قاسم: يريدون المعارضة عبّارة لانتخاب رئيس الجمهوريّة ثم يفعلون ما يشاؤونبعد وصول الدعوة، بدأ الاعتراض على المسلِّم والمتسلِّم وحتى على الحضور، مع استمرار مطالبة «دولة الرئيس» في داكار بأولوية انتخاب الرئيس، فيما كان قائد «القوات اللبنانية» يلتقي رئيس لجنة القوات المسلّحة الأميركية

استدعى تلويح وزير الدفاع الإيطالي السابق أنطونيو مارتينو بسحب قوات بلاده من لبنان وإعادتها إلى العراق إذا فاز سيلفيو برلسكوني في الانتخابات الشهر المقبل، تحركاً في لبنان ورد فعل في إيطاليا، حيث اتصل رئيس مجلس النواب نبيه بري بالسفير الإيطالي غبريال كيكيا مستهجناً ومستفسراً ما نقل عن مارتينو، وطلب منه، بحسب مكتبه الإعلامي، إمكان «التأكد من تصريح خطيركهذا». وفي روما أدان رئيس الوزراء الإيطالي، رومانو برودي، تصريحات مارتينو، ووصفها بأنها «غير مسؤولة» و«خطيرة جداً»، معرباً عن اعتقاده بأنه لن يكون وزير دفاع مرة أخرى «بعد هذه التصريحات». كما انتقدها وزير الخارجية ماسيمو داليما.

كلمة السنيورة وجولة جعجع في واشنطن

وبعيداً عن ذلك، كان رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، يواصل مطالبته بأولوية الانتخاب الرئاسي، تمهيداً لـ«استعادة دور المؤسسات الدستورية المعطّلة وتأليف حكومة وحدة وطنية بحسب المعايير والأعراف الدستورية». وعزا في كلمة لبنان التي ألقاها أمام مؤتمر القمة الإسلامي في داكار، الفراغ الرئاسي إلى «أسباب داخلية وخارجية في آن واحد»، راجياً أن «يتمكن اللبنانيون سريعاً، وبدعم أشقائهم وأصدقائهم، من رفع العوائق من أمام العودة إلى انتظام حياتهم الدستورية والسياسية، بدءاً بانتخاب فوري لرئيسٍ جديدٍ للجمهورية ودون إبطاء أو شروط مسبقة». ورأى أن جزءاً من الأزمة اللبنانية يعود «إلى ارتدادات الصراع العربي ــــ الإسرائيلي، وإلى التدخل الخارجي في البلاد». وكرر «التأكيد على دور الدولة لتصبح صاحبة السلطة الوحيدة على الأراضي اللبنانية، فلا يعود لبنان ساحة للتقاتل لحساب الآخرين».
والتقى السنيورة الرئيس الأندونيسي سوسيلو بامبانج يودويونو، ووزراء خارجية: عمان، يوسف بن علوي، الكويت، محمد صباح السالم الصباح، ليبيا، عبد الرحمن شلقم، والسعودية، سعود الفيصل. وقال رداً على سؤال إن لبنان طالب «بأن يصار إلى عدم التدخل في الشؤون اللبنانية».
لكن الحدث اللافت كان في واشنطن، حيث التقى رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع، رئيس لجنة القوات المسلّحة في مجلس الشيوخ الأميركي، السيناتور كارل ليفين، دون أن تتضح أسباب هذا اللقاء بين مسؤول «القوات اللبنانية» ولجنة «القوات المسلّحة» الأميركية. كما لفت الاحتفال الذي أقيم في مبنى الكونغرس «لمناسبة الذكرى الثالثة لثورة الأرز» ، الذي أعرب خلاله رئيس التشريع في الحزب الجمهوري، تاديوس ماكوتر، عن ابتهاجه بـ: «عودة جعجع إلى الحرية، والحقيقة الآتية، لأنه بالرغم من كل ما يفعله الطغاة، تصمد القوة الحقيقية للروح البشرية وتبقى». فيما وصف رئيس قسم الشرق الأوسط في لجنة العلاقات الخارجية، غاري أكرمان، جعجع، بأنه «أيقونة» وقيادته «حكيمة»، متهماً «فئة من الشعب اللبناني» بأنها ترتكب أعمالاً شنيعة وتحاول القضاء على الحرية المرة تلو الأخرى. نريدهم أن يعرفوا أن «اغتيال الأفراد ممكن، هذه حقيقة من حقائق الحياة، ولكن شمعة الحرية حالما تضاء لا يمكن إطفاؤها». وخاطب أعضاء وفد القوات: «أصدقاؤكم هنا تعهدوا بأن يقفوا إلى جانبكم لمؤازرتكم». وخلص إلى القول: «إلى أن يأتي ذلك اليوم الذى يبزغ فيه فجر الحرية في وطنكم وفي كل الأوطان، سنكون جميعاً لبنانيين».
وبعدما اتهمت النائبة ستريدا جعجع «سوريا وأدواتها في لبنان» بأنهم «عملوا على خطف المجلس النيابي»، وعزت تأجيل جلسات انتخاب رئيس جديد للجمهورية إلى «مقاطعة نواب 8 آذار» للجلسات، قال جعجع: «نحن الأبطال الذين نقاتل من أجل الحرية في الشرق الأوسط»، ووعد مضيفيه: «سنواصل النضال لتحقيق لبنان حر، سيد، ديموقراطي، مزدهر وعصري. الطريق قد تكون طويلة، ولكن بتصميمنا وعزيمتنا سننتصر».
وفي لبنان، واصلت الموالاة حملتها على قمة دمشق وشروطها للمشاركة، فقال الوزير مروان حمادة، بعد لقائه سفيرة بريطانيا والقائمين بأعمال السفارتين الأميركية والفرنسية: «نحن نصرّ على انتخاب رئيس ليكون جالساً في مقعد لبنان ويمثّل الدولة المؤسِّسة لجامعة الدول العربية». وأضاف: «ليس الأمر في يد الرئيس السوري لكي يتصرف بلبنان وبسيادته على الطريقة التي تصرّف بها حتى الآن». لكنه استطرد: «في كل الحالات، ستجتمع الحكومة لتتخذ القرار المناسب».
ورأى الوزير جان أوغاسابيان أن «ثمة من يسعى إلى جرّ البلاد إلى سجال حول طريقة دعوة الحكومة بهدف إنهاء المبادرة العربية والقضاء عليها والتأكيد أنها أصبحت أمام طريق مسدود»، كاشفاً أن الحكومة في انتظار التشاور «مع الدول الشقيقة» في شأن «مستوى تمثيلها في القمة». كما تحدث عن «توجه عام لدى العديد من الوزراء لعدم حضور لبنان، للتأكيد أن الوضع غير طبيعي في لبنان، ويجب تغييره».
وإذ وصف النائب غازي يوسف طريقة تقديم الدعوة بـ«الإهانة»، قال أيضاً إن مشاركة لبنان رهن «بالوصول إلى تفاهم مع الدول العربية حول ضرورة مشاركة لبنان»، مضيفاً: «إذا لم ينتخب رئيس جمهورية، فلن يمثّل لبنان في قمة دمشق».

