راجانا حميّةلم يتغيّر المسرح المدرسي منذ انطلاقته الأولى عام 2003. ففي الإطلالة الرابعة على مسرح قصر الأونيسكو، لا يزال تنظيم هذا المهرجان قيد المبادرة الفرديّة ورغبة المدارس فيه، وإن كانت هذه الأخيرة تربط، في غالبيّة الأحيان، مشاركتها بالوضع السياسي الراهن.
رغم ذلك، يستعين المسرح المدرسي بالممكن الموجود، مسلّماً بالواقع السياسي الذي يفرض هذا العام تداعياته على 9 أعمال من أصل 16 عملاً مسرحياً تعرض على مدى أربعة أيّام وتنتهي بحفلٍ ختامي في الحادي عشر من نيسان المقبل. وبموازاة المهرجان المدرسي الرابع، يبدأ طلّاب الجامعات مهرجانهم الأوّل في الثاني والعشرين من نيسان المقبل، بمشاركة الجامعة اللبنانيّة، بفرعَيها الأوّل والثاني، والجامعات الخاصّة، هايكازيان والبلمند وبيروت العربيّة والروح القدس ـ الكسليك واللبنانية الدوليّة والجنان في طرابلسقبل الخوض في تفاصيل الأيّام الأربعة والأعمال المسرحيّة للمهرجان المدرسي، ثمّة أشياء كثيرة لم تكتمل بعد عن المسرح، يحتاج المعنيّون به إلى قولها. وفي هذا الإطار، يلفت المشرف على المهرجان، المخرج علي فرحات، إلى أنّ المسرح اللبناني يغرق في غيبوبة قد لا ينجو منها بالسهولة التي هبط فيها. ولكن رغم ذلك، لا يزال فرحات مؤمناً برسالته، وإن كان في غالبيّة الأحيان يشعر بأنّه «كافر» بما يحمله من آمالٍٍ وطموحاتٍ تستهدف عودة المسرح إلى ما كان عليه في ستينيات القرن الماضي. كلّ ما يحصل لـ«مسرحه» يمنعه من المجازفة مع الموهوبين، إذ يخاف في الكثير من الأوقات من توجيه هؤلاء إلى إكمال دراساتهم في المسرح. فهو يشعر «بالارتباك في إعطاء نصيحة لصاحب هذه الموهبة. فنحن الآن، إضافة إلى الحالة الضبابيّة التي يعيشها لبنان... والمسرح والجمهور، قد ندفع الشباب إلى التخصّص في اختصاص الوقت الضائع». ولعلّ السبب الآخر الذي يدفع فرحات إلى التمسّك بتحفّظاته هو أنّ غالبيّة المدارس أو الأشخاص، و«هم كثر»، ينظرون إلى المسرح باعتباره «مضيعة للوقت». وإن كان كذلك، «فلماذا ندفع بهؤلاء إلى اختصاصٍ قد لا يعملون فيه؟»... ولكنّ كلّ هذه التحفّظات تنتهي لدى فرحات عند حدود الوضع القائم، إذ يأمل في وقتٍ لاحق، بعد «زوال الحالة الضبابيّة، أن نعود إلى المسرح كما كنّا».
وبالعودة إلى المهرجان المسرحي المدرسي، يواجه، كما في السابق، بضع عراقيل، لعلّ أهمّها الوضع السياسي، إذ انحصرت مشاركة المدارس «البيروتيّة» بثلاث فقط. يضاف إلى ذلك أنّ 15 مدرسة اعتذرت عن عدم المشاركة في هذه الدورة تحت ذريعة «الحفاظ على الأمن»، وخصوصاً في ظلّ حالة القلق وانتشار الشائعات. غير أنّه في مقابل الـ15 التي اعتذرت، استطاع المهرجان هذا العام أن يجذب مدارس من «أقصى المناطق اللبنانيّة». وقد علّق فرحات على هذه الحالة بالقول إنّه «كلّما ابتعدنا عن بيروت، دائرة الخطر، كان الخوف أقلّ». أمّا بالنسبة إلى العروض، فقد تضاءلت بدورها من 36 عرضاً إلى 28 في المناطق.
... والباقي، يطمح فرحات والمعنيّون إلى تشجيع المبادرة الفرديّة لتصبح جماعيّة. وإلى أن نصل إلى «الجماعيّة»، فقد استطاعت المبادرة الفرديّة هذا العام أن تُحفّز الطلّاب على الإبداع، إذ ابتكر البعض مسارح خاصّة به، تمثيلاً وإخراجاً وسيناريو، إضافة إلى إدخال تقنيات جديدة إليه مثل الإضاءة والصوت.
يُذكر أنّ المهرجان يبدأ اليوم بأربعة عروض لمسرح الفتيان، وأربعة أخرى غداً السبت، على أن يبدأ مسرح الكبار (المرحلة الثانويّة من التعليم) بثمانية عروضٍ، الثلاثاء والأربعاء المقبلين.