ثائر غندورانتهى اللقاء اليساري التشاوري يوم الأحد في 16 آذار بالاتّفاق على تشكيل لجنة متابعة تطوّعيّة تعمل على صياغة النقاشات التي دارت في مجموعات النقاش الأربع: أزمة النظام السياسي في لبنان، المشروع الأميركي وانعكاساته على العالم العربي، الأزمة الاقتصاديّة ـ الاجتماعيّة وأزمة اليسار ومفهومه.
في ذلك اليوم، اتّفق الحاضرون على أن تكون عضويّة لجنة المتابعة مفتوحةً لمن يرغب، أي أن تكون طوعيّةً. كما تمّ وضع حدّ أقصى، وهو أسبوعان، ليتمّ تشكيل لجنة المتابعة.
بعد عشرة أيام على انتهاء أعمال اللقاء التشاوري، أصبح أعضاء اللجنة شبه معروفين. سيكون هناك ثلاثة ممثّلين عن الحزب الشيوعي، بينهم الأمين العام الدكتور خالد حدادة. وفيما لم يتم اختيار الاسمين الآخرين، من المرجّح أن يكونا عضوي المكتب السياسي: ماري الدبس وحنّا غريب، لكنّ الأمر لا يزال قيد النقاش. وستضمّ اللجنة كلّاً من: الدكتور كمال حمدان، الصحافي حسن مقلّد، الدكتور غالب بومصلح والدكتور سليمان تقي الدين.
كما سيتمثّل نادي اللقاء بثلاثة أعضاء، طرح الحزب الشيوعي أن يكونوا: زهير رحّال، الدكتور غسّان عيسى وممثّل ثالث من جيل الشباب. كذلك يُفترض أن يتم تمثيل اتحاد الشباب الديموقراطي بعدد من الشبّان، يُفترض أن يكون ضمنهم أمين السرّ العام في الاتحاد عربي العنداري. كما طرح التجمّع اليساري من أجل التغيير باسم شيت وغسّان مكارم ممثّلين له.
أمّا على مستوى سير العمل داخل اللجنة، فسيدعو حدادة الأعضاء إلى اجتماع في أول الأسبوع المقبل، لتبدأ صياغة ما قرّرته اللجان الأربع، والتحضير لتظاهرة الأول من أيّار، بمناسبة عيد العمّال، باسم اللقاء اليساري والحزب الشيوعي.
كما يُفترض أن تعمل اللجنة على توزيع الورقة التي ستعدّها على جميع الذين تمّت دعوتهم إلى اللقاء اليساري التشاوري، سواء حضروا أو لم يحضروا، كذلك لعدد ممن لم تتم دعوتهم. كما يطرح البعض على اللجنة عقد عدد من اللقاءات القطاعيّة مع مجموعات نقابيّة وشبابيّة ومهن حرّة في مختلف المناطق، لشرح مضمون الورقة وبحث سبل تطويرها. ومن المفترض أن تنجز اللجنة مختلف أعمالها وأوراقها قبل الأسبوع الأخير من شهر أيّار، إذ يُفترض، وبحسب مصادر الحزب الشيوعي، أن تدعو هذه اللجنة في 25 أيّار، وهو موعد غير ثابت، إلى «المؤتمر التأسيسي اليساري الأول».
ومن الواضح أن تركيبة اللجنة تعكس همّاً أساسياً لهذا اليسار وهو الهمّ الاقتصادي ـ الاجتماعي. فإذا استثنينا من عضوية اللجنة ممثلي الحزب الشيوعي والأندية والمجموعات الشبابيّة، نجد أن بقيّة الأعضاء هم بمعظمهم باحثون وخبراء اقتصاديون.
ويتحدّث الدكتور بومصلح عن أهميّة هذه اللجنة في حال إبداء الأعضاء جديّة في عملهم. ويعتقد أن بلورة يسار ذي برنامج محدّد هو أمر في غاية الأهميّة، ويجب أن يُركّز على البعد التحرّري والاقتصادي ـ الاجتماعي للمقاومة.
ويضيف بومصلح أنه ليكون اليسار مؤثّراً وذا شعبيّة، يجب أن يكون مقاوماً لكلّ أشكال الامبرياليّة، بكلّ الآليّات الممكنة. وعلى هذا اليسار أن يتحالف، برأيه، مع كل قوى المقاومة في المنطقة، كما لا يجوز أن يبقى موضوع المقاومة محصوراً في أيدي القوى الدينيّة، بل على اليسار أن يشارك فيها بهدف تحويلها إلى قوّة تحرّر وطني لبنانيّة وعربيّة.
ويرى بومصلح أن على هذا اليسار إعادة تعريف العصر وتناقضاته، ويشدّد على أن التناقض الأساسي هو بين الامبرياليّة وقوى التحرّر. ولذلك يجب أن يكون اليسار في لبنان في صراع مع السياسات الحريريّة، أي النيوليبراليّة، بعدما اتفقت الطبقة السياسيّة على أن تعبّر عن مشروعها رؤية الرئيس رفيق الحريري.
وكان المحور الاقتصادي ـ الاجتماعي قد أخذ حيّزاً كبيراً من النقاش في اللقاء اليساري التشاوري، ما يدلّ على محوريّة هذه القضيّة بالنسبة إلى اليساريين. لكن من تابع أعمال هذا المحور، يمكن أن يستنتج أن هناك فوارق كبيرة في الرؤية المستقبليّة لشكل النظام الاقتصادي في لبنان، وموقف اليسار من مختلف القضايا الملحّة، وخصوصاً الخصخصة، بين الشخصيّات الاقتصاديّة المختلفة.
ومن النقاط التي تبقى عالقة، هي جذرية موقف اليسار من الحركات الدينيّة، وشكل التحالف مع المجموعات المقاومة منها، والموقف من الحلف السوري ـ الإيراني.