المعارضة تحذّر من أيّ محاولة لترميم الحكومة: دفع جنوني نحو الهاويةبين موالاة المعارضة لمشاركة لبنان في قمة دمشق ومعارضة الموالاة لها، تزداد نقاط الخلاف، ويذهب وفد ويأتي آخر وتتداخل المبادرات، لكن دون تحقيق أيّ تقدم إلا في الأزمة التي تحافظ على الذهاب نحو المزيد من التعقيد
أمس أتمّت قوات «اليونيفيل» عامها الثلاثين في لبنان، راقبت خلالها اجتياح عام 1982 الذي وصل الى بيروت، وعدواني تموز 1993 ونيسان 1996 وحرب تموز 2006، وهي تراقب يومياً الخروق الجوية الاسرائيلية المعززة أحياناً باعتداءات برية أدت الى استشهاد عدد من اللبنانيين... وكانت «تهنئة» الإسرائيليين لها عشية إكمالها عقدها الثالث خرقاً بحرياً أخذ طريقه الى سجلات الإحصاء في انتظار التقرير الجديد عن تنفيذ الـ1701. وترافقت الذكرى مع تصريح لوزير الخارجية الإيطالي في الحكومة المستقيلة ماسيمو داليما، أشاد فيه بعمل قوات بلاده التي تتولى قيادة اليونيفيل، قائلاً إن «المهمة الإيطالية في لبنان تكللت بنجاح عظيم من خلال الدور الذي اضطلعت به».
وقد اتصل رئيس الحكومة فؤاد السنيورة بقائد القوات الدولية الجنرال كلاوديو غراتسيانو للوقوف على تفاصيل الخرق البحري الإسرائيلي، مبدياً رفضه واستنكاره الشديد لما حصل. وأفاد مكتبه الإعلامي أن غراتسيانو أكد أن قيادة «اليونيفيل» أبلغت الجانب الإسرائيلي استنكارها لهذا التصرف، وطالبت بفتح تحقيق في الموضوع. وكان السنيورة قد شدد في مؤتمر اقتصادي على ضرورة التفاهم بين اللبنانيين والانفتاح «وإبداء شيء من الثقة والأمل في العمل، وترك لغة السلاح والتخوين والمحاولات من أجل تحقيق انتصارات وهمية، لا أحد ينتصر على أحد ولا أحد يهزم أحداً، هذا البلد لكل اللبنانيين وسيبقى لكل اللبنانيين». وقال: «كلنا في النهاية نستقل زورقاً واحداً، وليتأكد الجميع من أنه ليس هناك أحد في منأى عما قد يحدث لهذا الزورق».

قباني التقى موسى ووزير خارجية مصر

عربياً، أوحى الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، بعد لقائه أمس في القاهرة مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، بجمود الأمور الى القمة العربية، بتعويله «على أنشطة سنقوم فيها في المستقبل القريب سواء في إطار القمة أو بعدها حتى يعود لبنان إلى وضعه الطبيعي، وهناك الكثير من الأمل»، مشيراً الى تواصل الاتصالات مع رئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة فؤاد السنيورة والأكثرية والمعارضة، والى أن «هناك بعض التقدم الذي أحرز». وقال إنه سيزور لبنان «في فترة قريبة»، ولكنه لمّح الى أن ذلك لن يحصل قبل القمة التي شدد على ضرورة مشاركة لبنان فيها، معتبراً أن مناقشة أزمته فيها «فرصة هامة وأساسية». وأعلن عن اتصالات مباشرة بين السعودية وسوريا ومصر «والنقاش دائر»، قائلاً إن دور الرئيس المصري مهم و«تحركنا على الساحة اللبنانية سيسهل كثيراً العلاقات بين السعودية وسوريا». وإذ أكد وجود «أرض للوصول الى تفاهمات بين الأكثرية والمعارضة»، حذر من أن «تعويق انتخاب رئيس وتنفيذ المبادرة العربية، ليس في مصلحة لبنان، سنعمل على نجاح القمة وهذه مهمتنا».
كذلك زار قباني وزير خارجية مصر أحمد أبو الغيط، وأشار إلى أنه لمس لديه حرص مصر ورئيسها «على سلامة لبنان وشعبه ووحدته وتعزيز الوحدة الوطنية اللبنانية والمساعدة في الخروج من الأزمة». ورأى قباني أن «عدم انتخاب رئيس للجمهورية قبل القمة العربية هو دخول لبنان في دوامة الانتظار والتأجيل، الأمر الذي بدأ يطرح علامات استفهام على مصير ومستقبل لبنان واللبنانيين». وطالب القادة العرب بـ«مزيد من الدعم للبنان ليكون ممثلاً في القمة العربية برئيس للجمهورية بحسب الأصول لأن تمثيل لبنان بدون رئيس للجمهورية يؤثر سلباً على لبنان واللبنانيين بمزيد من الانقسام والتشرذم».
على صعيد المسعى العربي الآخر، لبّى وفد البرلمان العربي برئاسة محمد جاسم الصقر، صباح أمس، دعوة رئيس الحكومة الى مائدة فطور في السرايا، ثم غادر بعد الظهر دون الإدلاء بأي تصريح عن نتيجة لقاءاته ومساعيه التي كان الصقر قد عنونها وكرّرها بعد كل لقاء بـ: الحث على منع الانفجار وعقد لقاء مصالحة وطنية.

