سفينة حربيّة إسرائيليّة تبحر 5 كيلومترات في المياه الإقليميّة جنوباً قبل رصدهاوسط الانشغال السياسي بموضوع القمة العربية وطريقة مشاركة لبنان فيها طرأ تطور أمني لافت جنوباً تمثّل بدخول سفينة حربية إسرائيلية المياه الإقليمية اللبنانية مسافة خمسة كيلومترات قبل أن ترصدها «اليونيفيل»انعدمت حظوظ نجاح جلسة انتخاب رئيس الجمهورية المقررة يوم الثلاثاء المقبل، فيما تدرس الحكومة سلسلة خيارات لشكل مشاركتها في القمة إذا قررت حضورها.
وكان مجلس الوزراء قد عقد جلسة مطوّلة مساء أمس في السرايا ناقش خلالها الأوضاع وموضوع القمّة.
وأكد مصدر وزاري لوكالة «فرانس برس» أن الحكومة تتريّث في إعلان موقفها من المشاركة في انتظار مشاورات مع الدول العربية، رابطاً هذا التريّث بعنصرين، هما «المشاورات مع الدول العربية المساندة، ومرور الموعد المحدد لانتخاب الرئيس».
وذكّر المصدر بأن الموقف المبدئي للحكومة هو «الإصرار على أن يتمثل لبنان في القمة برئيس منتخب»، وقال: «إذا تم انتخاب الرئيس، فتمثيل لبنان سيأتي طبيعياً»، مضيفاً: «لكن كل المعطيات تدل على أن ذلك لن يتم، لأن سوريا تستمر في عرقلة تنفيذ المبادرة العربية لحل الأزمة عبر حلفائها في لبنان».
بين المقاطعة الكاملة والمشاركة الكاملة
في هذا الوقت، استمر التمايز في مواقف الأكثرية من المشاركة في القمة. وفي هذا الإطار، كرر رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط موقفه الداعي إلى مقاطعتها، متسائلاً عن «البدعة في أن نذهب إلى دمشق ونحن نتهمها بالتخريب والاغتيال».
وفي مجال آخر، أكد جنبلاط في حديث صحافي أن «العلاقات مع حزب الله وصلت إلى نقطة اللاعودة، لأن هذا الحزب يأتمر بأوامر إيران والنظام السوري». وأشار إلى أن لديه معلومات «تقول إن المعارضة تريد نقل المعركة إلى ما بعد الانتخابات النيابية في السنة المقبلة».
وبينما رأى عضو كتلة المستقبل النائب عمار حوري أن مشاركة لبنان في القمة «هي بمثابة إعطاء صك براءة للنظام السوري»، لفت وزير الشباب والرياضة الدكتور أحمد فتفت إلى أن هناك وجهات نظر بين المقاطعة الكاملة والمشاركة الكاملة في القمّة، ورأى أن «الغياب عن القمة قد يبدو غير حكيم، والمشاركة الرسمية على مستوى معيّن خطيرة، لأنها تكرس سابقة مهمة»، مشيراً إلى أن الحكومة تدرس احتمالات عديدة للمشاركة، لكنه أكد أن حضور الرئيس السنيورة غير وارد.
ورأت الأمانة العامة لـ«منبر الوحدة الوطنية ـ القوة الثالثة» بعد اجتماعها برئاسة الرئيس الدكتور سليم الحص أنه لا بد من المشاركة في القمة «على أن يتمثل لبنان بمن تقرره الحكومة، بصرف النظر عن رأينا فيها»، مذكّرة بأنها اقترحت أن يتمثّل لبنان بالعماد ميشال سليمان (...) هذا إذا لم يتم انتخاب رئيس للجمهورية في الموعد المحدد لاحقاً، أما العزوف عن المشاركة بذريعة أو أخرى فأمر مستهجن ومرفوض».
وكان الحص قد زار أمس الرئيس نبيه بري وعرض معه الأوضاع.

