فداء عيتانيأثبتت التجربة اللبنانية أن الفراغ على مستوى المؤسسات أضمن عاقبة من عمل المؤسسات الرسمية بشكل طبيعي. فعلى المستوى الاقتصادي، إنّها المرة الأولى، منذ عقد ونيّف، التي يُقتَرَب فيها من تعديل الرواتب. ولولا الفراغ الرئاسي والنزاع الدائر حول الحكومة الحالية، واضطرار الأكثرية إلى رشوة الجمهور اللبناني برمته، لما وصلنا إلى اليوم الذي توافقت فيه الميمنة والميسرة على النقاش في موضوع الأجور.
أضف إلى ذلك أن المؤسسات الأمنية تبدو بحالة من الفعالية أعلى بما لا يقاس من أزمنة مضت، كانت فيها رؤوس كبيرة تحكم السيطرة على كل أركان النظام. حتى التحقيقات في عمليات الاغتيال والتفجيرات بات بعضها يصل إلى نتائج، وإن لم تعلن على الملأ.
سياسياً، لم يتغيّر الكثير. ما كنّا نسمعه قبل تعطُّل المؤسّسات، ما زلنا نسمعه. والمخاطر الطائفية ما زالت هي نفسها. إلا أن الأطراف باتت تحسن ضبط النفس، وضبط الجمهور.
ليس الفراغ سيّئاً بالمطلق، وخاصة إذا كنّا نعيش في نظام طائفي، يهوى الاستدانة من مصارف الحاكم نفسه بفوائد مرتفعة، وخاصة إذا كان هذا الفراغ يتيح لنا العيش بضعة أيام من الهدوء في بلاد لم يعرف تاريخها إلا الحروب والمصائب.