ينظّم مشروع درب الجبل اللبناني مسابقة لطلاب اختصاص الغرافيك ديزاين في لبنان، من أجل اعتماد أحد التصاميم الذي يصوّر المشروع شعاراً له. وبدأ عرض التصاميم في الجامعة الأميركية للعلوم والتكنولوجيا، على أن ينتقل إلى باقي الجامعات في الأيام المقبلةليال حداديحاول طلاب الجامعات اللبنانية رسم صورتهم الخاصة عن طبيعة بلادهم. طبيعة يجهلونها لأسباب عدّة، منها التقسيم الطائفي وأخيراً السياسي للمنطقة، ومنها بُعدها عن مكان سكنهم أو عن العاصمة بيروت، كما يؤكّد معظم الطلاب.
الخضار، التلوّث، الهواء وغيرها من العناصر التي تجسّد أساس البيئة، جمعها طلاب الغرافيك ديزاين في ملصقات عرضت في الجامعة الأميركية للعلوم والتكنولوجيا (AUST) في معرض نظّمه مشروع «درب الجبل اللبناني».
تبدو منطقة بشري بعيدة جداً بجغرافيتها وأهلها عن الطالبة زينب ناصر ابنة النبطية. تمسك ناصر الخريطة التي وزعها مشروع درب الجبل عن المناطق التي جهّز الدروب فيها لتصبح جاهزة لاستقبال المغامرين «لازم روح على بشري، إنو هيدي كمان بلبنان»، تبتسم وتخبّئ الخريطة في حقيبتها.
بدأ مشروع «درب الجبل اللبناني» نشاطاته في الجامعات اللبنانية، إذاً. فبعد أن أطلق رحلاته في المناطق والطبيعة اللبنانية، لجأ المسؤولون عن المشروع إلى إشراك الشباب، ولا سيّما طلاب الجامعات، في تحديد وجهته المستقبلية.
يحمل الطالب زاهي هبش ملصقه بيده، يبحث عن مكانه المفترض على جدران المعرض «مش كتير حابب الملصق مع إنو اخدت عليه أعلى علامة بالصفّ». يشير هبش بيده إلى التفاصيل الصغيرة على الملصق: رجل جالس في الطبيعة، على ظهره حقيبته الرياضية وأفكاره في مكان آخر، يحلم بالتلفزيون والهامبرغر، وإلى جانب الرسم عبارة «فكرّ بطريقة صحية». يؤكّد هبش أنه لو لم يشارك مع «درب الجبل اللبناني» في رحلة إلى أرز الشوف، لما كانت لديه هذه الأفكار.
ما قدّمه هبش انطلاقاً مما رآه في منطقة لبنانية، «لم أكن أدري أنها جميلة بهذا القدر»، ليس فريداً، فمعظم الطلاب الذين شاركوا درب الجبل بإحدى رحلاته في المناطق، تمكّنوا من تصميم ملصقات من واقع ما شاهدوه. تقف الطالبة ميلانا شينا قرب ملصقها «الذي أعجب رئيسة قسم الغرافيك ديزاين في الجامعة هبة حبال»، كما يؤكد لها رفيقها. تحاول أن تشرح كل المعاني التي قصدتها من خلال تصوير مناظر من لبنان داخل الأحرف المكتوبة على الملصق «نحن لا نعرف الكثير عن طبيعتنا، ومع مشروع درب الجبل نكتشفه بتدرّج، وهذا ما أردت إظهاره من خلال تصميمي».
وشارك، إضافة إلى طلاب «AUST»، طلاب الجامعة الأميركية للتكنولوجيا (AUT)، جامعة الروح القدس ــــ الكسليك، الجامعة اللبنانية الأميركية (LAU)، والجامعة اللبنانية.
ومن بين التصاميم المعروضة، ملصق الطالب في الجامعة اللبنانية إيلي كيدوي، الذي صوّر عدداً من المناظر الطبيعية في لبنان، وعليها «دعسات» بيضاء في إشارة إلى هدف درب الجبل الأساسي، وهو اكتشاف اللبنانيين طبيعتهم وقراهم مشياً على الأقدام.
أما الطالبتان كارلا سعد وجويل زكور من جامعة الروح القدس، فاختارتا تصميماً أبسط، وصوّرتا أشخاصاً يمشون في الطبيعة، وعلى الصورة كتبتا عبارة «صوت الطبيعة» (sound of nature).
من جهته، يشرح مدير مشروع «درب الجبل اللبناني» فيصل أبو عزّ الدين، أنّ الشباب اللبناني يجهل بلده «فجبيل، وبعلبك، وأرز بشري هي المعالم الطبيعية والأثرية الوحيدة تقريباً التي يعرفها الشباب بسبب التغطية الإعلامية المخصّصة لها، أما باقي المناطق فهي مهملة، وهذا ما نحاول تصحيحه من خلال مشروعنا».
أمّا حبال فتتحدّث عن تجربتها الخاصة «صعقتُ عندما تعرّفت منذ أربع سنوات إلى طبيعة الجنوب، ومن يومها وأنا أذهب كل أسبوع مع عائلتي لنتعرّف إلى بقعة جديدة من هذه المنطقة التي كنّا نجهلها». انطلاقاً من هذه التجربة، تشجّع حبال كل طلابها على المشاركة في كل نشاطات درب الجبل، «طلاب الاختصاصات الفنية يبدعون أكثر إذا تعرّفوا إلى طبيعة بلادهم».
من المتوقّع أن يتنقّل المعرض في كلّ هذه الجامعات بانتظار أن تعلن نتيجة الفائز بأفضل تصميم، خلال المؤتمر الصحافي الذي يعقده المشروع في الثامن والعشرين من الجاري. وسيعتمد المشروع، التصميم الفائز، شعاراً لحملته. وإضافة إلى الملصق، صمّم الطلاب عن الموضوع نفسه، روزنامة، شعارات على قبعات وحقائب، و«sous plat». يستقبل معهد الفنون الجميلة ـ الفرع الثاني في الجامعة اللبنانية المعرض يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين، على أن ينتقل إلى جامعتي الكسليك واللبنانية الأميركية ـ جبيل بعد الأعياد.