صبّ الزيت على النار

ومع استبعاد انتخاب الرئيس الثلاثاء المقبل، تزايد الحديث في أوساط الموالاة عن ترميم الحكومة وتفعيلها بعد القمة، الأمر الذي حذرت منه المعارضة.
وأكد الرئيس عمر كرامي بعد ترؤسه الاجتماع الدوري لـ«اللقاء الوطني اللبناني» في منزله، أن «تعيين وزراء مسيحيين هو نوع من التحدي وصب للزيت على النار». وحذّر من القيام بهذه الخطوة، مؤكداً أن وضع البلد لا يحتملها.
وكان اللقاء قد تطرق إلى وثيقة فريق السلطة، ورأى أن جوهرها «يقوم على تبرير لمحاولة نقل لبنان إلى مسار الإذعان، بعدما أطلق مجموعة إشارات في هذا الاتجاه كتوصيف الكيان الصهيوني قوة إقليمية، وطرح منطق الانقسام بين ثقافتين في لبنان، مجاهراً بثقافته المرتبطة بالرؤية الأميركية، وبمشروع إسقاط منطق المقاومة بالمطلق». ورأى أن مجرد الدعوة إلى لقاء دولي حول لبنان هو «لعرقلة المبادرة العربية».
بدوره، رأى رئيس التنظيم الشعبي الناصري النائب أسامة سعد، خلال استقباله مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان، أن «ما يحكى عن ترميم للحكومة غير الشرعية غير مفيد، ولا يمثّل الحل السياسي للأزمة اللبنانية، بل يؤدي ذلك إلى تفاقم الأزمة وتعقيد الحل في ما بعد».
واستغرب نائب رئيس المجلس السياسي لـ«حزب الله» محمود قماطي «الحديث عن ترميم الحكومة داخل أروقة عوكر بإشراف أميركي مباشر»، ورأى أنه إذا كان «لا بد من الحديث عنه، فليكن في أوساط لبنانية ـ لبنانية».
وفي إطار التنسيق بين قوى المعارضة، التقى رئيس «تيار المردة»، النائب السابق سليمان فرنجية، وفداً من الحزب السوري القومي الاجتماعي برئاسة رئيسه علي قانصو في بنشعي. وأكد فرنجية بعد اللقاء أن «المعارضة قوية ومتماسكة وتنظم صفوفها لمواجهة المرحلة المقبلة».
بدوره، أكد قانصو أن «الفريق الحاكم ما زال على استئثاره، ولذلك هو يعطّل المبادرات وكان فرنجية قد أبدى خلال استقباله وفداً من «اللقاء الوطني لمحامي المعارضة» تخوّفه «من استعادة ملف التوطين في هذا التوقيت وما يحضّر له بأساليب مختلفة».
وبرز أمس عقد لقاء لقوى «الرابع عشر من آذار» في زغرتا، ضم النائب جواد بولس وعضو الأمانة العامة ميشال معوض والمحامي يوسف الدويهي في منزل الأخير في زغرتا، أعلن فيه أن اللقاء هو «لقاء تأسيسي لشراكة زغرتاوية متكاملة وندية من أجل تكريس دور زغرتا كحصن منيع للسيادة والاستقلال». ووعد المشاركون بـ«خطوات حسية في الأسابيع القليلة المقبلة لتكريس هذا الحلف، وتكريس الإرادة المشتركة، والنظام الديموقراطي في لبنان». وعن غياب النائب سمير فرنجية عن اللقاء، قال معوض: «هذا اللقاء هو إرادة مشتركة مني ومن النائب جواد بولس ومن كل قوى «14 آذار».