الموالاة... عريضة ومواقف من القمة

في هذا الوقت، ورغم تأجيل الحكومة إعلان موقفها الى 25 من الجاري، استمرت شروط وضغوط الأكثرية على القمة العربية في دمشق، وكان أبرزها أمس عريضة قدمها وفد من نواب 14 آذار الى رئيس الحكومة تطالب بإحالة ملف المفقودين في سوريا «أو المنسوب أنهم في سوريا» على الجامعة العربية ومن بعدها الى مجلس الأمن. وقال النائب مصطفى علوش بعد اللقاء إن «الرأي العام ضمن قوى 14 آذار وضمن تيار المستقبل هو عدم المشاركة» في القمة، لكن «القرار النهائي متروك للحكومة التي يبدو أن الاتجاه عندها هو أيضاً لعدم المشاركة».
وفيما أكد الوزير جان أوغاسبيان وجود رأيين داخل مجلس الوزراء وقوى الموالاة في شأن القمة، لفت الى مرحلة تشاور داخلية ومع «الدول العربية الصديقة المعنية بالشأن اللبناني التي لا تزال تعتبر أن لبنان هو مفتاح مستوى التمثيل لديها، ونحن لن نتخذ قراراً مسبقاً قبل الوصول الى قرار نهائي يكون مثالياً لحماية وتأمين مصلحة لبنان ومصالح جميع اللبنانيين»، آملاً انتخاب رئيس في 25 آذار «وإلا فسيُتخذ قرار نهائي بعدها في موضوع المشاركة».
لكن النائب محمد قباني، المعترض على «أسلوب دعوة لبنان الى القمة»، دعا الحكومة الى أن تقرر «بسرعة رفض المشاركة من أجل المصلحة الوطنية وكرامة لبنان في آن واحد»، ولم ير ضرورة لانتظار 25 آذار ولا للتشاور مع الدول العربية، معتبراً «أن شغور مقعد لبنان في القمة هو أبلغ تعبير عن الموقف السياسي وأكثر تأثيراً من أية كلمة يمكن أن نقولها هناك».
وغاب موضوع القمة والمشاركة، عن كلمة ألقاها رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع، أمام قواتيين ومناصرين للقوات و14 آذار التقاهم أمس في نيويورك، إذ دعاهم الى الصبر «في مرحلة تتطلب أعصاباً جامدة»، والى «العمل الدؤوب من أجل تعزيز الدعم الأميركي لحكومة لبنان وجيشه». وشبّه «ثورة الأرز» بالثورة الفرنسية وثورة الاستقلال في أميركا، مشيداً بالأمن يوم 14 شباط الماضي حين توجه «مئات الآلاف» الى ساحة الشهداء و«الآلاف» الى تشييع الشهيد عماد مغنية. وقال: «في نهاية المطاف سوف نجد حلاً لأزمتنا في لبنان وهذا الحل سيكون على طريقتنا».
وفي المقابل، رأت كتلة الوفاء للمقاومة إثر اجتماعها الدوري أمس أن القمة العربية «قد تكون فرصة مهمة للشروع في ترميم الخلل الذي أصاب العلاقات بين بعض الدول الشقيقة، وهو ما يخشاه الأميركيون والصهاينة، ولذلك يجهدون من أجل إفشالها وتضييعها ويستخدمون لذلك كل أدواتهم وأساليبهم ويثيرون المشكلات والتناقضات تحقيقاً لهذه الغاية». وأعلنت على صعيد آخر أن الديموقراطية التوافقية «لن تكون موضوع نقاش ولا مساومة ولا إعادة نظر». ورأت أن ما تضمّنته وثيقة البيال «هو بيان انقلابي كامل وصريح على اتفاق الطائف والإجماع الوطني، وإعلان التحاق رسمي بمشروع الوصاية والهيمنة الاميركية»، محذرة من أن أي انتخاب أحادي لرئيس الجمهورية أو ترميم الحكومة «هو دفع جنوني للبلاد نحو الهاوية وقطع نهائي للطرق أمام أي تسوية أو مبادرة».
ورأى النائب حسن حب الله «ضرورة مشاركة لبنان بأعلى ما يمثله اللبنانيون في القمة العربية في دمشق، وأن يحمل الوفد اللبناني وجهتي النظر اللبنانيتين لحل الأزمة الحاصلة». وحث النائب ميشال موسى على المشاركة «ولا سيما أن الملف اللبناني سيطرح في هذه القمة»، لافتاً الى أنها «قمة عربية وليست ملكاً لأحد».
وبين الاثنين، وإثر زيارة لنائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، دعا رئيس المكتب السياسي للجماعة الاسلامية، الى الاستفادة من مناسبة القمة للتفاهم على انتخاب رئيس «وصولاً إلى تفاهم على مختلف القضايا ومنها حكومة الوحدة الوطنية وقانون الانتخابات النيابية التي ينبغي أن تكون محل إجماع بين مختلف القوى السياسية اللبنانية».

