نادر فوزساعات قليلة أمام الحكومة اللبنانية لتعلن على الملأ قرار المشاركة في قمّة دمشق أو مقاطعتها، الذي من المفترض أن تتّخذه مساء اليوم خلال الجلسة الوزارية. وفيما تستمرّ موجة الحرارة وسلبية الموقف من القمة العربية، تشهد مجالس الأكثرية تقلّبات جزئية في مناخها العام متمثّلة بموجة من الرياح الرملية المسيطرة على الداخل الموالي، ما يؤدي إلى سوء الرؤية عامةً، وفي القضايا المتعلّقة بالرئاسة والحكومة والقمة خاصةً.
وفيما تتابع أجهزة الأكثرية المختصة عملها في فتح الطرقات العامة وتحسين وضع القنوات السالكة في إزالة الغشاوة المتراكمة بفعل تضارب المواقف، يرى مصدر موالٍ أنّ خطة عمل فريق 14 آذار لمرحلة ما بعد القمة بدأت تتبلور وفق عناوين رئيسية أبرزها «العودة إلى نغمة انتخاب رئيس للجمهورية بالنصف زائداً واحداً، وتفعيل عمل الحكومة عبر التوسيع أو الترميم، إضافةً إلى اعتماد بعض السياسات الإعلامية المرتفعة الوتيرة إلى إعادة تصويب الرأي العام الذي بدأ يملّ من الوضع الحالي». ويشير المصدر إلى أنّ الأكثرية تتخوّف فعلياً من عودة موجة الاغتيالات السياسية «التي عادةً ما ترافق المفاصل السياسية منذ عام 2005».
ويؤكد المصدر أنّ الحديث عن تفعيل دور الحكومة هو الهدف الأساسي لدى 14 آذار لا انتخاب رئيس بالأكثرية النيابية، فـ«مرحلة إمكان الانتخاب بالنصف زائداً واحداً انتهت دون أن تستفيد منها الأكثرية، لكن بإمكانها اليوم اللعب على قضية الحكومة وتوسيعها»، في إشارة إلى أنّ العنوان الأول سيكون وسيلة تهويل بهدف تسهيل الوصول إلى تحقيق الهدف ـــ العنوان الثاني. ويضيف المصدر أنّ الخطة السياسية لقوى الأكثرية تخطّت، مبدئياً، قضية القمة العربية «التي من المتوقع أن تكون صورية دون أي قرارات فعلية أو تطرّق لجوهر الأزمات العربية الداخلية».
وعن القمة العربية، يؤكد المصدر أنّ التباين واسع بين مواقف قوى السلطة من المشاركة والمقاطعة والاكتفاء بتسجيل موقف عبر إلقاء كلمة في الافتتاح. ويشير إلى أنّ من يقاوم موقف غالبية الأكثرية، المطالبة بعدم حضور القمة، «يتشبّث برأيه لأهداف شخصية، وأخرى متعلّقة برؤيته لمعالجة الأزمة، التي تقول بفتح حوار مع النظام السوري»، مضيفاً «يبدو أن 14 آذار أدركت أنّ معالجة الأزمة يجب أن تكون أكثر جذرية».
من جهة أخرى، يشير عضو الأمانة العامة لقوى 14 آذار، النائب السابق فارس سعيد، إلى أنه لولا معرفة المعارضة جدّية السلطة في خوض مسار انتخاب الرئيس بالنصف زائداً واحداً وتوسيع الحكومة «لما كانوا دفعوا بالرئيس نبيه بري إلى تهدئة الأوضاع عبر طلبه استئناف طاولة الحوار الوطني في الأشهر المقبلة»، مؤكداً أنّ مواقف بري بدت مليئة بالتناقضات عبر ما يدعو إليه وما يقوم به عملياً من إقفال الحيّز الدستوري.
ويشدّد سعيد، في حديثه عن موقف الحكومة من القمة، على أنه مهما كانت الصيغة التي قد يخرج بها الوزراء الأكثريون «يبقى الأهم إبراز موقف لبناني قبل القمة يتّهم سوريا بأنها تقوم باجتياح لبنان سياسياً»، موضحاً أنّ المشاركة أو عدمها أمر ثانوي.
وعن توسيع الحكومة أو مضيّها في خيار النصف زائداً واحداً، يؤكد المسؤول الأكثري أنّ هذه القضايا ليست أهدافاً «بل محطات لاستكمال المواجهة المفتوحة مع حزب الله التي نصّت عليها وثيقة 14 آذار السياسية»، مشدداً على أنّ هذه المواجهة مستمرة وطويلة الأمد «ولا تخص فقط قوى 14 آذار بل تشمل دولاً عربية».
ويرى عضو كتلة المستقبل النائب هادي حبيش أنّ المضي بالنصف زائداً واحداً تراجع عن ترشيح العماد ميشال سليمان، «وهو أمر قد يوصلنا إلى حائط، إلا إذا ناقشنا الأمر مع المرشح التوافقي ودرسناه من كل النواحي القانونية والدستورية». وعن القمة العربية، يؤكد حبيش أن لا موقف بعد بشأن الحضور أو المقاطعة، وأنّ الوجهة الغالبة هي عدم الحضور، و«الحكومة يمكنها أن تمنح أي وفد أو شخصية الصفة الرسمية اللازمة لتمثيل لبنان في القمة».
وعن الجدول السياسي لقوى 14 آذار، يؤكد النائب الأكثري أنّ موضوع الحكومة واستمرارها وإعادة تفعيلها سيبقى قائماً ما دامت المعارضة ماضية في تعطيل الرئاسة، إن كان من حيث تعيين وزراء بدل المستقيلين أو عبر توسيعها، «والأمر جدّي وليس من باب التهويل السياسي كما يعتقد البعض». أما الاغتيالات السياسية، فـ«لم تنتهِ في الأصل»، يقول حبيش، وخطرها لا يزال قائماً، إذ إنه «في كل مرحلة دقيقة تنفّذ عملية اغتيال للتهويل وصرف الأنظار عن القضايا السياسية الأساسية».