الصقر متفائل بحل قبل القمّة

وسط هذه الأجواء، واصل وفد البرلمان العربي برئاسة رئيس البرلمان محمد جاسم الصقر زيارته لبيروت، والتقى البطريرك الماروني نصر الله صفير، الرئيس أمين الجميل، رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط والعماد سليمان.
وكشف الصقر عن مبادرة موازية للمبادرة العربية تجمع اللبنانيين حول طاولة الحوار، وتتأكد من ضمان سلامة لبنان، مشيراً إلى «أن كل الذي سمعه في لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين كلام مجاملة، ومن الصعوبة إجراء انتخابات رئاسية في 25 الجاري». وأكد أن هناك أطرافاً غير لبنانية مؤثرة في الصراع اللبناني، وحذر من أي سقطات أو هفوات أمنية.
وأعرب عن تفاؤله بإمكان أن يكون هناك حل قبل مؤتمر القمة، لافتاً إلى أن كل الأطراف اللبنانيين كانوا متجاوبين. ورأى أنه «إذا ضغط كل الأطراف العرب في اتجاه نصرة لبنان، ففي النهاية لا يصح إلا الصحيح».
من جهته، تخوف الرئيس الجميل «إذا تفاعلت هذه الأزمة أن تطاول بعدواها الأنظمة العربية الأخرى». وإذ رأى أن «قضية انتخاب رئيس للجمهورية موضوع أساسي»، أعرب عن أسفه «لأنه لا تزال هناك قوى مسيحية لم تستوعب خطورة الفراغ».
وفي باريس (بسّام الطيارة)، أكد وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير أن القمة العربية ستنعقد في نهاية الشهر الجاري، مستبعداً حصول انتخاب رئيس لبناني قبلها، لكنه أمل أن يكون «مخطئاً تماماً».
وقال كوشنير في مؤتمر صحافي أمس، رداً على سؤال، إنه لا يدري ما إذا كان متفائلاً أم لا بشأن انتخاب رئيس خلال الدورة العادية المقبلة للبرلمان اللبناني، وأبدى الاستعداد لاستئناف المبادرة الفرنسية.
وأوضحت مصادر مقرّبة من كوشنير أنه يفضّل أن تكون المبادرة أوروبية.
وفي ما يتعلق بالمؤتمر الدولي بشأن لبنان بعد القمة العربية، أكدت مصادر موثوقة لـ«الأخبار» أن ناظر القرار 1559 تيري رود لارسن، طرح هذه الفكرة خلال مباحثاته الأسبوع الماضي في باريس مع كبار موظفي وزارة الخارجية، «استناداً إلى القرارات الدولية ذات الصلة».
وفي القاهرة، أعلن الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى أن الوضع في لبنان «ما زال على حاله من دون تغيير»، مستبعداً في الوقت نفسه تردّي الأوضاع أكثر مما هي عليه، على الأقل في الوقت الحاضر.
وقال موسى، عقب لقائه وزير خارجية سلوفينيا ديمتري رويبل في القاهرة، إن جميع الدول العربية ستحضر القمة العربية غير أنه أشار الى أن التمثيل قد لا يكون بالرؤساء لكل الدول.

انتهاك إسرائيلي بحري

وفي خضم هذه الأجواء السياسية الملبّدة، دخلت سفينة حربية إسرائيلية المياه الإقليمية اللبنانية أول من أمس.
وقال ناطق باسم الجيش اللبناني لوكالة «فرانس برس» إن السفينة، وهي من نوع ساعر، خرقت الساعة 7.30 من صباح أول من أمس المياه الإقليمية اللبنانية (..) ورصدتها السفينة الإيطالية ليتيكا التابعة للقوات البحرية العاملة ضمن «اليونيفيل»، مؤكداً أنه لم يحصل أي حادث.
وأوضح أن السفينة اجتازت حوالى خمسة كيلومترات قبل الخروج من المياه الإقليمية اللبنانية.
من جهتها، أعلنت الناطقة الرسمية باسم قوات الطوارئ في الجنوب، ياسمينا بوزيان، أن «تقريراً وصل إلى قيادة «اليونيفيل» يفيد بأن سفينة آتية من إسرائيل دخلت منطقة العمليات البحرية من دون القيام بالإجراءات اللازمة، منتهكة المياه الإقليمية اللبنانية في جنوب الناقورة»، مؤكدة أن «اليونيفيل تحقق في هذه الحادثة، كما أن قادتها يجرون اتصالات بالقوات الإسرائيلية».
وفي مجال أمني آخر، تلقّى رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني، النائب السابق طلال أرسلان، سيلاً من الاتصالات المستنكرة لوضع عبوة ناسفة قرب منزله. وفي هذا الإطار، رأى «حزب الله» أن إلقاء العبوة «رسالة إرهابية واضحة الدلالة في مواجهة شخصية وطنية كبيرة، لمنع الناس من التعبير عن رأيها الوطني المؤيد للمعارضة»، مؤكداً أن «الأساليب الرخيصة لن تزيدنا إلا قوة وتوحّداً وتمسكاً بثوابتنا الوطنية».
وعلى صعيد آخر، برزت زيارة وفد من كبار ضباط قيادة الجيش، برئاسة نائب رئيس الأركان للتخطيط العميد الركن بانوس مانوجيان، لعائلات الشهداء المدنيين الذين سقطوا في حوادث مار مخايل، خلال شهر كانون الثاني الفائت. وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن الوفد وقف على أوضاع العائلات، ونقل إليهم تعازي ومواساة العماد سليمان وتضامنه معهم، واعتباره «أن من قضوا هم شهداء الوحدة الوطنية والسلم الأهلي، تماماً كعسكريي الجيش الذين استشهدوا دفاعاً عن وحدة لبنان وأمنه واستقراره».