أنشأت قوى الأمن الداخلي قسماً لحقوق الإنسان، ووعد مديرها العام بوقف كلّ الممارسات المخالفة لشرعة حقوق الإنسان. فهل يبقى ذلك شعاراً أم يتحوّل إلى أفعال؟أعلن المدير العام لقوى الأمن الداخلي أنه بصدد إصدار أوامر لوضع لوحات بارزة، تعلّق في المخافر، تكتب عليها الإجراءات القانونية التي يمكن الموقوف أن يلجأ إليها في حال تعرضه للتعذيب. وجاء هذا الإعلان اللافت خلال اجتماع عقد قبل ظهر السبت الفائت لمناسبة استحداث قسم لحقوق الإنسان في المفتشية العامة لقوى الأمن، جمع ريفي بناشطين في مجال حقوق الإنسان وممثلين عن منظمات دولية ومحلية تعمل في هذا المجال. حضر عن الجمعيات الحقوقية ممثلون عن منظمتي «الكرامة» و«هيومن رايتس ووتش» وجمعيات «سوليدا» و«الف» و«ليف» و«رواد» و«حقوق» و«شاهد» ومؤسسة «حقوق الإنسان والحقّ الإنساني» و«هيئة رعاية السجناء وأسرهم»، و«مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب» والمركز الحقوقي لقضايا الشأن العام. خلال اللقاء، وعد ريفي بمزيد من الشفافية، كما أكّد التزامه مبادئ حقوق الإنسان. وحضر الاجتماع رئيس هيئة الأركان العميد جوزف الحجل والعميد بيار نصار، إضافة إلى رئيس قسم حقوق الإنسان العميد ناجي ملاعب الذي شرح عمل القسم المستحدث. وقال إنه بصدد إنشاء شبكة معلومات وإصدار نشرات حقوق الإنسان شهرياً. وأضاف ملاعب أن قسم حقوق الإنسان سيقوم بتأهيل العناصر الشابة في قوى الأمن على الأساليب الحضارية للتعامل مع السجناء والموقوفين.
أمل اللواء ريفي خلال الاجتماع استعادة وزارة العدل لإدارة السجون بدلاً من وزارة الداخلية التي تتولاها منذ عام 1949، وأقرّ بـ«الواقع المزري للسجون في لبنان»، مستعرضاً سوء كل منها، وخصوصاً أنها تضم عدد سجناء أكبر بكثير مما تستوعبه. وتمنى أن تُبنى سجون مركزية في المناطق يتسع كل منها لحوالى 1000 سجين. لكنه قال إن المعرقل الأكبر لتحسين السجون هو نقص المال، وخصوصاً أن «الدول المانحة لا توافق على المساهمة في دعم مديرية السجون مالياً».
لم ينكر ريفي وجود انتهاكات لحقوق الإنسان في مراكز التوقيف والسجون يقوم بها «بعض العناصر القدماء والمخضرمين الذين نشأوا خلال سنوات عملهم على ثقافة العنف والضرب للسجين أو الموقوف»، فإنه ناشد المنظمات المعنية للمساهمة في تدريب عناصر قوى الأمن على حقوق الإنسان والتعامل السليم مع السجناء عبر حلقات تدريب تثقيفية.
وبالنسبة لموقوفي «فتح الإسلام»، رأى ريفي أن «المعلومات الصحافية والضجّة التي أثيرت كانت ملفّقة وتقف وراءها أهداف معينة». وأقر بأن التعامل معهم كان «مربكاً في البداية لأن تنظيمهم هذا ظاهرة خطيرة»، ولم ينكر بعض التجاوزات التي حصلت «بسبب الإرباك»، لكنه حيّا الروح العالية التي تحلّى بها عناصر الأمن في التعامل مع عائلاتهم. وبالنسبة للوفيات التي حصلت أخيراً في السجون، أكد ريفي أن المديرية «تبلّغ مباشرة عن الوفاة»، لكنها لا تتولى التحقيق بل هذه مهمة القضاء. وبالنسبة للاجئين العراقيين، أعلن ريفي أن قوى الأمن توقف كلّ عراقي لا يحمل بطاقة من المفوّضية العليا للاجئين والذي يمكث 6 أشهر في لبنان من دون إجراءات قانونية. أما عن أوضاع خادمات المنازل الأجنبيات فقد أقرّ ريفي بـ«العنف الكبير والانتهاك» الذي يتعرّضن له في المنازل.
حقوق لم تناقش
لم يتطرّق المجتمعون إلى كلّ الشؤون المتعلّقة بدور قوى الأمن في حماية حقوق الإنسان لأن الوقت لا يتّسع لذلك، لكن هناك شأناً أساسياً يعني الناس لا بدّ من التوقف عنده التزاماً بشرعة حقوق الإنسان، وهو موضوع تعامل قوى الأمن مع المواطنين لجهة عدم احترام خصوصياتهم الفردية، ولا سيما في «المربّعات الأمنية» ومحيطها. ويشكل ذلك خرقاً للمادة 12 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنصّ على: «لا يعرض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته». وربما لم يتنبّه اللواء ريفي إلى مضمون الاستمارة التي يفرض آمر مجموعة حراسة منزل أحد المسؤولين على سكان المنطقة تعبئتها. وفيها يسأل الضابط في قوى الأمن عن «الجهة السياسية أو الحزبية أو الجمعية» التي ينتمي إليها السكان وهو أمر يتجاوز قواعد حقوق الإنسان. فهل يتحرّك قسم حقوق الإنسان في قوى الأمن لمعالجة هذا التجاوز؟
(الأخبار)