راجانا حميّةغابت صاحبة الاسم أمس عن احتفالها، أو هي، بكلمةٍ أصدق، رحلت مسدلة الستار على ثلاثة عشر عاماً قضتها طريحة الفراش في بيتها، تبحث عمّن يساعدها على التخلّص من المرض الذي ألمّ بها منذ عامها الأوّل. غابت فرح المرعي، ولن تعود أبداً، لكنّها رغم ذلك، تركت شيئاً منها، من خصوصيّاتها. تركت اسماً لم تهنأ به، لعلّها بتركتها هذه تنقذ أطفالاً آخرين يعيشون حالتها التي لازمتها سنين في العوز والفقر والألم. هذا الاسم، الذي كان أمس الحدث الأبرز، على عكس صاحبته فرح التي عاشت أعوامها الثلاثة عشر وراء كواليس الفقر والمعاناة، قد يعيدها إلى الحياة في أشخاصٍ آخرين يسترجعون به ابتسامتها الغائرة وبكاءها وآلامها وحلمها بالعودة إلى حضن أمّها، بعيداً عن غرف العناية الفائقة. هكذا أراده المنظّمان، مستشفى بهمن وجمعيّة المبرّات الخيريّة، بإشراف وزير الصحّة الدكتور محمّد جواد خليفة، حلماً يذكّر دائماً بالطفلة الفقيرة الغائبة، وعوناً لمساعدة ومعالجة الأطفال المرضى المحتاجين. وفي هذا الإطار، أطلق المنظّمان في قصر الأونيسكو صندوق فرح الخيري تحت شعار «الخير من أجل الصحّة». ويهدف البرنامج، كما يلفت المدير العام لمستشفى بهمن علي كريّم، إلى تقديم الرعاية الصحّية للأطفال المعوزين الذين يحتاجون إلى علاجٍ مع باقة ورد وبطاقة فرح من دون أن يشعروا بالمهانة ومن دون أن يضطرّ أهاليهم إلى استجداء العطف من أيّة جهةٍ، وذلك بالاعتماد على موارد الصندوق التي يقدّمها المتبرّعون. ولكن صندوق فرح لن يكون فقط بأموال المتبرّعين، إذ يشارك المستشفى في جزءٍ منه، وإن لم يكن جزءاً مادّياً، فقد يتطوّع بعض الأطبّاء بإجراء عمليّاتٍ أو متابعة علاج أحد الأطفال من دون مقابل. وفي هذا الإطار، يشير كريّم إلى أنّ مساعدات الأطبّاء تتعلّق بأوقاتهم واستعداداتهم لتقديم الخدمة، وحالة المريض، إذ إنّ هناك نوعين من الحالات، حالة «إنقاذ نفس»، وهي الحالة التي تفرض ذاتها دائماً، وخصوصاً أنه لا خيار أمام الطبيب، فإمّا استقبال المريض ومعالجته وإما تركه يموت. أمّا الحالة الأخرى فهي التي تسمّى «الحالة الباردة»، وهي الحالة التي يمكن معها إجراء «دراسة حالة» لأوضاع الأهل وتقرير حجم المساعدة التي يحتاجونها. ويذكر كريّم أن هذه الخطوة لم تنطلق مع حفل الأمس، إذ سبق للمستشفى أن استقبل 12 حالة بين «إنقاذ النفس» و«الحالة الباردة»، إضافة إلى 6 حالاتٍ جديدة يجري درسها. أمّا راعي الحفل، الوزير خليفة، فقد رأى أن هذا المشروع يأتي من ضمن سلسلة من البرامج التي لا تتعلّق بالناحية الاستشفائية، بقدر تعلّقها بالناحية الأخلاقيّة والطابع الإنساني. إلّا أنّه، في الوقت نفسه، لم يجد بدّاً من انتقاد النظام الاستشفائي اللبناني الذي يحسب المرض وفق نظام «الربح والخسارة، فلا الحالة الطارئة ولا الموت يسعفان المريض في الدخول إلى المستشفيات، وخصوصاً إن كان لا يملك القدرة على الدفع أو ورقة من الضمان».