رشا أبي حيدريشاهدون. يتأثرون. يتفاعلون. بعضهم يبكي، والبعض الآخر يغمض عينيه بانتظار مرور أحد مشاهد الفيلم. هكذا يتعرّف الطالب في السنة الأولى ماجستير في قسم الإعلام والتواصل في جامعة القديس يوسف إلى مادة «المشاكل والوقائع الراهنة في العالم». تسلّط كل حصة دراسية الضوء على موضوع ما من خلال فيلم وثائقي بالضرورة. يجسّد الفيلم أحداثاً واقعية ويُدعم في ما بعد بوثائق ومستندات.
«الحقيقة السيئة»، هو فيلم الحصة الأولى الذي يطرح مشكلة الانحباس الحراري، تأثيراته على الكرة الأرضية، وتداعياته في السنوات المقبلة. فقراءة كتاب عن الموضوع «صعبة شوي عالطالب»، تقول أستاذة المادة جيزال عيد، وبالتالي ليس هناك من وسيلة أفضل من مشاهدة صور توضح على مر السنوات تغيّر المناخ. إنّه «كابوس داروين»، فيلم ثانٍِ يصوّر معاناة شعب بحيرة فيكتوريا في تانزانيا. تغطّ طائرات من دول أوروبية عدّة لتزوّد البحيرة بالسلاح مقابل السمك. الوثائقي الفرنسي يبيّن استغلال الدول الكبرى لتلك البحيرة ونتائجها من فقر وأمراض ودعارة. «هيدي الحقيقة»، تؤكد عيد، وهذا ما يحصل كلّ يوم ويعانيه الملايين، وهناك موضوعات لا يجب «أن نكون غائبين عنها»، كالعولمة وتأثيراتها السلبية على الدول الفقيرة، الموضوع الذي عالجه الطلاب. «هيدا ضروري تشوفوه»، تلفت عيد انتباه الطلاب. هو فيلم «تجارة الجنس» الذي يضمّ مجموعة قصص حقيقية تطال أطفالاً مراهقين ومراهقات يعيشون لإشباع رغبات جنسية مريضة عند الآخرين. كما يتعرّضون للاعتداء كلّ
يوم.
وفي الانطباعات، لاقى الأسلوب الذي تقدّم به المادة إعجاب الطلاب واهتمامهم. «طريقة بتمشي مع عصر العولمة»، تقول ريان، مشيرة «إلى ضرورة تزويد المادة التعليمية بأفلام ووثائق، وخصوصاً في قسم الإعلام». أما بالنسبة إلى ميلاد «فهيدا أحلى صف»، مؤكداً أهمية أن تصبح المناهج في الجامعات والمدارس عملية، تفادياً للملل. «بطّلنا بعصر الخشبة، لازم نتبع التكنولوجيا»، يضيف جوزف، موضحاً أنها طريقة ناجحة للتنويع بين مشاهدة الأفلام والقراءة. أما ناديا، فتصف الطريقة بالفعاّلة جداً «هيك بتركز الفكرة براسنا»، لافتةً إلى أنّها توسّع آفاق الطالب من خلال التعّرف إلى المشاكل الكبرى عبر الصورة. ولأنّ هذا الجيل لا يحب القراءة كثيراً، والصورة هي الأقوى، اعتمدت عيد هذه الطريقة. وتوضح عيد أنّ هذا الأسلوب يكوّن رؤية جديدة للطالب الإعلامي، وخصوصاً بالتركيز على الزاوية البصرية. وتلفت عيد إلى التقنيات الجديدة التي تعتمدها الأفلام على مستوى المؤثرات السمعية والبصرية بفضل التكنولوجيا «فلماذا لا يستفيد طلابنا من ذلك؟». وترى عيد أن العالم يحتاج إلى لمس الحقيقة، لذا فهذه الأفلام الوثائقية غير الموجودة في لبنان تعبّر عن واقع المشاكل الكبرى. وتشير إلى أنّ الطريقة الجديدة تسعى إلى تقديم موضوعات تهمّ العالم بأسره، «بركي الطلاب بيلتهو شوي عن
السياسة».
يذكر أنّ عيد أحضرت معها الأفلام من كندا. وكان الطلاب قد تمنوا على أستاذتهم نسخ الأفلام، لأنها تعود عليهم بالفائدة، وتطرح موضوعات جريئة غير مألوفة هنا، لكنّها رفضت ذلك لأسباب قانونية.