طارق ترشيشيكل المعطيات في مواقف فريق الموالاة تشير إلى أن رئيس الحكومة فؤاد السنيورة قد لا يشارك في القمة العربية، ملبياً الدعوة السورية التي تلقاها الأسبوع الماضي عبر وزير الخارجية المستقيل فوزي صلوخ، لكن القرار النهائي سلباً أو إيجاباً لم يتخذ بعد في انتظار درس هذه الدعوة في مجلس الوزراء.
والموقف الذي أعلنه، أمس، رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط وأكد فيه أن وزراءه في الحكومة سيصوّتون في مجلس الوزراء ضد المشاركة في قمة دمشق، انطوى على احتمالين: إمّا أن يكون هذا الموقف ذريعة للسنيورة وبقية أطراف 14 آذار لاتخاذ قرار جامع بعدم المشاركة في القمة، وإمّا أن يكون «موقفاً مبدئياً» كسائر المواقف التي اتخذها جنبلاط في محطات ومناسبات سابقة، تاركاً لحلفائه اتخاذ موقف بالمشاركة في القمة، وإن كانت أكثرية أركان 14 آذار تميل حتى الآن إلى عدم المشاركة، أو الاكتفاء بإرسال ممثل للسنيورة إلى قمة دمشق، وذلك للإبقاء على «شعرة معاوية» بينهم وبين سوريا، وهي الشعرة التي جعلت وزير الأشغال العامة والنقل محمد الصفدي يشارك في «الاجتماع الغازي» الذي انعقد في دمشق في الآونة الأخيرة.
ويعتقد مصدر سياسي أن فريق الموالاة سيرتكب «خطأً كبيراً» إذا قاطع قمة دمشق، ولكن الدلائل تشير حتى الآن إلى أن هذا الفريق متحوّط لاحتمالي المشاركة والمقاطعة في آن، وأنه لن يتخذ أي قرار في انتظار تبلور مواقف بعض الأطراف العربية الفاعلة، وتحديداً مصر والمملكة العربية السعودية، من المشاركة في القمة من حيث مستوى التمثيل أو من حيث الموقف السياسي الذي سيعبّر عنه ممثلوها خلال جلسات القمة.
ويضيف هذا المصدر أن هذه الأطراف العربية لم تتخذ بعد أي قرار في صدد القمة لأنها تنتظر الوساطة الإيرانية الجارية حالياً بين دمشق وطهران، بغية التقريب بينهما عسى أن يتوصلا إلى اتفاق ينعكس إيجاباً على القمة ويجعلها قمة اتفاقات ومصالحات عربية، من شأنها أن تنعكس إيجاباً على المبادرات والمساعي الجارية لحل الأزمة اللبنانية.
على أن فريق الموالاة، على حد ما يقول بعض أركانه، يعوّل حالياً على «جهود محلية وعربية تُبذل» من أجل تأمين انتخاب المرشح التوافقي قائد الجيش العماد ميشال سليمان في الجلسة النيابية المقررة في 25 الجاري، أي قبل موعد انعقاد قمة دمشق بأربعة أيام، ليرأس بعد انتخابه وفد لبنان إلى هذه القمة. ويضيف هذا الركن الموالي أن 14 آذار لن تشارك في القمة العربية ما لم ينتخب رئيس الجمهورية أولاً، وهو مطلبها المركزي الذي ترى فيه «المدخل الرئيسي» لتنفيذ المبادرة العربية الهادفة إلى حل الأزمة اللبنانية.
لكن قطباً سياسياً بارزاً يعتقد أن فريق الموالاة سيتعاطى بـ«موقف وسط» مع القمة، بحيث لا يحضرها السنيورة، بل يوفد وزير الخارجية بالوكالة طارق متري ممثلاً له إليها، إذ إن الجانب السوري ليس الآن في وارد القبول بالتفاوض مع أي طرف على خلفية القمة، وخصوصاً أنه «ضمن» أن غالبية دول الخليج ستشارك فيها، وأنه بذلك «أحرج» الجانب السعودي الذي غالباً ما تتضامن معه دول الخليج في أي موقف يتخذه.
ويؤكد هذا القطب أن لا شيء عملياً سيحصل على مستوى معالجة الأزمة اللبنانية وانتخاب رئيس الجمهورية الجديد قبل القمة، ويقول إن هذه الأزمة ستعيش حالة انتظار إلى ما بعد القمة حيث ستطرح أصول وأفكار جديدة لمعالجتها، لأن المبادرة العربية تواجه عقبات كبيرة لم يعد في إمكان الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى معالجتها.
ويرى هذا القطب أن «الوثيقة السياسية» التي أعلنتها قوى 14 آذار في مؤتمرها الأول في «بيال»، كان يفترض أن تحتوي على مواقف مرنة تتيح مجالاً لحصول اتفاق بينها وبين المعارضة، وإذا بها تتحدث عن صراع بين ثقافتين لتزيد في عمق الشرخ بين الجانبين.
وفي هذا السياق، سجّل سياسي معارض جملة ملاحظات على هذه القمة ومؤتمر «ربيع بيروت» في الشكل والمضمون، منها:
أولاً: غياب الكبار من فريق 14 آذار عن برنامج الخطابات التي اقتصر إلقاؤها على شخصيات هي من الصف الثاني والثالث.
ثانياً: تغيير هوية لبنان السياسية التي كرّسها اتفاق الطائف بأنه عربي الانتماء والهوية، وذلك عبر الحديث عن وجود نزاع بين «ثقافة تسعى إلى السلام والتواصل وثقافة العنف والفصل».
ثالثاً: خلوّ الوثيقة من أي إشارة أو مطالبة بتحرير الأرض والأسرى ومنع الاعتداء الإسرائيلي المستمر على السيادة اللبنانية، كما لم تأتِ على ذكر القنابل العنقودية الإسرائيلية التي تمثّل المحرقة المستمرة لأهالي الجنوب.
رابعاً: أعلنت الوثيقة برعاية القائمة بأعمال السفارة الأميركية ميشيل سيسون، وجاءت امتداداً لما قاله رئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» قبل سفره إلى الولايات المتحدة بأن «ثورة الأرز» إنما قامت بمساعدة الإدارة الأميركية ودعمها.
ويخلص هذا السياسي من هذه الملاحظات إلى التأكيد أن الأزمة مستمرة، في انتظار ما ستؤدي إليه المساعي العربية والإيرانية الجارية للتقريب بين دمشق والرياض.