المعارضة: السلّة
الكاملة أو لا شيء

في هذا الوقت، شخّص نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، في احتفال ديني في الضاحية الجنوبية، الوضع بـ«نحن الآن في موقع لا حل فيه في لبنان»، لأن «أميركا تتدخل وتمنع الحلول وتستخدم فريق الموالاة لمشروعها وتمنعه من أن يقدم على عمل لا تقبل به». ورأى أن الموالاة متمسكة بالثلثين في الحكومة للسيطرة على «القضايا الكبرى التي تتعلق بالاستراتيجية الدفاعية أو قرار الحرب والسلم أو ما شابه»، واتهمها بأن ما «تريده من المعارضة فقط أن تكون عبّارة لانتخاب رئيس للجمهورية، ثم بعد ذلك يفعلون ما يشاؤون في مجلس الوزراء وفي المجلس النيابي». وقال إنها «مستعدة لتخريب البلد وتعطيله وشلِّه، لكنها غير مستعدة للمشاركة»، مؤكداً مطلب السلة الكاملة للتوافق، وغير ذلك «أمر غير وارد». كما انتقد تباين المواقف في صفوفها من القمة، وأردف: «إذا كانت قمة عربية بين حضور أو عدم حضور ضيّعتكم، فهل ستستطيعون قيادة لبنان بهذه الطريقة وبهذا الأسلوب؟». وأكد أن هذه القمة «بألف خير، وستسير بشكل طبيعي».
ورأى أن الطرح الأخير عن قانون الانتخاب «يؤدي إلى فدرالية الطوائف تمهيداً لفدرالية البلد على المستوى الجغرافي». وغمز من قناة جعجع بالقول إن الأميركيين «يؤمنون بالتوطين ويريدونه، فيكلِّفون آخرين بأن يتحدَّثوا كما يشاؤون، لاعتبارات سياسية، ثم بعد ذلك يمكن لهذا الذي صرّح أن يقول إنهم قالوا ذلك وكذبوا عليّ». ورفض ما رآه «التهويل والتهديد والإخافة» بالحرب، مؤكداً جهوزية المقاومة للتصدي لأي عدوان، ولافتاً إلى أن إسرائيل «أصبحت تحسب حساباً لأي عدوان يمكن أن تفكر فيه، لأنها تعلم أن الثمن سيكون باهظاً جداً».
وفي موضوع القمة أيضاً، رأى النائب سليم عون أن السنيورة لا يستطيع تمثيل لبنان، لأن حكومته غير شرعية وغير دستورية. وقال إن إطالة أمد الأزمة واقترابنا من موعد الانتخابات النيابية سيرتّب أولويات جديدة للحل هي: انتخابات نيابية مبكرة يسبقها التوافق على قانون انتخاب نيابي عادل عبر حكومة انتقالية، ثم انتخابات رئاسة الجمهورية، أو تأليف حكومة وحدة وطنية.
وأمس، أبدت الكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية والإنجيلية في البيان الختامي لمؤتمرها المشترك عن «الحضور المسيحي في لبنان»، خوفاً على حضور المسيحيين ودورهم في لبنان نتيجة الهجرة المتزايدة و«تعطّل» انتخاب رئيس جديد والـ«تراجع في مساهمة المسيحيين في سياسة لبنان وإدارته.