غسان سعودينجح إعلام 14 آذار في تحويل الخسائر إلى انتصارات إثر كل هفوة تنظيميّة أو سياسيّة يتعثّر بها هذا الفريق، الذي يُحجِّم زلّاته حتى يكاد يبدو انكساره مستحيلاً. ولكن، رغم استراتيجيا التجاهل الإعلامي الكامل التي يعتمدها الأكثريّون في مقاربة انتصارات المعارضة الصغيرة هنا وهناك، ثمّة وسط أهل السلطة من يوصفون بالمتشدِّدين جداً في تقويم أداء 14 آذار، ويتقدم هؤلاء النائب وليد جنبلاط في المراجعة، محاسبة المقصّرين، وأخذ العبر.
وفي انتظار إعلان قوى 14 آذار وثيقتهم السياسيّة التي ستأخذ في الاعتبار ما فشلت هذه القوى في تحقيقه، يعدد أحد نواب اللقاء الديموقراطي عشرة أخطاء تراكم بعضها فوق بعض منذ كتب سمير قصير بعد أسبوعين من الاحتشاد الجماهيري الاستثنائي في 14 آذار مقاله «انتفاضة في الانتفاضة»، ليؤكد أن «الحالة الاستقلاليّة التي تعيشها البلاد أكبر بما لا يقاس من كل من أسهموا في صنعها، ومن سعوا إلى قيادتها، وإنها أكبر حتّى من محصّلة كل هؤلاء، مهما يكن دورهم الماضي أو الحاضر».
والمقال المذكور يرسم، بحسب النائب نفسه، معالم معظم هذه الأخطاء العشرة. وأوّلها، عدم إسقاط المنتفضين لرئيس الجمهورية. ثانيها، عدم الحسم في مقاربة سلاح المقاومة والقبول بحفاظ «حزب الله على فرعه العسكري والدولة ضمن الدولة التي يحرسها» كما كتب قصير. ثالثها، التحالف الرباعي الذي كان يمكن للأكثرية تجنّبه لو اجتمعت وبحثت في أفضل قانون انتخابي، إضافة إلى بعض المآخذ على توزيع الحصص النيابية بين قوى 14 آذار نفسها، وسدِّ الباب في وجه زملاء كانوا شركاء فاعلين في انتفاضة الاستقلال. والنقطة الرابعة والأخيرة ضمن هذه «البوتقة»، تتعلق بتأليف الحكومة والبيان الوزاري وبعض القرارات الحكوميّة التي وقّعها الأكثريون، موضحاً أن المآخذ على هذه النقطة شكليّة، إذ تبيّن لاحقاً أن إعطاء قوى 14 آذار المقاعد الوزارية التي طالب بها رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون للرئيس إميل لحود إنما تمَّ نتيجة ارتياح 14 آذار للأسماء التي اقترحها لحود.
لاحقاً، يقول النائب نفسه، فشلت الأكثرية في إضعاف عون مسيحياً وضرب صدقيّته، ولم تستطع محاصرة توسّع وئام وهاب في الشوف وعاليه، والوزير السابق عبد الرحيم مراد في البقاع. وأخطأت سادساً في استعادة حق الحكومة بأخذ قرار الحرب والسلم. ولم تستطع، سابعاً، الاستمرار في حكم البلد كأن شيئاً لم يحصل بعد استقالة وزراء حزب الله وحركة «أمل» ويعقوب الصرّاف. كما لم تنجح، ثامناً، في التأثير على شعبيّة المعارضة نتيجة إصرارها على «احتلال وسط بيروت والتسبب بأحداث عنف خطيرة يومي 23 و25 كانون الشهيرين». ويقول النائب الشوفيّ إن خطأ الأكثرية التاسع يسجّل في تضعضعها إزاء أخذ القرار المناسب لملء كرسي بعبدا الشاغر. تضعضع أكثري، يرى النائب أنه يتكرر في مقاربة موضوع مشاركة لبنان في القمّة العربيّة لأسباب يمكن تفهمها، مرجّحاً تكرار مثل هذه التعدديّة في الآراء عند بدء النقاش الجدّي في قانون الانتخابات وتحديد أحجام الكتل النيابيّة، قبل أن يختم كلامه بالتأكيد أن خطأ 14 آذار العاشر والأهم، هو ما أشار إليه قصير في «انتفاضة في الانتفاضة» حين تحدث عن فشل الانتفاضة في تعبيد الطريق أمام «دولة المواطنين وليس دولة الرعايا».