رضوان مرتضىعندما رزق طوني ورولا ابنتهما بيرلا، لم يجدا بدّاً من إدخالها إلى حضانة أطفال بسبب انشغال كلٍّ منهما بعمله من الصباح حتى الظهيرة. واختارا حضانة la petite sirène في المنصورية، على مقربة من مكان عمل طوني الذي اعتاد أن يوصل بيرلا إلى الحضانة ويعود لاصطحابها ظهراً.
كانت حالة بيرلا الصحية ممتازة، لكنها، ككثير من الرضع، تعاني حالة إرجاع الحليب التي تتطلب ممن يعتني بها أن يجعلها تتجشّأ، ويراقبها بعد تناولها الطعام لساعتين متتاليتين، حرصاً على عدم اختناقها. هذا الأمر أخبره الزوجان لصاحبة الحضانة يولا أ.، فتعهدت أخذه بعين الاعتبار. استمرت الحال على ما هي عليه أكثر من شهر، ويوم 7/3/2007، حضر الوالد لتسلّم طفلته، لكنّ بيرلا كانت قد فارقت الحياة بعد منازعتها نتيجة دخول الحليب في مجرى الهواء فقضت اختناقاً وعمرها 5 أشهر.
بعد التحقيقات تبيّن أن يولا كانت قد حصلت على ترخيص من وزارة الصحة بعدما تقدّمت بمعلومات كاذبة في ملف طلب الرخصة. وزعمت أن الحضانة ستديرها مسؤولة حائزة إجازة في علم النفس، تنوب عنها سيدة حائزة شهادة اختصاص في التربية الحضانية، إضافةً إلى حاضنة حائزة الشهادة الأخيرة، ومساعدة لهذه الحاضنة، فضلاً عن ممرضة مجازة بدوام كامل. كما ذكرت أنها تعاقدت مع طبيبة الأطفال ف. ف. لمعاينة أطفال الدار دورياً وعند الاقتضاء. لكنّ مفاجأة التحقيق كانت أن في الدار مربية واحدة تعمل في قسم الأطفال (من عمر سنة ونصف سنة إلى سنتين) من دون أن تكون حائزة المؤهلات العلمية التي تتطلّبها ممارسة هذه المهمة. كما أن في الدار موظفة يقتصر دورها على تنظيف الأطفال، إضافةً إلى فتاة جامعية تترك العمل قرابة الواحدة ظهراً لتلتحق بجامعتها. أمّا طبيبة الأطفال التي ذُكِرَت في ملف نيل الرخصة، فتبين أنها لم تكن موجودة، وأدلى الموظفون خلال سماع إفاداتهم أن أياً منهم لم يُشاهد طبيباً يدخل إلى الحضانة.
أمّا شقيقة صاحبة الدار كلودين، والمفترض بحسب الترخيص أن تتولى مهمة مساعدة حاضنة، فكانت عملياً تتولى مهمة حاضنة أطفال من دون أن تكون لديها المؤهلات العلمية الخاصة بهذه المهمة. إضافةً الى الإشراف على غرفة الصغار (ما دون السنة والنصف السنة) والإشراف العام على قسم الأطفال. كما أنها كانت تعتني بولديها على الدوام داخل الحضانة، ويوم وفاة الطفلة قالت إنها أطعمتها وتركتها لتنام ومن ثم جاءت لتطمئن إليها فوجدتها متيبسة. اتصلت كلودين بشقيقتها وأخبرتها بالحادثة فاتصلت الأخيرة بعامل منشرة في محل المفروشات التابع لزوجها وطلبت منه أن يأخذ الطفلة إلى الطبيب، إلا أن هذا الأخير لم يكن موجوداً، فتوجّهوا بها إلى المستشفى، لكنّ الأوان كان قد فات.
وقد أصدر القاضي المنفرد الجزائي في المتن محمد وسام المرتضى حكمه أمس على كل من كلودين ويولا، مغرّماً الأولى مليون ليرة والثانية مليوني ليرة، وألزمهما دفع تعويض قدره 100 ألف دولار لوالدي الطفلة. كما أمر بإقفال الحضانة نهائياً. كما قرر المرتضى إبلاغ نسخة من الحكم «إلى النيابة العامة التمييزية ورئيس التفتيش المركزي لملاحقة التجاوزات الجارية بمعرض منح التراخيص لدور حضانة الأطفال والتقصير في متابعة أوضاع هذه الدور ورصد مجرى العمل فيها».