محمّد مصطفى علوشيسود التباس، قد يكون مقصوداً، بشأن حقيقة موقف الجماعة الإسلاميّة في لبنان، والخندق الذي تنتمي إليه، في ظلّ هذا الفرز السياسي الحاد بين قوى الأكثرية والمعارضة، ولا سيّما أنّ الجماعة التي لا تُعدّ نفسها طرفاً في الأزمة السياسية الحالية، قامت في الآونة الأخيرة بتحرّكات سياسية وشعبية وصلت حتّى بوابة فاطمة في الجنوب. كما أصدرت بيانات تعكس مواقفها من الأزمات القائمة في كلّ من لبنان وفلسطين. ففي غزّة، تحمل بشدّة على سلطة الرئيس محمود عباس المقرّبة من المحور الأميركي، وتحمّلها مسؤوليّة عرقلة لمّ الشمل الفلسطيني. وفي لبنان، تحمل على قوى المعارضة المناهضة للمحور عينه، وتحمّلها مسؤوليّة الفراغ الرئاسي وشلّ المؤسّساتوإذا كان المراقب يرى غموضاً غير واضح المعالم في مواقف الجماعة، فإنّ نائب الأمين العام فيها إبراهيم المصري (أبو عمر) يرى أن موقف الجماعة واضح وضوح حقيقة من يقف وراء تعطيل المجلس النيابي، ألا وهو رئيس المجلس نفسه نبيه بري، بصرف النظر عن موافقة جميع قوى المعارضة أو بعضها على هذا التعطيل، «تحت ذريعة إقفال المجلس أمام الحكومة غير الشرعيّة وغير الدستورية في نظر هؤلاء».
ويرى المصري أنّ السبب الحقيقي وراء تعطيل المجلس ليس شرعية الحكومة أو عدمها بالنسبة إلى قوى المعارضة، بل خوف حزب اللّه تحديداً من أي حكومة جديدة، ولا سيّما أنّ هناك «نظريّة قائمة عند حزب اللّه، والحزب هو صاحبها، مفادها أنّ أيّ نظام سيركب في لبنان سوف يكون نظاماً معادياً، أي عميلاً للإدارة الأميركية، وهم لا يريدون تالياً المسار من أوّله. مصلحة الحزب هي الفراغ، يقول المصري، مضيفاً: «نحن في الجماعة مع المقاومة، لكنّنا نريدها مقاومة مفتوحة لكلّ القوى، مشروعة للجميع، لا حكراً على مذهب أو حزب أو طائفة محدّدة، رغم أنّنا نتوق لليوم الذي تكون فيه المقاومة ضمن استراتيجية دفاعية وطنية جامعة».
وإذ يشكّك في وجود مشروع أميركي في لبنان لأنّ «المشروع الأميركي يغطّي العالم، ولبنان أصغر من أن يكون ضمن هذا المشروع»، يؤكّد أنّ البوارج الحربيّة الأميركيّة الرابضة قبالة السواحل اللبنانية السورية «مهمّتها ردعيّة»، تحسّباً لأيّ سيناريو تدخّل سوري.
ويُقلّل المصري من أهمية ما يحكى عن سيناريوات لحرب قادمة، إذ لا يعتقد «أنّ حرباً جديدة ستقوم بين إسرائيل وحزب الله في المستقبل القريب. والسبب أن إسرائيل غير مستعدة لحرب كهذه. كما أن المقاومة التي واجهتها في حرب تموز ستتكرر إذا قررت خوض حرب جديدة ضد لبنان». وعمّا إذا كانت الجماعة الإسلامية مؤيّدة للانتخاب بالنصف زائداً واحداً إذا استمرّ موقف المعارضة على حاله، قال المصري: «موضوع النصف زائداً واحداً مجرّد تلويح، ولم يحصل في تاريخ لبنان أن تم انتخاب رئيس بالنصف زائداً واحداً، حتّى أيام الاحتلال، حين انتخب بشير الجميّل، ولا أظن أن أحداً سيقدم عليه في لبنان. أما بالنسبة إلينا، فنحن نرغب في أن يُعتمد لبنان دائرة انتخابية واحدة على أساس النسبية، لكن المشروع الذي اعتمده الطائف هو قانون المحافظة والنسبية».
وإذا كان المصري يعتقد بأن لا ضرورة لفتح سجال حالياً بشأن قانون الانتخاب، فإنّه يرى أن «الدعوات لقوانين تتيح للفرد انتخاب نائب عن طائفته أو مذهبه، تمثّل خطراً كبيراً على البلاد».