موزايا: الحريري رفض المبادرة العربية بالثلاث

إلى ذلك، تواصلت أمس اللقاءات بين قيادات المعارضة فاستقبل الرئيس عمر كرامي رئيس تيار التوحيد وئام وهاب الذي توقع سقوط «فريق السلطة» مع «سقوط المشروع الأميركي» في الأشهر المقبلة، داعياً المعارضة الى «أن تبلور مشروعها للحكم في لبنان، وأن يكون لديها تصور واضح لكيفية تسلم الحكم، وكيف ستعالج كل الأزمات الموجودة»، وحذر من أن يكون تعيين بدلاء للوزراء المستقيلين «بداية الشرارة في كل الوضع».
وشبّه النائب شامل موزايا الإقدام على ترميم الحكومة «بمن يسعى الى ترقيع ملابس مهترئة بدلاً من استبدالها»، وقال إن البلاد تحتاج الى حلول جذرية «والحكومة باتت بحاجة الى تغيير حتمي لأنها غير شرعية وغير ميثاقية وتأخذ البلاد الى الخراب والفتنة والحرب الأهلية والتفتيت إذا ما استمرّت في موقعها». وحمّل الموالاة مسؤولية إفشال المبادرة العربية، كاشفاً أن «النائب سعد الحريري أعلن بالثلاث أمام عمرو موسى في جلسات الحوار رفض المبادرة قائلاً: «أنا رافض... رافض... رافض».
على صعيد آخر، كشف المجلس السياسي في الحزب الديموقراطي، بعد اجتماعه برئاسة طلال أرسلان، أن العبوة التي عثر عليها أمام دارة خلدة «أميركية الصنع»، معتبراً أنها «إحدى الرسائل المفضوحة والمكشوفة الأهداف والغايات»، واستغرب «عدم جدية تحقيقات» الأجهزة الأمنية والسلطات القضائية المختصة «لكشف ملابسات هذا العمل الإجرامي». ورأى أن وثيقة البيال تحمل «مشروع فتنة»، وأنها «أظهرت أن حركة 14 شباط هي في موقع التعبير عن المحور الاميركي في المنطقة لأنها لم تؤكد أولوية الصراع مع إسرائيل أو التناقض مع المخطط الاميركي للهيمنة».