غسان سعودورقة سياسيّة جديدة وتنظيم متكامل يفترض أن يبصر النور قريباً. ورقة وتنظيم معارضان هذه المرّة، بعد أن كشف الموالون أوراقهم قبل أقلّ من أسبوعين، في الذكرى الثالثة لـ14 آذار. وتأتي هذه الرؤية السياسيّة رابعةً بعد تفاهم التيّار الوطني الحر وحزب الله، والتيّار والتنظيم الشعبي الناصري، ووثيقة الطروحات المسيحيّة (إضافة إلى التفاهم بين التيّار والحزب الشيوعي). ويفترض أن تكون هذه المرّة أكثر شمولاً، إن في ما يتعلّق بتفصيل النقاط المتّفق عليها وتوضيحها للرأي العام، أو على صعيد عدد الموقّعين عليها، إذ ستفسح في المجال أمام أكبر عدد ممكن من مسؤولي المعارضة، لتكون بذلك أشبه بمشروع حكم متكامل يقدّم أجوبة عن الأسئلة المتعلّقة بأيّ لبنان تريد المعارضة.
والورقة الجديدة كانت قد بدأت باقتراح من الرئيس عمر كرامي عرضه على اللقاء الوطني لتوقيع تفاهم بين اللقاء ورئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون. وعلى أساس الاقتراح، أنشئت لجنة رباعيّة تضم الوزراء السابقين زاهر الخطيب، عبد الرحيم مراد، ناجي البستاني ويعقوب الصرّاف لمتابعة كلّ التفاصيل. لكن سرعان ما تطوّر الاقتراح، وانهالت الآراء على الرئيس كرامي الذي وجد نفسه، بحسب أحد المتابعين، أمام ورقة سياسيّة تُراكِم البناء فوق تفاهم مار مخايل، مفصّلة أكثر من بند، ومضيفة أكثر من تصوّر حل.
ورغم اعتبار أحد وزراء اللقاء الوطني السابقين أن الموضوع لم يتبلور بعد، والبحث ما زال يدور حول المبادئ العامّة، يقول زميل له، وهو نائب سابق، إن الإعلان النهائي لن يستغرق أكثر من ثلاثة أسابيع، مشيراً إلى نيّة المعارضة تقديم برنامج سياسي يكمل تفاهم التيار وحزب الله السياسي بثلاثة بنود أساسية: أوّلها، رؤية المعارضة الاقتصادية. ثانيها، الموقف المعارض النهائي من قانون الانتخابات. وثالثها، معالجة موضوع الشراكة في الحكم التي ستعتمد أساساً على وثيقة الطروحات المسيحيّة التي قدّمها التيّار الوطني الحر بعد مشاورات مطوّلة مع الفاعليات المسيحيّة. يضاف إلى ذلك تقديم موقف معارض عمليّ واحد من قضايا حسّاسة، ويفترضها البعض خلافيّة، مثل العلاقات اللبنانيّة ـ الفلسطينيّة، واللبنانيّة ـ السوريّة، واستراتيجيّة الدفاع.
أما على المستوى التنظيمي، فستؤخذ كل الملاحظات بعين الاعتبار، وخصوصاً أن اللقاء الوطني الذي اشتكى بعض أعضائه من التهميش وسوء التنظيم ضمن المعارضة، يضع هذه الرؤية التي ستناقشها كل أطياف المعارضة وتتّفق بشأنها قبل الإعلان عنها. وعُلم في هذا المجال أن هناك ثلاثة أجسام تنظيميّة: 1ـ المؤتمر العام الذي يضمّ كلَّ تيارات وشرائح المعارضة (رؤساء المجالس البلديّة، الأندية، رجال الدين...). 2ـ المجلس الوطني الذي سيتألّف من قرابة خمسين عضواً يمثّلون أحزاباً وكتلاً سياسية وشخصيّات بارزة. 3ـ القيادة السياسيّة التي سيتراوح حجمها بين 10 و15 شخصاً هم الممثلون الفعليون لكل شرائح المعارضة، دون استثناء. وسيجتمع هؤلاء دورياً، وعند كل طارئ، ليحدّدوا مجتمعين الأهداف، ويضعوا الخطط.
ويرى النائب السابق أن العمل السياسي الجديد يستند أساساً إلى دمج مكوّنات المعارضة الخمسة الأساسيّة: اللقاء الوطني، لقاء الأحزاب، حركة أمل، التيار الوطني الحر، وحزب الله، بحيث تغدو العلاقة بين كل هؤلاء كما هي اليوم بين الحزب والتيّار. ويوضح المرجع نفسه أن تأخُّر هذه الخطوة جاء نتيجة تحفّظات لدى بعض أطراف المعارضة على مبادئ وأهداف أطراف أخرى، لكنّ الجميع اقتنع في نهاية الأمر بأنّ ثمة ضرورة لورقة واضحة تحدّد ما يُتّفَق عليه. وعلى هذا الأساس، لا يجوز التشكيك في هذا الطرف أو ذاك، أو رفض الجلوس مع طرف ما على الطاولة نفسها.