نادر فوزمرّ العام الثالث لانطلاقة «ثورة الأرز»، ولا تزال الشعارات التي رُفعت عام 2005 تتكرّر ضمن المطالب. «حرية، سيادة واستقلال»، لا يزال هذا الشعار يتردّد في أرجاء ساحة الشهداء، لكن آذان الآذاريين غابت، كما حلّت مكان «خيمة الحرية» الحديدية مئات الخيم البلاستيكية رافعةً مطلباً آخر: المشاركة.
«انتفاضة الاستقلال»، اسم آخر أطلق يوم 14 آذار، لكن سرعان ما فرّق الاستحقاق الانتخابي بعد أشهر قليلة، عشّاق الحرية، فنسوا قضيّتهم الموحدة التي اجتمعوا لأجلها وخرج من هذا التكتّل السياسي أحد أوجهها البارزة. واليوم، بعد سلسلة من النجاحات وأخرى من الإخفاقات، يسعى متبنّو «ثورة الأرز» إلى استكمال هذه الحالة، رغم غياب شعار الوحدة الذي رفع مع انطلاقتهامع انطلاق عامها الرابع، تدخل ثورة الأرز في حالة تجدّد على كل المستويات»، يؤكد عضو قيادة 14 آذار، إلياس الزغبي، أنّ الشعب اللبناني أعطى وكالة لقيادة 14 آذار لاستكمال تنفيذ هذه الشعارات. ولا ينفي الزغبي بعض إخفاقات الآذاريين وأخطائهم على مدى ثلاث سنوات، لافتاً إلى مواجهة الأمر بموقف نقدي سيبدأ مع إعلان مؤتمر «ربيع 2008»، «دون أن يعني ذلك التغاضي عن النجاحات التي حققناها المتمثّلة بنقل لبنان من حالة التبعية إلى الاستقلالية». ويميز الزغبي بين الأخطاء والإخفاقات، فيرى أن أخطاء أبناء «ثورة الأرز» تتمثل في «فقداننا الدينامية وقوّة الدفع الذاتي واقتناص الفرص في بعض المراحل».
وأبرز الإخفاقات التي تعرّضت لها الأكثرية، بحسب الزغبي، عدم قدرتها على إنتاج سلطة وطنية مستقلة تؤمّن الشراكة. «ثورة الأرز» مستمرة، يقول الزغبي، لعوامل ثلاثة: أولّها التفويض الشعبي في ذكرى 14 شباط الأخيرة، ثانيها بفعل الاختراقات الدبلوماسية، وخاصةً على مستوى القاهرة وداكار «والحدب الأوروبي والأميركي»، وأخيراً سقوط مشروع المعارضة في تغيير النظام بالقوة عبر مواجهات الشارع و«الناتج من توازن القوى في الشارع الذي بدأ منذ كانون الثاني 2007 وثبت في حوادث الشوارع الأخيرة».
أما النائب السابق غطاس خوري، فيشير إلى أنّ الثورة التي جمعت اللبنانيين رأت أنّ خروج الجيش السوري من لبنان سيعلن مرحلة جديدة من التاريخ، «ولكن مع تحقيق هذا الأمر، بقيت رواسب السوريين عبر حلفائهم والمتعاملين معهم». ويرى خوري أنّ القضية الأهم هي استكمال «الثورة»، مؤكداً المضي في الخيار الثاني، فـ«بلورة مشروعنا السياسي، عبر مؤتمر ينظّم العمل ويطالب بالوحدة والانفتاح، يجعلنا قادرين على خوض صراع طويل الأمد».
ولا ينفي خوري الدعم الدولي لقوى 14 آذار منذ قيامها، مؤكداً أنّ نجاح الأكثرية لم يأت ثمرة هذا الدعم، بل «نتيجة توحّد اللبنانيين حول مبادئ أساسية بعد استشهاد الرئيس الحريري»، مشيراً إلى فرق كبير بين تأييد المجتمع الدولي لفريق ما وإملاء شروط الخارج على أفرقاء في الداخل. أما المسؤول في التيار الوطني الحرّ، آلان عون، فيرى أنّ من انقلب على ثورة الأرز هو من طعنها «عبر إتمام صفقات من خلف ظهر حلفائه لاستبعادهم»، مشيراً إلى الحلف الرباعي الانتخابي. ويقول عون إنّ مبادئ ثورة الأرز تنصّ على المشاركة والحرية والاستقلال وحماية لبنان، وهي شعارات «أفرغتها قوى 14 آذار من مضمونها، كما أنّ ممارساتها تؤكد عكس هذه الشعارات».