غسان سعّودعشيّة بدء قوى 14 آذار الإعداد لوثيقتها السياسيّة، تعِدُ هذه القوى بمراجعة شاملة تتوقف عند نقاط الضعف تمهيداً للقفز فوق الهفوات التنظيميّة والسياسيّة في المرحلة المقبلة (سنستعرض نقاط الضعف في تقرير الغد).
في المقابل، تتجنب المعارضة إجراء مثل هذه المراجعة الموسعة والموثّقة التي تمّهد لمزيد من النضج في معالجة قضايا المرحلة المقبلة، رغم الحفاظ على روحيّة وعد الجماهير بأهداف كبيرة. ويحاول مسؤولو المعارضة حين يُحشرون بالسؤال عن أخطاء المرحلة الماضية، تدوير الزوايا و«عدم المبالغة في جلد الذات».
يعدد أحد أجرأ هؤلاء المسؤولين خمسة أخطاء سياسيّة كبيرة في المرحلة السابقة التي تبدأ زمنياً، وبحسبه، منذ إعلان وقف العمليات العسكرية في حرب تموز.
أوّلها، إعطاء فريق 14 آذار صك براءة، بدل جلاء دوره خلال هذه الحرب، ورفض التعاطي معه. مشيراً إلى تصرف المعارضة، وحزب الله ضمناً، كمنهزمة أو كمذنبة في تناول هذا الموضوع. «وتهرّبها من الإمساك بالسلطة كما تفعل كل مقاومة تنتصر».
ثانيها، عدم تقدير حجم التزام الرئيس السنيورة المشروع الأميركي، وفهم دوره ضمن محور المعتدلين العرب. كاشفاً أن السنيورة كاد يقدم استقالته ثلاث مرّات في 1، 10، و23 كانون الأول، لكن الأميركيين في المرّات الثلاث تدخلوا معه لمنع هذا الأمر. وفي 23 كانون أصيب بانهيار كاد يوقف استمراره في الحكم لولا التراجع المفاجئ لقوى المعارضة والانسحاب من الشارع.
ويتعلق ثالث الأخطاء السياسية باشتراط المعارضة الحصول على ثلث عدد الوزراء للمشاركة في أية حكومة مقبلة، فيما كان يفترض أن تطالب بحجم وزاريّ يراعي حجم المعارضة النيابي.
رابعاً، الخطأ الفادح في عدم القبول باقتراح الرئيس إميل لحود تأليف حكومة، بدل تلك التي تقول المعارضة إنها غير شرعيّة، في تموز 2007، حين قدّم اقتراحه الذي أرفقه بحدود زمنيّة. مع العلم أن أحد أطراف المعارضة، حسب المصدر نفسه، كان يراهن على تسوية ممكنة في اللحظة الأخيرة من ولاية لحود.
أما خامس الأخطاء، فهو تبنّي المعارضة للشعار الفرح بقائد الجيش العماد ميشال سليمان مرشحاً توافقياً لرئاسة الجمهورية، متخلّية، عن مرشحها المعلن دون أي مقابل أو اتفاق. ولم تسأل عن البرنامج التوافقي الذي يترشح سليمان على أساسه، متناقضة بذلك مع مطوّلاتها الكلاميّة عن الإيمان بالبرامج لا بالأشخاص.
وإذ يمر المرجع المعارض بسرعة على المشكلتين الإدارية والتنظيمية في المعارضة، وخجل بعض أطرافها من الجلوس إلى طاولة تنسيقيّة مع أطراف آخرين، يتوقف عند عدم بلورة المعارضة لمشروع تغييري شامل، مشيراً إلى خوف حقيقي عندها من تسلّم الحكم، وهرب من هذه المسؤولية بحجة الشراكة، يرى زميل له في المعارضة وفي حكومة الرئيس عمر كرامي سابقاً أن أساس المشكلة هو في عدم ثقة زعماء المعارضة بقوّتهم، وتجاهلهم التنسيق بعضهم مع بعض ومع القوى الصغيرة في المعارضة، مشيراً إلى تفويت هذه المعارضة أكثر من فرصة، قد يصعب تكرارها، لقلب الأوضاع وأخذ الحكم.