواطنيها على استعمال الطاقة الشمسية لتسخين المياه، إذ إن قبرص، كما لبنان، تفتقر إلى البترول. وفي عام 1974، عانت قبرص حرباً أهلية أدّت إلى انقسامها إلى جزءين وإلى نزوح مئات الآلاف من السكان. اضطرّت الدولة إلى بناء آلاف الوحدات السكنية، واغتنمت الفرصة لتجهيزها بسخانات شمسية، ما ساعد على انتشار التقنية في بقية المساكن والمباني بعدما شهد المواطن على فعاليتها.
وبالعودة إلى لبنان، الذي شهد أخيراً حرباً إسرائيلية في تموز عام 2006، يبدو مؤسفاً أن القيّمين على إعادة إعمار آلاف الوحدات السكنية المدمّرة أضاعوا فرصة ذهبية ولم يستفيدوا من تجربة قبرص ويُدخلوا السخانات الشمسية في تصميم البيوت الجديدة، علماً أنه لو تمّ اللجوء إلى هذه التقنية لما اقتصرت المنفعة على توفير الطاقة، بل لتعدّته إلى خلق صناعات وتحسين معيشة المواطنين.