تخوض خمس عشرة سيّدة من أصلٍ روسي وأوكراني في طرابلس تجربة مغايرة لعملهنّ ربّات منزل، يستعدن من خلالها أحلامهنّ عن البلاد التي تركنها، وينمّين، في الوقت نفسه، مواهبهنّ في مختلف النواحي الفنّية، من الرسم الزيتي والمائي وأشغال الأرتيزانا إلى التطريز والحياكة.في المعرض، الذي أقامته مديرة المركز الثقافي الروسي في زغرتا، إيلينا الصمد وإلاّ موجيفا روّاس في مركز رشيد كرامي الثقافي البلدي، عرضت السيّدات مجموعة من الرسوم والأشغال اليدويّة التي اعتدن القيام بها أثناء فترات الراحة في المنزل. وتوضح الصمد، في هذا الإطار، أنّ «الغاية من المعرض هو تشجيع ربّات البيوت على الفنون التشكيلية والتعبير عمّا يجول في خواطرهن». أمّا موجيفا فتلفت إلى «أنّ المعرض لا يستهدف البيع والربح، لذلك لم نطلب رعايته، ولم نقمه في صالات غالية الأجر، إذ نفضّل العرض في صالات مجانيّة، مثل المركز الثقافي الروسيّ، وجمعيّة كبّارة التي تديرها سيّدة روسيّة أيضاً».
موجيفا الروسيّة، التي أصبحت زينب في لبنان عقب زواجها من طبيب العيون اللبناني عزّام روّاس، تتقن هي أيضاً الفن، إذ عرضت إلى جانب زميلاتها «بعضاً من أشغال الكانفا وشكّ الخرز والحياكة». ولا تكتفي موجيفا بعرض أشغالها، فهي تقدّم، من جهةٍ ثانية عروض «ماريونيت» لأطفال الشمال منذ وقتٍ طويل، وهي تخطّط حالياً مع مجموعة من السيّدات الروسيّات لتأسيس جمعيّة تعنى بهذه الفنون، تستفيد من الخبرات الروسيّة لنقلها إلى السيّدات اللبنانيات.
ومن المشاركات الروسيّات أيضاً في المعرض أوكسانا كبّارة التي تدير «جمعية كبّارة للفنون»، وهي ترسم اللوحات الزيتيّة والمائيّة. وتشير كبّارة إلى أنّها أسّست الجمعيّة هي وزوجها خالد كبّارة «بغية تشجيع الفنون التي نحبّها، ونجد فيها ذوقاً رفيعاً». وتضيف كبّارة أنّها تتعاون «مع بقية السيّدات الروسيّات والأوكرانيات لترويج هذه الفنون، وهناك نيّة لدينا لتعميمها قدر الإمكان على كل الأعمار».
وكان للبنانيين بعض الأجنحة في المعرض، إذ تشارك اللبنانيّة رجاء صافي ببضع أعمالٍ حرفيّة، وتقول وهي تحمل صنّارتها والخيطان، إنّها تتقن الكروشيه الذي تعلّمته من والدتها، وتقول: «إنني طوّرت اهتمامي الفنّي في السنتين الماضيتين، فتعلّمت من الكتب شكّ الخرز، وتوضيب الزهور وصناعة الزهور الاصطناعيّة».
بدوره، يعرض الشاب اللبناني أمين مراد رسوماً بالفحم، تتركّز في أغلبها على البورتريه ورسوم التراث والزخرفة والديكور. ويقول إنّه غالباً ما يقوم بفنونه «بناءً على الطلب، وخصوصاً ما يتعلّق منه ببورتريه الفحم».
وبالعودة إلى اللوحات، فهي تجمع بين المناخات الروسيّة والمناخات العربيّة، مع غلبة واضحة للثانية، ما يشير إلى اندماج الروسيّات في مجتمعات أزواجهنّ بعمق. وتتضمّن موضوعاتها الانطباعيات الروسيّة كالأعاصير ورقصة الباليه والحصاد، فيما تركّز في المقلب الثاني على المدن العربيّة، فتعكس فيها أحياءً إسلاميّة ومساجد وأشجار النخيل والجياد والجمال والباعة في الأسواق العربية التقليدية. ولا يغيب عنها التفاعل مع حضارات أخرى، كالصينية مثلاً، المعبّر عنها ببعض رسوم الفن الصينيّ.
(الأخبار)