غسان سعودرغم الأجواء الاحتفاليّة العونيّة بذكرى 14 آذار، وانشغال الساحة السياسيّة بتطورات عدة، فإن ناشطي التيار الوطني الحر شُغلوا بالاستفهام عن خلفيّة انتقادات النائب ميشال المر لتكتله النيابي، المتصاعدة منذ انتخابات المتن الفرعيّة. إضافة إلى محاولة فهم رد فعل العماد ميشال عون على هذه التصريحات، والنتيجة الأخيرة للمواقف المرّة.
في محاولة فهم الخلفيّة، يبدي أحد كبار العونيّين اعتقاده بأن ثمة أربعة أسباب تدفع المر إلى التصعيد:
أولها، انكشافه انتخابياً أمام قيادة التيار نتيجة الانتخابات الفرعيّة الأخيرة التي أكدت تقلص حجم المر الانتخابي، وانحسار كتلته الناخبة، وتحول علاقته برؤساء المجالس البلديّة والمخاتير المتنيين نحو «المونة» التي لم تمنع معظم أنصار المر السابقين من مخالفة توجهه والاقتراع للرئيس أمين الجميّل. مع الأخذ في الاعتبار أن كثيرين من أنصار المر سابقاً انتسبوا إلى الوطني الحر فتغيرّت مرجعيتهم.
ثانيها، تأكد أبو الياس من أن العلاقة الثنائيّة بين عون وحزب الطاشناق تزداد تناغماً يوماً بعد يوم، وأن الحزب يزداد ثقة بعماد الرابيّة. الأمر الذي يعني عملياً فقدان المر قدرة التفاوض باسم الكتلة الطاشناقيّة الناخبة، القادرة وحدها على قلب كل المعادلات الانتخابيّة في المتن.
ويأتي ثالثاً، ما تناهى إلى سمع المر عن رفض المعارضة القاطع لتوزير نجله الياس المر في أيّ حكومة مقبلة إلا ضمن حصّة الموالاة. من منطلق أن حياديّة وزير الدفاع سقطت ومآخذ المعارضة الكثيرة عليه تضعه في خانة صقور الأكثريّة النيابيّة الذين لا يمكن العماد ميشال سليمان أو أي رئيس آخر أن يطالب بتوزيرهم كجزء من حصّته المستقلّة.
أما السبب الرابع لتشنج المر، يقول المسؤول العوني، فنفسي بحت، ويتعلق بشعور سيّد المتن السابق وموزع الأدوار في الجمهورية الثانية بأن مكانته في تكتل التغيير والإصلاح ثانوية جداً، وأنه بعيد عن دائرة صناعة القرار العوني خلافاً لما كان يعتقد حين تحالف مع عون. الأمر الذي يربكه، ويشجعه على اتخاذ بعض المواقف التي يعتقد، بحسب المسؤول العوني، أنها ستزيد من اهتمام التكتل به.
في المقابل، يرى أحد المقربين من رئيس التغيير والإصلاح إن عون لن يقول للمر ما يرغب في سماعه، وسيبقي على سياسة عدم التعليق، تاركاً لسيّد بتغرين التصرف بما يراه مناسباً. وإذا أثير هذا الموضوع في اجتماعات التكتل، فإن عون سيكتفي بالتصرف كحكم.
وفي النتيجة النهائيّة لكلام المر، يرى المسؤول العوني أن أبو الياس أمام معضلة، فلديه مآخذه ربما على العماد عون لكن خروجه من التكتل يعني نهاية مسيرته السياسية، أو النيابية على الأقل. إذ إن قوى 14 آذار لن تجرؤ على دعمه في أيّ معركة نيابيّة، تفادياً لإحراج سياسي وشعبي وداخلي في ظل وجود شقيق المر، النائب السابق غبريال المر، وسط صفوفها.
من هنا يقول المسؤول نفسه إن المرَّ، ولو كرر انتقاداته عشرات المرّات، سيبقى في مسعى وحيد خلاصته أخذ كلمة من عون حول مقعد الياس مستقبلاً، وخصوصاً أن الرياح السياسية تجري خلافاً لما توقعه أبو الياس، ودفع الياس باتجاهه.
لكن رغم القراءة العونيّة الهادئة لمواقف المر، يبدي غالبية الجمهور العوني حماسة لخروج المر من التكتل، ويقول الناشطون كلاماً قاسياً في هذا الشأن، لعلَّ أقلّه اعتبار استقالته من «التغيير والإصلاح» فرصة لاستعادة التيار مناصرين لم يستطيبوا التحالف مع المر منذ البداية، ومقدمة لخطاب إصلاحي لا يمكن التشكيك في صدقيّته بعد انصراف المر.


عتب سوري
يقول مصدر معارض زار دمشق أخيراً إن ثمة عتباً سورياً كبيراً على مواقف ميشال المر السريّة والمعلنة في الشهرين الماضيين. وتحديداً منذ زيارته للرئيس فؤاد السنيورة في السرايا وإعلانه أن أهل المتن لا يتظاهرون في الشارع، وأنه لا يعارض حكومة تضم ابنه. وينقل المصدر نفسه عن السوريين عتبهم سابقاً على الياس وقولهم إن الابن لا يشبه والده، فيما هم اليوم غاضبون من الاثنين، ولا يستطيعون السماع لا بالياس ولا بأبو الياس. ويختم المصدر بالتأكيد أن بعض المعارضين الذين كانوا يطلبون من العماد عون العض على الجرح واستيعاب «صانع الرؤساء» اتصلوا في نهاية الأسبوع الماضي بعون ليغسلوا أيديهم.