تقف الطالبة فاطيما ـ شامينا عثمان خان في منتصف الطريق بين بلدها الأصليّ سيريلانكا ولبنان الذي عاشت فيه منذ كانت في الرابعة من عمرها
الكسليك ـ جوانّا عازار
قادت الظروف الطالبة فاطيما ـ شامينا (19 عاماً) إلى لبنان، بعدما ولدت وعاشت طفولتها في كولومبو في سيريلانكا.
«أنا لبنانيّة أكثر من كوني سيريلانكيّة، فقد عشتُ في لبنان وتربّيت فيه»، تقول فاطيما ـ شامينا، وهي تزور سيريلانكا حيث أقاربها، «لكنني أكون فيه كالغرباء والسياح، فأزور المعالم السياحيّة المثيرة للاهتمام، وأشارك في المهرجانات التي تقام فيه». تستهوي فاطيما ـ شامينا ثقافة بلدها الأصلي والطعام الخاصّ فيه، إلا أنّها تشعر بالغربة فيه، لكونها لا تشارك مواطنيها اللّباس التقليديّ وتبقى لهجتها مطعّمة باللهجة اللبنانية.
واجهت فاطيما ـ شامينا صعوبات للتأقلم في لبنان، بعدما كانت تجهل اللغة العربيّة، إلا أنّ إلمامها باللغة الإنكليزيّة التي درستها في سيريلانكا ساعدها على التواصل مع الآخرين. لكنّ الفتاة تذكر تعليقات جارحة كانت توجّه إليها من بعض الأشخاص خارج المدرسة منها: «مكانك ليس بيننا، لم أنت هنا؟ السيريلانكيّة للعمل في المنازل فقط»، فيما كانت تمتنع عن الإجابة، «ولا أزال أتّبع الأسلوب نفسه، لكنني قلت مرّة لإحدى الشابّات أسمعتني كلاماً مشابهاً: لا تتوهّمي أنّك تهينينني إذا قلت لي أنت سيريلانكيّة. نعم أنا سيريلانكيّة وأقولها على رأس السطح ولا أخجل من أصلي، أنا متلي متلكن».
تتابع فاطيما ـ شامينا التي تتكلّم السيريلانكيّة، العربيّة، الفرنسيّة والإنكليزيّة سنتها الأولى في اختصاص الترجمة في جامعة الروح القدس الكسليك، فهي تحبّ اللّغات وتسعى إلى تعلّم العدد الأكبر منها، فيما يبقى الحلم أن تصبح مضيفة للطيران كما رغبت دوماً.
في الجامعة، تأقلمت فاطيما ـ شامينا بسرعة رغم بعض الصعوبات في بداية السنة الدراسيّة، وتقول: «لاقيتُ ترحيباً خاصّاً من الإدارة والأساتذة، ما أعطاني دفعاً كبيراً، ورفع معنويّاتي». وهي إلى جانب دراستها الجامعيّة، تعطي بعد الظهر دروساً خاصّة لتلامذة المدارس. «حياتي عاديّة جدّاً، أجد الوقت في نهاية الأسبوع لأنجز دروسي الجامعيّة، أمارس الرياضة قليلاً، وأمضي معظم أوقاتي مع أصدقائي ومعظمهم يسكنون مثلي في بلدة عشقوت».
وتواكب فاطيما ـ شامينا الأخبار المحلية، وتعرف زواريب السياسة اللبنانية وتعترف قائلة: «حاولتُ أن أبقى حياديّة، إلاّ أننّي سرعان ما وجدت نفسي أميل إلى جهة سياسيّة معيّنة، حتّى إنّني أحبّ المشاركة في التظاهرات، وقد حاولت مراراً، ولكننّي أصطدم دوماً باعتراض أهلي على الأمر». تعرف النشيد الوطني اللبناني، وتستمع إلى الأغاني اللبنانية والإنكليزية، وهي لا تستمع إلى السيريلانكيّة منها، إذ تجد صعوبة في فهم بعض الكلمات، لكونها لا تجيد قراءة اللغة السيريلانكيّة
وكتابتها.
فاطيما ـ شامينا التي تتبع في حياتها شعار «اضحك تضحك لك الدنيا» تحلم «بتحقيق العدالة في المجتمع»، فهي تنفر من الظلم والتمييز العنصري والطائفي والدينيّ بعدما لمست كيف يحكم الناس على المظاهر والشكل ولون البشرة، فيصنّفون عشوائيّاً الأشخاص في خانات معيّنة. تقول: «لست مختلفة أنا مثل الجميع، لكنّ لون بشرتي مختلف».
تعيش فاطيما ـ شامينا التنوّع، فهي مسلمة وتنتمي إلى الشبيبة المريميّة منذ أن كانت في المدرسة، وهي قادرة من خلال عملها مع الشبيبة على أن تنشر قيم المساواة والعدالة، وخصوصاً أنّها مسؤولة عن عدد من الأطفال تشاركهم في نشاطات مختلفة ومخيّمات. وتشرح قائلة: «أستطيع من خلال هذا العمل أن أوصل رسالة محبّة وأن أحضّ مَن حولي على اتّباع طريق السلام والعدالة وبغض الظلم، وبالتالي أسهم على قدر إمكاناتي في تعبيد الطريق أمام العدالة».