غسان سعودبدأت تتضح استراتيجيا المعارضة في إدارة الصراع السياسي القائم منذ قرابة عامين. وللمرة الأولى ربما، تبدو المعارضة أقرب إلى تحقيق تطلعاتها من الموالاة بكثير.
ففيما تنشغل الموالاة بعناوين كبيرة يصعب تحقيقها، مثل ترميم الحكومة الحاليّة وانتخاب رئيس بالنصف زائداً واحداً، ترى المعارضة أنها نجحت في عبور الوقت، وبات العنوان الجدِّي الوحيد في المرحلة المقبلة هو الاتفاق على قانون الانتخابات، تمهيداً لتحقيق مطلب المعارضة الأول والأساسي، المتمثل بإجراء انتخابات نيابية تفرز واقعاً سياسياً جديداً نتيجة وجود غالبية الثلثين في إحدى الكفّتين.
ويرى نائب معارض أن الأمور اتجهت في نهاية الأمر كما تريد المعارضة، وأية مبادرة ستقدّم من الآن وصاعداً لن تناقش في انتخاب الرئيس أو في حصة هذا الطرف أو ذاك في الحكومة المفترض تأليفها، وستقوم أساساً على التوافق على قانون الانتخابات. ونقطة الانطلاق لأي حل في المرحلة المقبلة ستكون الانتخابات النيابية، التي تجزم المعارضة بأنها ستفوز بالغالبية الساحقة من مقاعدها.
من هنا، يقول النائب الزحلاوي، بات يمكن تلمّس واقعية الكلام المعارض في العامين الماضيين عن ضرورة «الاكتفاء بالصمود» رغم وطأة الحملة السياسيّة والإعلاميّة والعسكريّة التي تعرضت المعارضة لها، في انتظار شيء ما. شيء ما، يقول النائب الشاب إنه لم يكن أكثر من إمرار الوقت، إذ استخدمت الموالاة كلَّ أسلحتها، وفشلت في تنفيذ أهدافها، في ظل اعتراف الموالين والمعارضين بأن الوقت يعمل لمصلحة المعارضة المطمئنة إلى ركائزها الشعبيّة الثابتة فيما غيرها يعيش شعبياً بقوة المال والدعم الخارجي المتغيّرين.
هذا الكلام يمثّل مدخلاً لأحد أقطاب المعارضة في شرحه (أثناء جلسة خاصة) أن المعارضة تعثرت خلال العامين الماضيين مرتين. الأولى في 10 كانون الأول 2006 حين رفض الزعماء السنّة اقتحام السرايا، والثانية في 23 كانون الأول 2007 حين لم يستطع التيار الوطني الحر الصمود أكثر من ست ساعات في الشارع. لكن سرعان ما بدأت المعارضة معالجة الخلل في هاتين النقطتين وغيرهما لتمتين تماسكها في التحديات المقبلة. فعزز التيار قدرة إمساكه بالشارع في المناطق ذات الغالبية المسيحيّة، ووضع تصوراً جدّياً لانخراط المعارضين من أبناء الطائفتين السنّية والدرزيّة أكثر في مشروع المعارضة.
ويوضح المصدر أن جهد المعارضة سينصبّ في المرحلة المقبلة على الحضور المعارض في بيروت والشمال، حيث ستضع المعارضة كل إمكاناتها في تصرف ممثّليها في هذه المناطق لفرض واقع جديد، يقول القطب المعارض إن تحقيقه بات ممكناً «بعدما نضجت الظروف»، كما بيّن أكثر من نشاط شعبي كبير أقيم في الأسابيع الأخيرة في هذه المناطق، في ظل معطيات تشير إلى نيّة جدّية في إنشاء غرفة عمليّات سياسية وشعبية تنسّق بين قوى المعارضة، وتصل ما انقطع بينها في مناسبات سابقة.