نادر فوزاحتفل مناصرو 14 آذار 2005 بالذكرى الثالثة لاحتشادهم في ساحة الشهداء، ومع مهرجاني الاحتفاء بـ«الاستقلال ـ2» دخلت الأزمة اللبنانية، وتردّداتها، عامها الرابع. في ذكرى قيام ثورة الأرز، يستمرّ الصراع بين من احتكر لنفسه أحقيّة الاحتفاظ بهذه التسمية مطلقاً مؤتمر «ربيع 2008»، وبين التيّار الوطني الحرّ، أحد أبرز الأركان السابقين لـ«استقلال 05»، الذي استكمل تذكيره للتاريخ رافعاً شعار «14 آذار 1989». فبدا المشهد الآذاري محاولة لدى الطرفين لتنظيم الصفوف الداخلية قبل مواصلة الصراع السياسي المستمرّ، فيما طغت الشعارات الرنّانة والمواقف الطنّانة على الساحة الآذارية المشرذمة في ظلّ غياب أي موقف سياسي جدّي.
وفي انتظار الوثيقة التي ستنتج من المؤتمر الأكثري وتخلّي التيّار عن سياسة دروس النوستالجيا، يعلّق أحد مسؤولي التيار الوطني الحرّ، الممتعضين من الوضع العوني الحالي بقوله: «نحن نواجه مشكلة كبيرة في سرقة نضال شبابنا، والأهم أننا عاجزون عن إعادة بلورة أفكارنا السياسية»، في إشارة إلى خطوط سياسية حمراء رسمتها ورقة التفاهم بين التيّار وحزب الله.
ورأى المسؤول أنّ «ما طرحه مهرجان التيّار الأخير واستخدامه عنوان «الحقيقة من أجل التاريخ ليس إلا للحفاظ على الحدّ الأدنى من الإنجازات التي حققّناها خلال المرحلة السابقة». ويلفت إلى أن تحقيق أي مكسب سياسي في الوقت الراهن «مستحيل ما دامت القضية المركزية، أي الوجود السوري، التي عملنا عليها خلال 15 عاماً، قد تبنّتها قوى أخرى وأحسنت استغلالها وخرجنا من المولد بلا حمّص»، معتبراً أنه بدا واضحاً من خلال المهرجان الأخير للتيار أنّ المطلوب رصّ الصفوف الداخلية قبل أي نشاط سياسي جديد.
من جهة أخرى، «الوثيقة السياسية ستكون نتاج عمل اللجان التي تشكّلت ووُزّع عليها أعضاء 14 آذار»، يقول وزير الاتصالات والنائب مروان حمادة، رداً على تأجيل إعلان الوثيقة إلى صيف 2008. وأكّد حمادة أنّ هذه الوثيقة، كما كان مُقرّراً، لن تعلن قبل عقد مؤتمري الاغتراب اللبناني والشباب لـ«تتحوّل 14 آذار من النضالية الرومانسية إلى النضال الحقيقي». ونفى حماده تأخير الوثيقة لما أشيع عن عدم تقاطع وجهات نظر قوى الأكثرية، مؤكداً أنها بحاجة إلى الوقت لأنها «المرتكز الثقافي والأيديولوجي لموقفنا الذي منه تنبع القرارات السياسية كافة».
أما المسؤول في التيار الوطني الحرّ، سيمون أبي رميا، فأكد أنّ الاحتفال بذكرى 14 آذار «مناسبة سنوية منذ انطلاق حرب التحرير عام 1989»، معتبراً أنّ توقيته ذو دلالة واضحة على حقيقة التيار ونضاله في ظلّ اتّهامات «السياديين الجدد أو قوى قريطم» عن انجرار التيار إلى المحور السوري ـ الإيراني.
وعن غياب المواقف السياسية للتيار، يشير أبي رميا إلى عدم جدواها «في ظل انعدام تطوّر على مستوى التعامل السياسي وما دام الطرف الآخر عالقاً أمام السفارات والقنصليات»، مؤكداً أنّ معركة السيادة لم تنته بعد «بمعزل من عدم وجود عسكري في لبنان»، إضافةً إلى معركتي التحرّر من الإقطاع السياسي والمالي. «التنسيق مع قوى المعارضة مستمرّ»، يقول أبي رميا، مشيراً إلى وجود تنوّع وخصوصية لكل الأطراف، «كما أنّ هناك اختلافات في مواضيع أخرى».