ثائر غندورفجأة، وكما بدأ، توقّف النقاش في شأن قانون الانتخابات. بكركي لم تُصرّ على موقفها الرافض لقانون الـ60، لا بل إن بيان المطارنة الموارنة في الخامس من الشهر الحالي لم يُشِر إلى موضوع قانون الانتخابات.
يتحدّث مراقبون عن أن هذا التوقّف لم يكن مفاجئاً، بل جاء بعد محاولات عديدة قام بها سياسيّون معارضون لإقناع بكركي بخطورة خطوة من هذا النوع، وأسهم في هذه العمليّة عدد من المطارنة الموارنة.
ويشير هؤلاء المراقبون إلى أن بكركي وُضعت أمام حقائق مثبتة. فالبطريرك نصر الله صفير سبق أن سمّى مرشّحين للرئاسة، الأولى في عام 1988 ولم يؤخذ برأيه، وتكرّر الأمر في أواخر العام الماضي، إذ أوقع صفير في الفخ ثانيةً ووضع لائحة مرشّحين انتهى مصيرها مشابهاً لزميلتها الأولى.
وفي موضوع قانون الانتخابات، دعم صفير لقاء قرنة شهوان وتبنّاه وحماه لسنوات، وعندما وصلت «الموسى إلى الرقبة» تخلّى المؤمنون عن مرشدهم الروحي لمصلحة مرشدهم السياسي، فمشوا بقانون الـ2000 أو ما يُعرف بقانون غازي كنعان، لأسباب قيل وقتها إنها مرتبطة بضيق الوقت.
واليوم، حاول فريق السلطة إقناع البطريرك بالتراجع عن موقفه المؤيّد لقانون الـ60، واقتنع صفير. فحصل ما حصل، وخرج الوزير السابق بموقفه الحاد، لكن الواضح، فيما سعى البعض للتواصل مباشرة مع بكركي، وتذرّع سواهم بمناسبات اجتماعيّة ليستمع إلى وجهة نظر المعارضة، وهذا ما فعله عدد من المطارنة وبعض «العلمانيين»، وخصوصاً مع الوزير السابق سليمان فرنجيّة وفريقه السياسي. وأسهم عدد من المطارنة المعروفين بموقفهم الداعم لفريق السلطة، في هذه الوساطات، ومنهم من كان قد دعم لقاء قرنة شهوان.
ينقل متابعون لمحاولات الوساطات هذه عن كنسيين رفيعين قولهم إن صوم بكركي عن قانون الانتخابات هدفه عدم الوقوع في الفخ ذاته، وخصوصاً أن صفير لا يستطيع تحميل الآخرين المسؤوليّة كما فعل مع قرنة شهوان. لهذا، فهو في انتظار مشروع قانون من فريق السلطة يلحظ تقسيمات الدوائر الانتخابيّة. يُضاف إلى ذلك، التخوّف من المماطلة، بحيث يُقال لاحقاً «لم يعد الوقت يسمح»، وخاصة أنه ما زالت تفصلنا سنة وثلاثة أشهر عن الانتخابات النيابيّة. يبقى موقف صفير ملتبساً من قانون الـ60، لا موافقة ولا رفض، بانتظار الجديد. وقد أبلغه المعارضون موافقتهم على أي قانون يلحظ المساواة بين المناطق، أي اعتماد معايير واحدة في تقسيم الدوائر، لا تقسيمها على قياس هذا أو ذاك. غير أن جديد بكركي هو استعدادها للموافقة على اعتماد مبدأ النسبيّة مع الدوائر المتوسّطة، وموافقتها على الإصلاحات التي أدخلتها «الهيئة الوطنيّة الخاصّة بقانون الانتخابات النيابيّة» التي يرأسها الوزير السابق فؤاد بطرس، ولا سيما تلك المتعلّقة بمجال الإعلام والتمويل وإدارة العمليّة الانتخابيّة. وهذا ما قاله بعض المعارضين لصفير من أنّهم مع إدخال هذه الإصلاحات إلى قانون 1960.
ويقول بعض المعلومات إن فريق السلطة منكبّ على صياغة مشروع قانون يعرضه على صفير، بعدما فهم الجميع أن البطريرك سيتخذ موقفاً مما يُعرض عليه كتابةً لا مما يُقال شفهياً.